الجزء الرابع والاخير : سر الالواح والدسر الخالدة

2021/01/17

 
عودتنا الكتب المقدسة أن الرب يترك اثرا من كل عقاب يُنزله على فئة معينة من الناس . فهذا فرعون ترك الرب جسده آية . وتلك عاد لا تزال منازلهم قائمة نمر عليها مصبحين . وثمود والاحقاف وغيرها كل ذلك حتى لا ينسى الانسان اسباب نزول العقاب . ومن هذه الاشياء التي تكفل الرب أيضا بحفظها هي بعض الواح من اخشاب سفينة نوح ( ولقد تركناها آية).(1) 
ولكن المشكلة أين تقع . المشكلة تقع في الامانة العلمية التي لا يتحلى بها من اكتشف هذه الألواح حيث قاموا بنقلها إلى مكان آخر واخفوها هناك طيلة سنين وبعد ان احكموا تدبيرهم بدأت تصريحاتهم عن اكتشاف هذه السفينة وكلها تصب في صالح التوراة اليهودية . 
ولكن مع ذلك فإن ملحقات التوراة بينت لنا الكثير من الاسرار المخفية التي لا يُطلع اليهود عليها أحد فالتوراة حافلة بذكر المركبات والسفن التي كانت تجوب تلك المنطقة وبأوصاف غريبة وقد خرج لنا الدكتور عبد الرحمن البوطي في كتابه أسرار التنّاخ نفيئيم رشونيم (2) بأشياء لم نكن نعرفها لولا مثابرة الرجل وصبره في تتبع اسرار بعض ما جاء في ملحقات التوراة. (3) اضافة إلى ذلك فإن الكثير من هواة الاثار تتبعوا بعض اسرار هذه الاثار من دون اي قصد لأن الهاوي عادة لا يقف احد خلفه بل ينطلق من حافز داخلي يتقحم فيه اسرار الأشياء التي تقع ضمن نطاق هوايته ولذلك خرج لنا هؤلاء ايضا بأسرار لا يمكن المرور عليها من دون أن تلف النظر. 
أما الدكتور عبد الرحمن البوطي فقد بحث في مصادر عديدة وتوصل إلى أن سفينة نوح كان ثباتها عجيبا بوجه الامواج العاتية والسبب كما يراه الدكتور أن السفينة كانت متوازنة بفعل خمس الواح (مقدسة) أو سحرية تم تثبيتها في زوايا معينة منها حفظت توازنها. وهو ما اشار له التناخ في فصل نفيئيم رشونيم (الأنبياء الأوائل) حيث يقول : واعطاه الملاك خمس مسامير من خشب الجنة مكتوب عليها كلمات قدسية لم تغرق السفينة بسببها ولم تهتز . ولكن أفيجدور يقول : ((ليس لدينا ثقة مطلقة أننا توصلنا إلى الهدف ونجحنا في عملية الكشف. بل أخطأنا هنا وهناك ، لكننا نؤمن بأن المنهج سليم ، وأن لدى أركيلوجيا الأدب أن تقابلنا مع فصول مثيرة)) (4) وهو اشارة إلى ما ورد في قصة الطوفان وسبب صمود السفينة. 
ننتقل إلى ما اكتشفه الهواة الأوربيون من خلالها فحصهم لبقايا الألواح التي عُثر عليها والتي جزم الكثير من المحققين بأنها تعود لتلك الفترة لأن الكتابة السامانية التي عليها تعود لزمن نوح ثم انقرضت . فقد وجد احد الهواة مسمارا خشبيا ولواح بطول (14) عقدة وعرضها (10) عقد محفوظان بصورة جيدة ،مكتوب على اللوح دعاء غامض ومسمار من خشب مكتوب عليه أيضا كتابات غامضة ولما تتبع اقول المحققين لهذه اللقط وجد أن هناك خمسة من علماء الآثار الكبار ترجموا هذه الكلمات واتفقوا عليها وترجموها بعفوية ومن دون أي تأثير وبقيت محفوظة مع الألواح .وهم : سوله نوف استاذ الألسن في جامعة موسكو. إيفاهان خنّيو عالم الألسن القديمة في كلية لولوهان بالصين . ميشاتن لو مدير الآثار القديمة في معهد لينين. (5) وآخرون معهم فقد ترجموا الكتابة السامانية إلى عدة مراحل مرت بها اللغة انتهاء باللغة الانكليزية ثم تركوا ذلك مع الاثار ، إلى أن عثر بعض الهواة الشباب عليها ووضعوها بين يدي ا لناس وهي التي ترونها في الصور حيث نشرتها كبريات المجلات الأوربية سنة 1999 ثم اهملت ذكرها مرة أخرى. 
فماذا مكتوب بهذه اللقط الآثارية الخشبية المتحجرة ؟ 
عودتنا الكتب المقدسة بأن الرب هو الذي يكتب كما ورد في هذه الكتب اشارات إلى ذلك مثل قول الرب : سنكتب ، ونكتب . وليس بالضرورة أن تكون الكتابة بالقلم والورق ، بل لربما هو نقش معين لا يُمحى . كما في الكتابة على تلافيف الذاكرة فإنها كتابة يسطرها العقل لا تُمحى حتى وان رقدت في اعماق الدماغ . وقد ذكر الكتاب المقدس ذلك ولكنه جعل الكتابة بيد الرب نفسه بقلم القدرة فقال في سفر الخروج 32: 16 (( واللوحان هُما صنعة الله ، والكتابة كتابة الله منقوشة على اللوحين)).
المسامير واللوح صُنعت من خشب (الجفر) كما في سفر التكوين 6: 14 ((اِصْنَعْ لِنَفْسِكَ فُلْكًا مِنْ خَشَبِ جُفْرٍ)) . والغريب أن علماء الآثار جزموا بأن هذه الألواح مصنوعة من خشب السرو أو الكافور ، وهما من الأخشاب التي لا تتسوس . وعند الذهاب إلى القواميس المسيحية وجدنا أن خشب (الجفر) هو لنوعين من الخشب : السرو ، والكافور . وهذا ما ذهب إليه ايضا القس انطونيوس فكري في تفسيره وكذلك القمص تادرس يعقوب في تفسيره أيضا حيث قالوا : ((من خشب جفر: ربما هو خشب السرو أو الكافور وكلاهما لا يسوس)). (6)
المسمار الوحيد المعثور عليه كان من خشب السرو وبحالة جيدة جدا متحجر وتحجرت الكتابة التي عليه عند تفسير الكلمة التي في رأس المسمار كانت (إيليا) وتحتها دعاء من عدة كلمات سامانية مكتوب فيها : (( أنت السائر مع الاوقات يا إيليا فلتسر معك بأخشابها)). 
وأما اللوح المربع (7) الكبير فقد وجد المترجمون أن الذي كُتب فيه هو كلام ادبي يشبه توسل أو دعاء لطلب السلامة والنجاة وأن فيه اسماء خمسة على ما يبدو انها مقدسة جدا او ((سحرية)) (8) والترجمة هي : أيها العالي فوق كل شيء خلصنا ببركة القدوسين الخمسة الذين خلقت العالم لأجلهم محمد وإيليا وشبر وشبير وفاطمة. 
أنا من ناحيتي كلاهوتية ابحث في تاريخ الاديان عندما اجد نصا يؤيد هذه النصوص التي وردت على لسان غير المسلمين وتعضدها بقوة ، فإني اورد هذا النص ولا انظر لسنده او علله ، لأن العلل إنما جاءت نتيجة الاهواء لربما البغض لأشخاص معينين كما حدث ليسوع عندما بغضه اليهود فرموه بكل منقصة واتهموا امه كذلك . ولذلك فإني وجدت حديثا طويلا (9) ولكني اقتطع منه الجزء المتعلق بالبحث وهو حديث ورد عند الشيعة ولكن بين رجاله من اهل السنة مثل يحيى بن أكثم وهو قول لأحد أحفاد هؤلاء الخمسة المقدسين : (( لولانا لما سارت السفينة)) .
أنظر الصور المرفقة ففيها توضيح اكثر.
ملاحظة : بعد التتبُّع في تاريخ العرب ما قبل الإسلام وحتى زمن الخلق المبكر وجدنا أن الأسماء الأربعة الأولى لم يكن لها أيّ ذكر على الإطلاق آنذاك، ولم تكن معروفة عند عرب الجاهليّة، ولا مَنْ قبلهم. فلم يرِدْ في أيِّ نصٍّ حسب تتبُّعنا ـ ذكرٌ لـ «محمد» أو «عليّ» أو «الحسن» أو «الحسين»، الأمر الذي يمكن أن يكون مؤيِّداً وشاهداً على أنّ هذه الأسماء الأربعة إلهيّة المنشأ وهي معروفة في السماء ولها دوي وصدا هناك. حيث إنّها تشترك مع اسماء الله المطروحة هناك في الجذر الثلاثيّ للكلمة، وهو يمثِّل عادةً قاسماً مشتركاً بين الكلمات المشتقّة منه. وحتى إسم فاطمة فهو أيضا مشتق من اسم الرب الله كما في فرائد السمطين حيث جاء في الحديث القدسي (هؤلاء خمسة شققت لهم أسماءا من أسمائي, لولاهم ما خلقت الجنة ولا النار ولا العرش ولا الكرسي ولا السماء ولا الأرض ولا الملائكة ولا الإنس والجن, فأنا المحمود وهذا محمد, وأنا العالي وهذا علي, وأنا الفاطر وهذه فاطمة, وأنا الإحسان وهذا الحسن, وأنا المحسن وهذا الحسين . (10)
 
المصادر ـــــــــــــــــــــ
1- سورة القمر آية :15.
2- التناخ بالعبرية תנ״ך هو أكرنيم (ت ن خ)(توراه- نڤيئيم- كتوڤيم/ختوڤيم) تمثل الكتاب المقدس اليهودي، وهو أكثر أسماء الكتاب المقدس العبري شيوعاً في الأوساط العلمية. أحياناً يسمى التناخ المقرأ מקרא.
3- وكان اعتماده الاساسي على كتاب (ليس هكذا مكتوب في التناخ ) للمؤلفان يئير زكوفيتش و أفيجدور شنان . وهما استاذا الدراسات التناخية .
4- كتاب : (ليس هكذا مكتوبا في التنّاخ) . يئير زكوفيتش و أفيجدور شنان. الصفحة 25 . 
5- بعض المصادر : مجلة Weekly – Mirror 28 ديسمبر سنة 1953 م، مجلة (الهدى) القاهرة 21 مارس سنة 1954م، مجلة Starof Bartania 23 يناير 1954م،مجلة Manchestor Sunlight 22 يناير 1954 م،مجلة London Weekly Mirror 1 فبراير 1954.
6- القس انطونيوس فكري ، شرح الكتاب المقدس ، سفر التكوين الفقرة 6. 
7- طبعا التفاسير المسيحية تقول بأن ألواح السفينة صنعها نوح على شكل اخشاب مربعة . كما في تفسير القمص تادرس يعقوب نقلا عن القديس أمبروسيوس والقديس أغسطينوس وهو كما جاء في الترجمة السبعينية : ((خشب الفلك من عرائض مربعة )). واللوح الذي كتب فيه الدعاء كان مربعا.
8- طبعا المترجمون كلهم إما علمانيون او ملحدون ، ولذلك لم يجدوا غير كلمة سحرية تملك طاقة او قوة هائلة حمت السفينة من التحطم تحت ضغط الامواج الهائلة. خصوصا وان الكتاب المقدس حافل قصص السحرة كما في قصة موسى وغيرها .
9- يمكن مراجعة الرواية في المصادر التالية : الخوئي، السيد ابوالقاسم، معجم رجال الحديث، ج 21، ص 35. السيد ابن طاوس، الامان من أخطار الاسفار و الازمان، ص 118 و 119، آل البيت، قم، الطبعة الاولي، 1409ق؛ المجلسي، محمد باقر، بحارالانوار، ج 11، ص 328، مؤسسة الوفاء، بيروت، 1404ق؛ عبقات الانوار في أمامة الائمة الاطهار، ج 23، ص 1081. لكهنوي، مير حامد حسين، عبقات الانوار في أمامة الائمة الاطهار، ج 23، ص 1080 و ص 1082 – 1092، نشر مکتبة الامام أمير المؤمنين علي (ع)، اصفهان، الطبعة الثانية، 1366ش
10- فرائد السمطين للجويني الخراساني، ج 1 ص 37. وهو من كتب أهل السنة ، وهناك رواية عن ابن عباس عن طريق الشيعة تشابهها نصا . وهذا يدل على اجماع الفريقين على قدسية هذه الاسماء .
أخترنا لك
الكنيسة والتزوير التاريخي، وصمة عار في جبين البابوية. الاكتشافات الجغرافية نموذجا

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف