الخرافات عند العرب في الجاهلية قبل الإسلام

2020/09/06

#السيرة (١٥)
#السيرة_١٥

الخرافات عند العرب في الجاهلية قبل الإسلام

لقد كافح النبي ضد الخرافات التي كانت منتشرة بين العرب، ولم يكن يمنع تلك التي تضر بالمجتمع وحسب، بل حتى الخرافات والأساطير التي قد تدعمه، فقد رويَ عن الإمام موسی بن جعفر أنه قال: لما قبض إبراهيم ابن رسول الله (ص) جرت في موته ثلاث سنن، أما واحدة: فانه لما قبض انكسفت الشمس فقال الناس: انما انكسفت
الشمس لموت ابن رسول الله، فصعد رسول الله (ص) المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (ايها الناس، إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجریان بأمره مطیعان له، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا انكسفا أو أحدهما صلّوا)، ثم نزل من المنبر فصلي بالناس الكسوف. فهو (ص) لم يرضَ أن يتأيد بالخرافة.

وكان (ص) يكافح الأوهام والخرافات حتى في طفولته وصباه، فقد رويَ عن حليمة السعدية أنها قالت: (فلما تم له ثلاث سنين، قال لي يوما: يا أماه، مالي لا أرى أخويَ بالنهار؟ قلت له: يا بني انهما يرعيان غنيمات، قال: فمالي لا أخرج معهما؟قلت له: تحب ذلك؟ قال : نعم، فلما أصبح دهنته وكحلته وعلقت في عنقه خيطاً فيه جزع يمانية فنزعها ثم قال لي: مهلاً يا أماه، فإن
معي من يحفظني).

لقد ملأت الخرافات عقول العرب الجاهليين، وكانت سدّاً كبيراً أمام تقدم الإسلام، ومن هذه الخرافات:

١- إشعال النار للإستسقاء: عندما كانت الجزيرة العربية تواجه الجفاف، كان الناس يجمعون حطباً ويربطونها بذيل الثور ثم يسوقونه إلى سفح الجبل فيضرمون النار في حزمة الحطب فتشتعل، ويبدأ الثور يركض ويخور وهم يرون ذلك تقليداً للبرق والرعد، فالبرق النار في الحطب والرعد خوار الثور، ویرون ذلك مفيدة هطول الأمطار!

٢- يضربون الثور لتشرب البقرة: كانوا يرِدون بقطيع البقر الماء وقد يشرب الثور ولا تشرب الأبقار، فيرون ذلك من وجود الجن في قرون الثور فيضربون الثور لتشرب البقر! 

٣- يكوون الجمل السالم لتصح الإبل: كانوا إذا مرضت الإبل وظهر في فمها أو على أطرافها قروح أو بثور، يأتون ببعير سالم فيكوون شفاهه وساعديه وذراعيه، لتصح سائر الإبل كما يتوهمون حسب خرافاتهم، وهذا ليس من باب الوقاية أو العلاج لأنهم يفعلون ذلك بواحد من الإبل بدلاً من
الكل.

٤- يحبسون بعيراً على القبر ليحشر الميت عليه: كانوا إذا مات كبير منهم حفروا قرب قبره حفيرة وحبسوا بها بعيراً وتركوه يموت جوعاً وعطشاً، يزعمون أن الميت يركبه ولا يبقى راجلاً بلا راحلة!

٥- يعقرون بعيراً عند قبر الميت: كانوا إذا مات كريم منهم، يعقر أقرباؤه بعيراً عند قبره تكريماً للميت وثناء عليه! والعقر هو قطع إحدى قوائمه ليسقط ويتمكن من ذبحه.
وهذا مما عالجه الإسلام في إقراره أحكاماً خاصة بحقوق الحيوان، وقد جاء في الحديث: (لا عقر في الإسلام).

٦- تصفيق الضال في الصحراء: فقد كان الرجل إذا ضلّ في الصحراء قلب ثيابه وصفق بيديه!

٧- علاج المرضى: كانوا يرون أن الملدوغ والملسوع لو كان معه شيء من النحاس مات، وكانوا يعالجونها بإناطة عقود وقلائد الذهب والفضة برقبتهما وكانوا يعالجون عضة
الكلب المكلوب (داء الكَلَب) بدم كبير القبيلة أو شيخ العشيرة يضعونه على موضع الجراح!
وكانوا إذا ظهرت على أحد منهم سمات من الجنون لجؤوا لطرد الأرواح الشريرة منه الى عظام الموتر والأقمشة الملوثة بالأوساخ والقاذورات فعلقوها برقبته، ولدفع الجنون عن الجنين والبنين كانوا يعلقون سن الثعلب بخيط فيعلقونها برقابهم، وكانت الأم إذا رأت في فم أولادها بثوراً حملت على رأسها طبقاً وطافت على دور القبيلة فجمعت شيئاً من الخبز والتمر وأطعمتها الكلاب
ليطيب بنوها، وكان نساء الحي يراقبن أبناءهن کیلا يأكلوا شيئاً من ذلك الخبز والتمر فيصابوا بذلك الداء، وإذا استمر مرض أحدهم قالوا انه قتل حيّة أو غيرها من الجن، وللاعتذار من الجن كانوا يصنعون بعيراً من الطين يملأونه بالتمر والحنطة والشعير ویترکونه ببعض شعاب الجبال، فإذا رأوا الحمل بعد ذلك قد تغير شيء منه قالوا ان الهدية قبلت وسيطيب المريض، وإلا قالوا: إنهم استقلوا الهدية فلم يقبلوا بها! وكانوا إذا دخلوا قرية وخافوا الجن أو الطاعون صاحوا في مدخل القرية عشر مرات بصوت الحمير (النهيق) وقد يعلقون برقابهم عظم الثعلب! وكانوا عند السفر يربطون خيطاً بغصن شجرة أو فرعها، فإذا رجعوا ووجدوه کما هو اطمأنوا الى وفاء أزواجهم وعدم خيانتهن لهم، أما إذا فقدوه اتهموا أزواجهم بخيانتهم من ورائهم، وكانوا إذا سقط سن من أسنان أطفالهم رموا به الى جهة الشمس وقالوا: أيتها الشمس اعطينا سنّاً أحسن من هذا! وكانت المرأة التي لا يبقى لها أولادها تطأ القتيل سبع مرات ويرون أن ذلك نافع لها ليبقى لها ولدها بعد هذا!

٨- شق البرقع والرداء للحب: كانوا يزعمون أنه اذا أحب الرجل امرأة وشق برقعها وشقت رداءه يدوم حبهما، وإن لم يفعلوا ذلك فسد حبهما.

٩- خرافات في مجال الغائب: كانوا اذا لم يعرفوا للغائب خبراً، جاؤوا الى بئر أو حصن قديم ونادوا فيه يا فلان ثلاث مرات ويزعمون إن كان ميتاً لم يسمعوا صوتاً، وإن كان حياً سمعوا صوتاً ربما توهموه أو كان صدى.

١٠- اتقادهم في الجن: كانوا يعتقدون أن للجن تأثيراً في حياتهم فيستعيذون بهم، قال الله تعالى: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا)، ومن هذا القبيل اعتقادهم بالغول والغيلان وأنها من الشياطين.

١١- تشاؤمهم بالحيوانات والأشياء: فكانوا يتشاءمون بالعطاس والغراب والثور المكسور القرن، الى غير ذلك من الخرافات والتخيلات العجيبة.

هذه نماذج من الخرافات التي كانت قد خيمت على محيط حياة العرب في عهد الجاهلية فجعلت منه عهد مظلماً أسود ومنعت عقولهم من الرقي والنمو.

المصادر/
١- سيد المرسلين ج١، محاضرات الشيخ جعفر السبحاني بقلم جعفر الهادي.
٢- موسوعة التاريخ الإسلامي ج١، الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي.

Annotation 2020-09-01 174527

Annotation 2020-09-01 174527

Annotation 2020-09-01 174527

أخترنا لك
عدم ملاءمة كون سورة الحمد أو المدّثّر السورة الأولى

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف