-أزمة الجوازات قائمة وتوجيهات الحكومة لا تجدي نفعا فطوابير
المواطنين تتكدّس في دوائر الجوازات، والقاعات لا تستوعب أحجامهم.
وفي قاعة لا تستوعب أكثر من 50 شخصاً، يقف قرابة الـ250 مواطنا،
حائرين وسط الضجيج، وينتظرون مناداة أسمائهم، لتوجيههم إلى نافذة
معينة، تمثَّل “الفرج” لهم، على أمل أن يقتربوا من إكمال معاملاتهم،
هذا هو الحال في دائرة جوازات صليخ، بالعاصمة بغداد.
فالمقاعد الموجودة بسبب حجم القاعة، لا تتجاوز الـ 30 مقعداً، يحول
حومها المئات من المراجعين متسائلين عن توجيهات رئيس الوزراء محمد
شياع السوداني، ووزير الداخلية، عبد الأمير الشمري، التي صدرت بخصوص
أزمة الجوازات القائمة حتى اليوم.
أحد المواطنين الكبار في السن، سئم المراجعة لإكمال جوازه، وخاطب أحد
المسؤولين ليؤكد أنها المرة الخامسة للمراجعة دون أن يكمل جوازه.
وعندما يذهب للمديرية العامة لم يجد معاملته قد وصلت، ليجيبه المسؤول
أن المشكلة ليست بيده، فالنظام متوقف.
فأغلب المشكلات التي يواجهها العراقيين “بيروقراطية”، محمّلين الحكومة
مسؤولية معاناتهم، و”الإذلال” الذي يتعرضون له، بحسب ما يصفه
بعضهم.
توجيهات تسري على “الوساطات”
“توجيهات السلطات العليا تضرَب بعرض الحائط، ولا ينفّذ منها شيء”.
هذا ما يراه المواطن سجاد السوداني (30 عاما)، مؤكدا: “لو كانت لدي
وساطة، لحصلت على جوازي بسرعة فائقة، كما شاهدت حين دخل بعض الأشخاص،
ويرافقهم موظف أو شرطي، ينجز المعاملة، دون أن ينتظر معنا في
الطوابير”.
ويضيف السوداني: “استبشرنا خيراً، بتوجيهات ابن عشيرتنا رئيس الوزراء
محمد شياع السوداني، بشأن إكمال طبع الجوازات وتسليمها، لكن ما نشاهده
هنا، يترجم حجم الإهمال للتوجيهات الحكومية، والمراجع يعود إلى
الدائرة خمس مرات متتالية ولا يستطيع أن يكمل معاملته، فيبقى حائراً،
ويندب حظه لأنه خلِقَ في العراق”.
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، قال خلال افتتاحه نافذة الجواز
الإلكتروني في 6 آذار مارس الماضي، إن الجواز الإلكتروني الجديد سيسهم
في اختصار نحو 85 بالمئة من الإجراءات الورقية والإدارية، وسيتم
إصداره خلال يوم واحد.
وكان قبل ذلك، في 9 كانون الثاني يناير 2023، وجه، بالتوسع في فتح
المكاتب المختصّة لتقديم الخدمة في الأماكن العامة، وعدم التقيّد
بالموقع الجغرافي، وأن تعتمد خدمة توصيل الجواز للمواطنين عبر البريد
الحكومي، والتأكيد على اختزال الزمن وضغط الإجراءات من أجل تقديم خدمة
متكاملة وسريعة لعموم المواطنين.
ووفق التقارير، فإن حاملي جوازات سفر العراق، يتمتعون بإمكانية السفر
من دون تأشيرة إلى 30 دولة فقط منها سريلانكا ودومينيكا ومدغشقر
وسيشيل، وسيحتاجون إلى الحصول على تأشيرة مسبقة للدخول إلى حوالي 199
دولة من بينها الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي.
كما أنهم سيحتاجون إلى تقديم مستندات داعمة للطلب كالمستندات المطلوبة
لإثبات توفر الأموال اللازمة لتغطية نفقات السفر، وكذلك توفر تذكرة
السفر للعودة.
أزمة الجوازات مؤقتة
المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا، يشير إلى أن “هناك
مشروعا لإصدار الجواز الإلكتروني الذي يحمل مواصفات عالمية، وسرعة
وسهولة وانسيابية بطباعته، وتقليل المعاناة أمام المواطنين، وهذا جزء
من إستراتيجية الحكومة لتخفيف العبء عن المواطنين”.
ويبين المحنا: “بسبب العملية الانتقالية من برنامج إلى آخر، كانت هناك
فترة من الزمن فيها بعض المشكلات بالجوازات السابقة، لكنها بدأت تقل
بسبب استيراد كميات كبيرة من أعداد الجوازات، والإسراع بفتح مراكز
للجوازات الحديثة الإلكترونية”.
مشيراً إلى أن “المشكلة ستقل خلال فترة وجيزة، والزخم الموجود في
المديريات هو مؤقت”.
كما يؤكد قائلاً: “عملية تسليم الجوازات مستمرة”.
فوضى وتدافع
من جانبه، يفيد الصحفي، حسين حاتم، بأن “هذه المشكلة قائمة منذ زمن،
المواطنون يقفون في مختلف الدوائر الحكومية، ويتدافعون حتى يصلوا إلى
نافذة معيَّنة، لكن سُرعان ما يُصرخ بوجههم ليرجعهم إلى مقاعدهم
خائبين”.
ويكمل حاتم: “خذني مثالاً، ذهبت مع صديق إلى مديرية الجوازات قبل
شهرين، من أجل إصدار جواز سفر له، بسبب رحلة علاج.. وجدت فوضى، تدافع
في كل مكان، وصديقي بقيَ ينتظر أكثر من 40 يوماً، لكي يحصل على
جوازه”.
ويطالب “البرلمان بأخذ دوره في هذا الموضوع، كونه جهة رقابية على
السلطة التنفيذية، ورئيس الوزراء بمتابعة تنفيذ توجيهاته، من أجل
إنهاء أي معرقلات تقف بوجه المواطنين”.
ويحتل جواز السفر العراقي حاليًا المرتبة 105 وفقًا لمؤشر جايد
للاستشارات، ويصنف كثاني أدنى جواز سفر مرتبة في العالم، مما يمنحه
درجة تنقل منخفضة جدًا إجمالًا، بحسب ما تقول تقارير الجهات
المختصة.
أزمة الجوازات .. انتقادات برلمانية
إلى ذلك، تنتقد عضو لجنة الخدمات النيابية، مهدية اللامي، “الإجراءات
التي تسبب المعاناة للمواطنين، فدول العالم وصلت إلى مراحل متطورة
بإصدار المعاملات، لكن المواطن العراقي يعاني في مختلف الدوائر وليس
الجوازات فحسب، فهو يعاني حين يحصل على أي مستمسك”.
وتضيف اللامي: “نوجه خطابا إلى وزير الداخلية، بأن ما يحدث في الدوائر
التابعة للوزارة يتعرض المواطن فيها لأذى كبير يحسب عليك أيها
الوزير”.
وتكمل: “على الوزير التفكير جدياً في إدارة الجوازات وبقية الدوائر
الخدمية، التي لديها تماس مع المواطنين، والوزير يجب أن يقدم خدمة
أفضل للمواطن”.
وبشأن ما يحصل، تؤكد اللامي: “نحن نراقب أداء الوزارات، وما نشاهده من
معاناة يمثل تلكؤاً في وزارة الداخلية”.
مضيفةً أن “الوزير يجب أن يكون قريباً من الدوائر ليطلع على معاناة
المواطنين، لأن بعضهم يحتاج إلى السفر بأسرع وقت ممكن”.
يشار إلى أن وزارة الخارجية، أعلنت في وقت سابق، عن بدء التحضيرات
الخاصة برفع درجة تصنيف الجواز العراقي ضمن معايير الجودة العالمية،
ومن أهمها الأمن والاقتصاد.
المصدر: العالم الجديد