الصدوقيون وحربهم على الشيعة الناصرية

2013/04/07

لمحة من تاريخ الذبح على الهوية. 

لعله من أشد مايُثير الحزن أنك ترى فتاة كاثوليكية بعمر الورد تحاول انقاذ حبيبها البروتستانتي من الذبح بأن تشد على ساعده الوشاح الأبيض ، ولكن حبيبها يسحبه بلطف مفضلا الموت على ترك مذهبه . 

لعله من أشد ما يواجهه الانسان في هذه الحياة هو صعوبة التغيير ومن هنا فإن الديانات اكدت على أن هذا التغيير يبدأ من النفس كخطوة أولى نحو البناء الجديد ،وخصوصا فيما يتعلق بالموروث الذي استمر بناءه قرون طويلة حتى أصبح جزء من حياة الناس استقر في الإعماق البعيدة من اللاوعي ولذلك كان طلب التغيير من هذه النقطة ((النفس)) .

دعوة الأنبياء والمصلحين اصطدمت بهذا الجدار الذي سرعان ما يتحول إلى صراع بعد وفاتهم يقسم العقيدة قسمين . قسمٌ يبقى على الموروث وإن تظاهر بالإيمان بالدين الجديد ولكنه يبقى ينطوي على موروث مقيت من العادات والقيم الزائفة التي يأبى أن يتخلى عنها على الرغم من بشاعتها، وقسمٌ يحمل القيم الجديدة ويُدافع عنه بكل غال ونفيس فهو اخلص مع النبي او المصلح ويبقى كذلك حتى بعد وفاته ولكنهم دائما يكونوا القلة أمام الأكثرية التي تأبى التغيير. 

لدى بحثي في كتب الأديان ضمن اختصاصي وجدت أن كل هذه الديانات تعاني من ذلك حيث يكون الانقسام في بدايته شعبتين ثم يتطور ويتوسع إلى أن يصبح عدد الفرق بالعشرات. ولكن مع ذلك تبقى هاتين الفرقتين تُمثلان الحق والباطل، الخطأ والصواب ، وإذا جاز لنا ان نقول : الجنة والنار.

ففي اليهودية كان الصراع محتدما بين الصدوقيون والفريسيون. وفي المسيحية كان الصراع محتدما ايضا بين الصدوقيون والناصريون الذين هم في الواقع الأكثرية من الفريسيين الذين تبعوا عيسى وآمنوا بالدين الجديد . وسوف نأتي على ذلك . 

وفي المسيحية كان الصراع بين الكاثوليك والبروتستانت قد أتى على الأخضر واليابس في حرب طائفية استخدم كل طرف فيها القتل على الهوية وكانت المحنة العظمى هي محنة حرب الثلاثين عاما والتي استخدمت فيها الجيوش الجنود المرتزقة على نطاق واسع، وتم تدمير مناطق بأكملها تركت جرداء من نهب الجيوش. وانتشرت خلالها المجاعات والأمراض وهلاك الملايين من السكان و قد دمَّر الجيش السويدي لوحده 2000 القلاع و 18000 قرية و 1500 مدينة في ألمانيا، أي ثلث عدد جميع المدن الألمانية. ويصف لنا ضراوة هذه الحرب الطائفية ول ديورانت

في موسوعة قصة الحضارة تحت عنوان: إعادة تنظيم ألمانيا هبطت حرب الثلاثين بسكان ألمانيا من عشرين مليونا إلى ثلاثة عشر مليونا، وكان هناك وفرة في النساء وندرة في الرجال. وعالج الأمراء الظافرون هذه الأزمة البيولوجية بالعودة إلى تعدد الزوجات كما ورد في مؤتمر فرنكونيا المنعقد في فبراير 1650 بمدينة نورنبيرغ. وبلغ عدد القتلى من كل الأطراف ثلاث عشر مليونا طيلة ثلاثين عاما.

وهكذا نرى الحرب الطائفية دائرة وبشراسة منذ قرون بين مذاهب البوذية ماهاسانغيكا والستافيرا وبين اهم تيارين في البوذية تيرافادا و ماهايانا . وهكذا بين السيك والهندوس من الداخل والخارج 

وها هي بوادر الحرب الطائفية تعود مرة أخرى ولكن بين الشعوب الإسلامية وبين العرب الاخوة انفسهم ولكنها هذه المرة أعنف لأن كل تجارب الحرب المذهبية الأوربية يتم تطبيقها على أرض الواقع في العالم الإسلامي ومع الأسف فهناك من يستجيب وبشراسة بالغة فيُنكل بالطرف الآخر من دون رحمة بينما الطرف الآخر يدعوا للحوار والتهدئة وعدم الرد. وهذا ما نراه على أرض الواقع حتى لو لم يعجب البعض هذا الكلام ولكنه واقع نحن لا نضحك على عقول الناس . 

ففي كل ديانة يوجد ما يشابه الشيعة والسنة ولكن بتسميات مختلفة. 

فنحن عندنا كما يُطلق علينا أهل الكتاب ايضا هذا الصراع ويوجد أيضا شيعة لفلان وشيعة لفلان 

ففي سفر أعمال الرسل 24 :14 جاء (( وجدنا هذا الرجل مفسدا ومُهيج فتنة بين جميع اليهود الذين في المسكونة، وهو ، مقدام شيعة الناصريين)) (1) ولكن مقدام شيعة الناصريين قال : ((لايستطيعون أن يُثبتوا ما يشتكون به الآن عليّ. لأني حسب الطريق الذي يقولون لهُ شيعة هكذا أعبد الإله مؤمنا بكل ما مكتوب في الناموس والأنبياء ولي رجاء بالله أنا أيضا أدرب نفسي ليكون لي دائما ضمير بلا عثرةٍ من نحو الله والناس )) 

لقد كانت حجة مرجع الشيعة الناصرية أي اتباع يسوع المسيح الناصري قوية خلصته من يد القيصر . ولكن من هم الشيعة الذين اتهموه باطلا وحاولوا قتله ؟ أنهم فئة الباطل التي لم تؤمن بالمسيح ورفضت تعاليمه ووصيه من بعده وحاربت تعاليم النبي الجديدة وكل ما جاء به النبي إنهم الشيعة الصدوقيون كما جاء في سفر أعمال الرسل 5: ((فقام رئيس الكهنة وجميع الذين معه الذين هم شيعة الصدوقيين ، وقد امتلأوا غيرة فألقوا أيديهم على الرسل ـــ شيعة الناصري ــ ووضعوهم في حبس العامة ــ وكان ذنب هؤلاء الشيعة الوحيد هو انهم قالوا ــ : ينبغي أن يُطاع الله أكثر من الناس )).

وهكذا بمجرد أن رحل موسى حتى انبثق شيعة صفوراء بنت يثرون الكاهن كما في سفر الخروج 2: 21 فارتضى موسى أن يسكن مع الرجل فاعطى موسى صفورة ابنته. ووقف شيعتها ورائها صفا في محاربة وصي موسى يشوع فشنوا عليه حربا ضروس وهي تحرض الناس من هودجها وتدفع بهم للقتل.

فشيعة الصدوقيين رفضوا التغيير وبقوا يكتمون الموروث الجاهلي في انفسهم وظهر ما كان كامنا بعد رحيل يسوع المسيح فصبوا جام غضبهم على شيعة الناصري المخلصين الذين تمسكوا بوصي نبيهم من بعده الذي وضع عليه الأيادي وباركه من الرب وبأمر الرب . فأقصوه وحاربوه حربا ضروس أتت على جوهر الدين إلى أن قتلوه وهو يُصلي في محراب كنيسته في قبرص ولكنه اخفى امانة النبي باخلاص. 

1 - مصدر تفسير كلمة ((شيعة الناصري)) شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القس انطونيوس فكري أعمال الرسل 24 - تفسير سفر أعمال الرسل حيث يقول : شيعة الناصريين= فيها استهزاء. ونلاحظ أن اليهود هنا يسمون المسيحية أنها شيعة أي بدعة وضح هنا التلفيق والكذب .واما في تفسير مفردة شيعة الناصري فيقول عنها القمص تادرس : (( هكذا قلبوا الحقيقة)) شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص تادرس يعقوب ملطي أعمال الرسل 24 - تفسير سفر أعمال الرسل

أخترنا لك
نقاش حول موضوع (مختصر دراسة صلب المسيح وقيامته من خلال آيات القرآن الكريم) الاب حنا اسكندر، موقع كتابات في الميزان

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف