السيرة (٤)
من المهم وقبل الدخول في سيرة نبيّنا محمد (ص) الإطلاع بشكل عام على
تاريخ تدوين السيرة، ومن هم كُتّاب السيرة، وما هي مصادرها.
التراث التاريخي للعرب قبل الإسلام:
إن التراث التاريخي العرب قبل الإسلام اشتمل على الأيام التي وقعت
فيها حوادث مهمة، فنقلها العرب شفهيّاً عبر الأجيال، ودوِّن لاحقاً،
وقيل أنهم كانوا ينقلون ذلك غالباً للهواية والترف وإمتاع المستمعين،
وكان المحتوى ذو طابع أدبي أكثر من غيره.
اهتمام الحكّام بالتاريخ:
تخليداً لذكراهم بإعتارهم الأكثر تأثيراً في المجتمع، بالإضافة
لاحتياجهم الى تجارب الماضين، وبالإطلاع على نهج البلاغة، فقد كان
الإمام علي (ع) أول حكّام المسلمين اهتماماً بذلك، فمنها قوله:
(وَاحذُروا مَا نَزلَ بالأُمم قبلكم مِنَ المَثُلات بسوء الأفعال...)،
وكذلك اهتمّ غير واحد من حكّام الأمويين بذلك.
تأثير الكتابات التاريخية لسائر الأقوام على
العرب:
من عوامل تطور التاريخ الإسلامي وجود نصوص تاريخية لسائر الأقوام عند
المسلمين، وبالخصوص نصوص الفرس والبيزنطيين، وقيل أنّ كتب التاريخ
الإسلامية (كاليعقوبي والدينوري والمسعودي والطبري) اخذت عن المصادر
الفارسية، وقيل أنها تأثرت بإسلوبها أيضاً، حيث ترجم ابن المقفع
(المتوفى ١٤٤هـ) وإسحاق بن يزيد عدة كتب فارسية.
أنماط كتابة التاريخ عند المسلمين:
١- السيرة والترجمة، منها ما تناول سيرة الصحابة مثل (أسد الغابة)،
ومنها ما ذكر تراجم الرجال في تاريخ المدن مثل (تاريخ بغداد)، ومنها
صُنّف حسب طبقات المحدثين مثل (الطبقات الكبرى)، ومنها حسب الترتيب
الأبجدي مثل (وفيات الأعيان).
٢- النظرة الأحادية الموضوع في تدوين الوقائع المهمة، تدور مدار
الواقعة، كمصنفات أبي مخنف منها (الجمل) و(صفين).
٣- التقويم والتسلسل الزمني، مثل (البداية والنهاية).
٤- على أساس علم الأنساب، مثل (النسب الكبير).
٥- النقل المُسنَد، مثل (مقاتل الطالبيين).
٦- التاريخ الإقليمي مثل (كتاب البلدان الكبير).
٧- التاريخ الثقافي والاجتماعي، (ربيع الأبرار).
تدوين السيرة:
بدأ تدوين الحديث في اوائل القرن الثاني الهجري بشكل رسمي، وأول محدث
اهتمّ بذلك هو ابن شهاب الزهري (١٢٤هـ) وهناك روايات تدل على أن أبان
بن عثمان بن عفان (٩٦-١٠٥هـ) قام بكتابة السيرة، وذهب الواقدي الى أن
أول من صنف في مغازي النبي (ص) هو عروة بن الزبير (٩٢هـ)، وروت سلمى
زوجة أبي رافع أن عبد الله بن عباس (٦٨هـ)، قد كتب عن زوجها بعض أعمال
الرسول على ألواح، وذكر آغا بزرك الطهراني أن أول من صنف في المغازي
والسيرة هو عبيد الله بن أبي رافع الذي كان كاتباً عند أمير المؤمنين
(ع)، وللإطلاع أكثر راجع المصادر أدناه.
المصادر/
١- سيرة سيد الأنبياء والمرسلين محمد جامع المحامد كلها، رسول
جعفريان.
٢- دروس في السيرة النبوية ج١، الدكتور الشيخ عدنان فرحان آل
قاسم.
الباحث المحقق @Albaaheth