بحث فقه الحب والبغض في الله 18 : المرحلة الثانية في الأدلة على حكم الحب في الله تعالى . المفاد النهائي لنصوص وجوب الحب في الله . في حكم حب المؤمن الفاسق.

2020/06/01

 بسم الله الرحمن الرحيم
الفقه . الدرس ١٨
 السبت ٢٩ شهر رمضان.  ١٤٤١
 الحب والبغض في الله . المرحلة الثانية في الأدلة على حكم الحب في الله تعالى . المفاد النهائي لنصوص وجوب الحب في الله. في حكم حب المؤمن الفاسق .

وهو ما جاءت به النصوص الشريفة العديدة التي إن لم يصح بعضها سندا فهي تصلح مؤيدا ، أو أنها بمجموعها يتحقق بها الوثوق  بصدور مضمونها المشترك فتتم بها الحجة على ذلك .
وهي _ مضافا لما تقدم من الحديث السادس والسابع _ تستفاد من الأحاديث التالية التي قد تكون خالية من اجتماع حجية السند مع وضوح الدلالة  فلا تصلح الا للتأييد :
1_ ما رواه الكليني عن قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيه عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ حَفْصٍ الْمُؤَذِّنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه ع وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه ع أَنَّه كَتَبَ بِهَذِه الرِّسَالَةِ إِلَى أَصْحَابِه وأَمَرَهُمْ بِمُدَارَسَتِهَا والنَّظَرِ فِيهَا وتَعَاهُدِهَا والْعَمَلِ بِهَا فَكَانُوا يَضَعُونَهَا فِي مَسَاجِدِ بُيُوتِهِمْ فَإِذَا فَرَغُوا مِنَ الصَّلَاةِ نَظَرُوا فِيهَا قَالَ وحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْكُوفِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّبِيعِ الصَّحَّافِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَخْلَدٍ السَّرَّاجِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه ع قَالَ خَرَجَتْ هَذِه الرِّسَالَةُ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه ع إِلَى أَصْحَابِه وفيها ( وعَلَيْكُمْ بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّه مَنْ حَقَّرَهُمْ وتَكَبَّرَ عَلَيْهِمْ فَقَدْ زَلَّ عَنْ دِينِ اللَّه واللَّه لَه حَاقِرٌ مَاقِتٌ وقَدْ قَالَ أَبُونَا رَسُولُ اللَّه ص أَمَرَنِي رَبِّي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ واعْلَمُوا أَنَّ مَنْ حَقَّرَ أَحَداً مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَلْقَى اللَّه عَلَيْه الْمَقْتَ مِنْه والْمَحْقَرَةَ حَتَّى يَمْقُتَه النَّاسُ واللَّه لَه أَشَدُّ مَقْتاً فَاتَّقُوا اللَّه فِي إِخْوَانِكُمُ الْمُسْلِمِينَ الْمَسَاكِينِ فَإِنَّ لَهُمْ عَلَيْكُمْ حَقّاً أَنْ تُحِبُّوهُمْ فَإِنَّ اللَّه أَمَرَ رَسُولَه ص بِحُبِّهِمْ فَمَنْ لَمْ يُحِبَّ مَنْ أَمَرَ اللَّه بِحُبِّه فَقَدْ عَصَى اللَّه ورَسُولَه ومَنْ عَصَى اللَّه ورَسُولَه ومَاتَ عَلَى ذَلِكَ مَاتَ وهُوَ مِنَ الْغَاوِينَ ).

وهو يدل على عموم حب المساكين من المسلمين بنحو أكيد ، وعادة لا يخلو هذا العنوان من الذنوب فيتسع موضوع المحبة الى غير المتقين ولكنه يقف عند المساكين .

 ما ذكره النوري في مستدرك الوسائل عن عماد الدين الطبري في بشارة المصطفى : عن محمد بن شهريار ، عن محمد بن محمد البرسي ، عن محمد بن الحسين القرشي ، عن أحمد بن أحمد بن حمران ، عن [ إسحاق بن ] محمد بن علي المقرئ [ حدثنا عبد الله ] عن عبيد الله بن محمد الأيادي ، عن عمر بن مدرك ، عن محمد بن زياد المكي ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن الأعمش ، عن عطية ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، أنه قال له في حديث : أحبب حبيب آل محمد عليهم السلام ما أحبهم ، وابغض مبغض آل محمد عليهم السلام ما أبغضهم ، وإن كان صواما قواما ، وأرفق بمحب آل محمد عليهم السلام ، فإنه إن تزل قدم بكثرة ذنوبهم ثبتت لهم أخرى بمحبتهم ، فان محبهم يعود إلى الجنة ، ومبغضهم يعود إلى النار .

 2_ ما ذكره النوري في مستدرك الوسائل القطب الراوندي في دعواته في كلام له : وأشار الرضا عليه السلام بمكتوبه : " كن محبا لآل محمد عليهم السلام وإن كنت فاسقا ، ومحبا لمحبهم وان كانوا فاسقين " .

ومن شجون الحديث ان هذا المكتوب هو الآن عند بعض أهل كومند قرية من نواحينا إلى أصفهان ما هي ووقعته ان رجلا من أهلها كان جمالا لمولانا أبي الحسن عليه السلام ، عند توجهه إلى خراسان ، فلما أراد الانصراف قال له : يا بن رسول الله ، شرفني بشئ من خطك أتبرك به ، وكان الرجل من العامة ، فأعطاه ذلك المكتوب .

3_ ما رواه النوري في مستدرك الوسائل عن  زيد النرسي في أصله قال : قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام : الرجل من مواليكم ، يكون عارفا ، يشرب الخمر ويرتكب الموبق من الذنب ، نتبرأ منه ، فقال : " تبرؤوا من فعله ، ولا تتبرؤوا منه ، أحبوه وأبغضوا عمله " قلت : فيسعنا ان نقول : فاسق فاجر ، فقال : " لا ، الفاسق الفاجر الكافر ، الجاحد لنا الناصب لأوليائنا ، أبى الله أن يكون ولينا فاجرا وان عمل ما عمل ، ولكنكم تقولون فاسق العمل ، فاجر العمل ، مؤمن النفس ، خبيث الفعل ،طيب الروح والبدن " .

وزيد النرسي وان كان معتبرا لكونه ممن روى عنه ابن أبي عمير ، وابن قولويه في كامل الزيارات بل والقمي في تفسيره _بحسب أغلب الظن فقد ورد فيه البرسي وليس النرسي مع كون عامة القرائن تدل على أنه هو هو _  لكن ابن الوليد طعن بكتابه وذكر ان الهمداني قد وضعه وخطأه ابن الغضائري في ذلك ، وروى عن النرسي الصدوق الذي يقتفي أثر شيخه ابن الوليد في مواضع كثيرة من كتبه مما يقرب أن للكتاب طريقا آخر معتبرا، وذكر النجاشي الكتاب  وذكر طريقه اليه، فقال: زيد النرسي روى عن أبي عبد الله وأبى الحسن عليهما السلام.

له كتاب يرويه جماعة. أخبرنا أحمد بن علي بن نوح قال: حدثنا محمد بن أحمد الصفواني قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن زيد النرسي بكتابه.
وهو طريق صحيح، كما ذكر السيد الخوئي ، كما ان طريق الشيخ اليه صحيح  أيضا.

فزيد النرسي معتبر، وكتابه له طريق معتبر ، وله طريق ضعيف فإذا رُوينا عن كتابه اشتبه علينا الحال ولم يسعنا الأخذ به وإذا روي اليه بالطرق المعتبرة فهو معتبر بلا إشكال .
 
وعليه فالظاهر مما تقدم من تحليل للنصوص وأولوياتها وما تفيده هذه النصوص التي هي بمجموعها تفيد الوثوق ، أو على الأقل تصلح للتعضيد يتبين أن الموالي يستحق الحب في الله ، ولكن لا يسعنا البناء على وجوب حبه بعد أن كانت بعض النصوص في مقام نفي توهم عدم الاستحقاق للحب بسبب الفسق ، فهي أشبه بالأمر في مقام توهم الحظر .

إذن يكون القدر المتيقن مما تمت حجيته من النصوص هو حب الصالحين إيمانا وسلوكا إما بعدم ارتكاب الذنوب أو بالتوبة منها بنحو ثابت ومستمر ولو لفترة يصدق معه أنهم من المتقين فإنه لا يتحقق معنى ( ولي الله ) بدون ذلك ، وأما من يقارف الذنوب مع سلامة العقيدة فهو مستحق للحب جدير به ولم يتم الدليل على وجوب حبه ، واحتماله ليس منجزا لأنه مجرى للبراءة .      

السيد حسين الحكيم

*ملاحظة " بحث استدلالي فقهي رمضاني في موضوع أخلاقي قد تكون فيه أحكام شرعية إلزامية فيها نصوص قرانية وحديثية كثيرة ولكنها لم تأخذ نصيبها المناسب من البحث الفقهي علما أن المدونات لا تمثل الرأي النهائي بل هي خلاصة للمسودة التي تطرح للمناقشة في الدرس"
أخترنا لك
وصية لطالب العلم وقصة

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة