جغرافية الكتاب المقدس ، أوهام وأساطير.

2024/09/27

جغرافية الكتاب المقدس ، أوهام وأساطير.
إيزابيل بنيامين ماما آشوري.
في درس جغرافيا الكتاب المقدس في المعهد اللاهوتي السنة الثانية، قال الأستاذ الأب أنطوان شيخو ما نصّهُ : أن أدوني بازق ــ كانت المدينة على اسمه ــ أسر في حربه سبعين ملك ، وقتل ثلاثين ملكا آخر في أرض كنعان. وان السبعين ملكا الذين أسرهم كانوا يأكلون مما يسقط تحت مائدته.(1)
في اليوم التالي وقبل أن يُكمل درس جغرافيا الكتاب المقدس، رفعت يدي. فقال تفضلي. فقلت له : يوم أمس قلت يا جناب الأب أن ادوني بازق قتل أكثر من ثلاثين ملكا وأسر سبعين ملكا آخر في حروبه. فقال نعم قلت ذلك استنادا للكتاب المقدس وما يقوله التاريخ.
فقلت له: ولكني راجعت الكتاب المقدس فوجدت بعض الإشكالات التي لا تتفق وما تقوله هذه المناهج الدراسية.
فقال وما هي ممكن تختصريها.
فقلت له نعم : أولا أن التوراة تقول بأن أدوني بازق شن حربا ولكن أعدائه هزموه وأسروه ومزقوه إربا إربا. ولم ينتصر ولم يأسر ويقتل هذا العدد من الملوك. ودليل ذلك ما يقوله نص سفر القضاة : (ووجدوا آدوني بازق وحاربوه فهرب آدوني بازق وتبعوه وامسكوه وقطعوا أباهم يديه ورجليه). (1) فأين هؤلاء المائة ملك الذين قتل بعضهم وأسر البعض الآخر؟ ثم وضعت بين يديه نسخة كوبي للنص من سفر القضاة.
ثانيا : تقول أن الملوك الذين قتلهم او أسرهم آدوني بازق كان عددهم مائة ملك كلهم في أرض كنعان. ولكن لو نظرنا إلى الخارطة الجغرافية لخريطة الكتاب المقدس لرأينا أن المساحة الكلية لأرض كنعان الواقعة غرب الأردن صغيرة جدا لا تتعدى مساحتها (240) كم طولا و (80) كم عرضا. وهذا يعني أن كل ملك كان يحكم على دولة مساحتها كيلومترين وربع. (2,4). فهل يُعقل أن تكون دولة بهذا الحجم ؟؟ ثم أعطيته خارطة أرض كنعان من الكتاب المقدس.
ثالثا : أين هي مدينة بازق ؟؟ لم يجد أي آثاري أو جغرافي أو مستكشف او رحّالة هذه المدينة ولا آثارها، ومع أن مساحة الأرض صغيرة إلا أنهم لم يجدوا أي اثر لها. وكل ما قالوه عنها هو (الظن) كما يقول القمص إنجيلوس المقاري :(ويظن البعض أنها بزقة التي تقع على بعد نحو ثلاث أميال إلى الشمال الشرقي من جازر).(3).
أخذ جناب الأب الملاحظات التي كتبتها، وقال : سأراجعها وأتحقق منها فهذه ملاحظات جديرة بالاهتمام لو صحت. ولكن الصدمة أن جناب الأب أنطوان لازال مصرا في درس جغرافيا الكتاب المقدس على أن آدوني بازق أسر سبعين ملك وقتل ثلاثين كان كل ملك منهم يحكم على دولة حجمها كيلومترين وربع. (4)
المصادر :
1- حسب رواية التوراة فإن أدوني بازق ملك وثني يعبد الاصنام وتقول التوراة بأنه هو الذي قال : (سبعون ملكا يأكلون تحت مائدتي). ولا مصدر آخر يُذكر فيه هؤلاء الملوك الأسرى وعلى أي دولة كانوا ملوكا.
2- سفر القضاة 1 : 5 ــ 6.
3- تفسير الكتاب المقدس، العهد القديم ، القمص آنجيلوس المقاري ، تفسير سفر القضاة 1.
4- في التوراة لم يذكر من هو آدوني بازق وكأنه ظهر من العدم. ولكن بالرجوع إلى تفسير الكتاب المقدس يقول (بازق: مدينة تقع في سبط يهوذا على بعد 24 كم شمال غرب أورشليم تقدم سبطا يهوذا وشمعون إلى مدينة بازق، وحاربوا الكنعانيين والفرزيين الساكنين هناك، فانتصروا عليهم وقتلوا منهم عشرة آلاف. وأدونى: كلمة معناها السيد. فأدونى بازق معناها ملك أو سيد مدينة بازق.). ولكن بالرجوع للجغرافيا وعلماء الاثار فإنهُ لا وجود لهكذا ملك ولا وجود مدينة بهذا الاسم على الأرض. ولكن يُرجح أن هذه المعارك وهمية يصنعها اليهود لصناعة مجد لهم.فيخترعوا اماكن وشخصيات وحروب لا وجود لها. فهم بارعون في اخفاء هزائمهم والتكتم على خسائرهم. وخلقهم للانتصارات الوهمية غايته التأثير نفسيا على أعدائهم. وهذا ما يفعلونه اليوم.
أخترنا لك
الحسين في أحاديث الشباب.أقوى من كل المغريات

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف