حقيقة الايمان التسليم والطاعة لا الانقلاب والعصيان

2021/11/19

  حقيقة الايمان التسليم والطاعة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل على عبده القرآن وجعله للعالمين نذيرا، وداعيا إلى الله وسراجا منيرا، والصلاة والسلام على من اصطفاه شاهدا ومنذرا وبشيرا، وعلى آله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

قال تعالى
٠ (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ٥١ سورة النور
٠ (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ) ٥٢ سورة النور
٠(وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ ۖ قُلْ لَا تُقْسِمُوا ۖ طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) ٥٣ سورة النور
٠ (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۖ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ ۖ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) ٥٤ سورة النور
____________________________

[ ] الآيات - موضع البحث - تشرح موقف المؤمنين إزاء حكم الله ورسوله
فتقول الاية الاولى:-
( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا)

وهذا التعبير يعد من أجمل التعابير المختصر والمفيد ، واذا كان هذا التعبير مقصود المعنى وكان من وراءه اعتقاد تام بمن يقال له ذلك
سمعنا وأطعنا!

[ ] وقد وردت كلمة " إنما " في الآية لتحصر كلام المؤمنين في عبارة سمعنا وأطعنا والواقع أن حقيقة الايمان يكمن في هاتين الكلمتين فقط.
[ ] كيف يمكن أن يرجح شخص حكم شخص آخر على حكم الله، وهو يعتقد بأن الله عالم بكل شئ، ولا حاجة له بأحد، وهو الرحمن الرحيم؟
وكيف له أن يقوم بعمل إزاء حكم الله إلا السمع والطاعة؟

[ ] والاية الشريفة تطرح الوسيلة المثلى لامتحان المؤمنين الحقيقيين ونجاحهم في الامتحان على نحو الحصر
[ ] لهذا تختتم الآية حديثها بالقول: (وأولئك هم المفلحون ولا شك وريب في أن الفلاح والفوز نصيب الذي يسلم أمره إلى الله، ويعتقد بعدله وحكمه في حياته المادية والمعنوية.
[ ] فالتسليم والتوكل على الله سبحانه من توفير المقدمات المطلوبة من الامور المطلوبة في حياة كافة المؤمنين وفي جميع حالات وامور الانسان ومتطلباته
[ ] لا مثل ذاك الذي ضاعت بغلته في السوق واخذ يصيح سرقوا حماري سرقوا حماري فعندما سنعه النبي صلى الله عليه وآله ، قال له واين تركته ؟ قال تركته في مكان في اول السوق قال عقلته ؟ فقال لا يارسول الله بل توكلت  على الله وتركته!!
فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله اعقلها وتوكل

[ ] و ينقل في هذا المجال ان ملكا امر جنده وحاشيته ان يأخذوا الملكة في جولة لاحد ولايته ، فعندما دخلت السوق لاحظت سائلين متقابلين ، فعندما مرة بينهما سالتهما ماذا تفعلان على قارعة الطريق
فقالا فقيران يسألان الناس فقال الاول عندما عرف انها الملكة توكلت على الملكة في قضاء حاجتي
وقال الاخر توكلت على الله
فأمرت حاشيتها ان اعطوا الاول دجاجة مشوية محشوة بعشرة دنانير ذهبية لمدة عشرة ايام
واعطوا الثاني كل يوم درهما واحدا
وبعد عشرة ايام جاءت الى نفس المكان
وعندما شاهدت السألان قالت للاول الى الان تشحذ وتسأل الا استغنيت مما اعطيناك فماذا فعلت بالدجاجات
فقال ياسيدتي انت اعطيتي الدجاج لمن ليس له عيال ، واعطيت المال لمن يحتاج الدجاج لعيالة
فانا عندما كانوا يأتوني بالدجاجة في كل يوم ابيعها صاحبي السائل بالدرهم الذي تعطينه له وهو يأخذ الدجاجة لعياله
فقالت لحاشيتها علي بذلك السائل فجاءوا به امام الملكة فسألته عن حاله فقال بحمد الله انا على احسن حال ، فانا قد توكلت على الله فلم يخذلني سبحانه
فايقنت الملكة حينها بان في التوكل على الله الفوز والفلاح

[ ] وتابعت الآية الثانية هذه الحقيقة بشكل أكثر عمومية، فتقول: ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فأولئك هم الفائزون.
وقد وصفت هذه الآية المطيعين المتقين بالفائزين، كما وصفت الآية السابقة الذين يرضخون لحكم الله ورسوله بالمفلحين.

[ ] والكلام في الآية السابقة كان عن الطاعة بشكل مطلق، وفي الآية قبلها عن التسليم أمام حكم الله، وأحدهما عام والآخر خاص، فنتيجة كليهما واحدة.
وما يستحق الملاحظة هو أن الآية الأخيرة ذكرت ثلاثة أوصاف للفائزين:
هي: طاعة الله والرسول، وخشية الله، وتقوى الله.
وقال بعض المفسرين: إن الطاعة ذات معنى عام، والخشية فرعها الباطني، والتقوى فرعها الظاهري. وقد تحدثت أولا عن الطاعة بشكل عام، ثم عن باطنها وظاهرها.(١)
وروي عن الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: أولئك هم المفلحون قال: " إن المعني بالآية أمير المؤمنين (علي (عليه السلام)) " (٢).
ولا خلاف في أن عليا (عليه السلام) خير مصداق لهذه الآية، وهذا هو المراد من هذا الحديث فلا يفقد الآية عموميتها.
[ ] كيف لا وطالما وقف النبي (ص) على باب علي وردد قول الله تبارك وتعالى ( انما يريد ان يذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا ) ، ينقل انه (ص) كرر ذلك ستة اشهر (٣)، افيعد ذلك صدفة ، او لغوا من الحكيم - حاشا - ان ذلك ان دل على شي فانما يدل على مزيد عناية بهذا البيت الطاهر وليبين للمسلمين عظم هذه الباب ومنزلة هذه الدار
[ ] وحركة النبي الاعظم هذه تلمح الى ان هناك امرٍ سيحدث بعده (ص) ، وفعلا فبمجرد ان اغمض النبي الاعظم (ص) عينيه انقلب المنقلبون المنافقون ، الذين كانوا من حينها في ايام رسول الله ، مشككون ومرتابون ، وحاسدون ومبغضون لاهل بيته ، وتحركوا من بعده لاغتيال بضعته بدم بارد ، ليقضوا عليها لان لديها قداسة عالية في قلوب المسلمين ، ومع كل ما صنع النبي (ص) وقاله في حياته تجاه ذلك البيت الطاهر
وهو القائل باب فاطمة بابي وحجابها حجابي
ومع ذلك نجد انه عندما هجم من هجم على الباب وقيل له ان في البيت فاطمه قال وإن وحدث ما حدث وانتهكت حرمة ذلك البيت الطاهر .
[ ] والمشهد الذي يوقف الغيور ، ويكمد القلب ، يوم تنحي علي امير المؤمنين (ع) وبكاءه وهو يغسل الزهراء عليها السلام، فقالت له اسماء سيدي انتم توصونا بالصبر ، فقال يا اسماء نعم ولكن ، وانا اغسلها مرت يداي على ظلعها المكسور وكيف انها تحملت ذلك الكسر في ضلعها
[ ] ومشهد آخر يدمي القلب يوم امر علي بعد اكمال تجهيز الزهراء عليها السلام اولاده بان يأتوا ويتزودوا من امهم الزهراء يقول جلس الحسن على يمينها والحسين على شمالها وزينب القت بنفسها على صدرها وبدءوا يكلمون امهم الزهراء ، يقول امير المؤمنين بالعيش الذي عاشه رسول الله رأيت فاطمة حنت وانت وفتحت باعها لاولادها
فسمعت هاتفا في ااسماء يقول ياعلي نحي الاولاد عن امهما فلقد ابكيا ملائكة السماء
___________________________ عائد الغانمي 
(١) تفسير الامثل
(٢)تفسير نور الثقلين المجلدالثالث ص ٦٦٦
(٣ )تاريخ ابن عساكر ١: ٢٧٢، ٢٧٣ ، ٢٧٤
احاديث : ٣٢٠، ٣٢١ ،٣٢٢
اسد الغابة ٧: ٢٢٣




FB_IMG_1637324560633

أخترنا لك
الاسلوب البلاغي في مواعظ امير المؤمنين عليه السلام/ كلماته القصار إنموذجا ج٢

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف