أس الفساد النفاق

2021/11/13

أس الفساد النفاق !!!

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أكرمنا بهدايته لدينه وألهمنا معرفة أنبيائه وحججه، والصلاة والسلام على سيد رسله محمد وآله الطاهرين واللعنة على أعدائهم إلى يوم لقائه.

قال تعالى
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ) ٢٠٤البقرة
(وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ) ٢٠٥البقرة
(وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ۚ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ ۚ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ) ٢٠٦ البقرة


ذكر في سبب نزول هذه الآيات
[ ] أن هذه الآيات نزلت في (الأخنس بن شريف) وكان رجلا وسيما عذب البيان يتظاهر بالإسلام وحب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان كلما جلس عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أقسم بالله على إيمانه وحبه للرسول، وكان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يغدق عليه من لطفه وحبه كما هو مأمور به، ولكن هذا الشخص كان منافقا في الباطن وفي حادثة نزاع بينه وبين بعض المسلمين هجم عليهم وقتل أغنامهم وأباد زرعهم (وبهذا أظهر ما في باطنه من النفاق) (١).

[ ] وبالعموم تبين هذه الايات مصير المفسدين في الأرض:
الآية الأولى تشير إلى بعض الناس حيث تقول:-
(ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام)
بإشارة وكناية الى ذو الوجهين وذو اللسانين ، وهو المنافق
*وهو الذي يقول عنه الله تبارك وتعالى :-
(إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا) (٢).
- وجاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): يجئ يوم القيامة ذو الوجهين دالعا لسانه في قفاه، وآخر من قدامه، يلتهبان نارا حتى يلهبا جسده، ثم يقال له: هذا الذي كان في الدنيا ذا وجهين وذا لسانين، يعرف بذلك يوم القيامة (٣).

و(ألد) تأتي بمعنى ذو العداوة الشديدة، وأصلها من (لديد) التي يراد بها طرفي الرقبة وكناية عن الشخص الذي يغلب الأعداء من كل جانب.
و (خصام) لها معنى مصدري وهو الخصومة والعداوة.

[ ] ثم تضيف الآية التالية بعض العلامات الباطنية لعداوة مثل هذا الإنسان وهي:
(وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد)

[ ] نعم، فإن الله سبحانه وتعالى يفضح هؤلاء ويكشف سريرتهم، لأن هؤلاء لو كانوا صادقين في إيمانهم وإظهارهم المحبة لما أفسدوا في الأرض مطلقا ولما اعتدوا على مزارع الناس وأغنامهم بدون رحمة أو شفقة، فبالرغم من أن ظاهرهم المحبة الخالصة إلا أنهم في الباطن أشد الناس قساوة ووحشية.

واحتمل كثير من المفسرين أن المراد بقوله (إذا تولى) أي إذا حكم، لأن

التولي من الولاية بمعنى الحكومة، فيكون معنى الولاية حينئذ أن المنافقين إذا حكموا في الأرض أهلكوا الحرث والنسل وأشاعوا الظلم بين عباد الله، وبسبب ظلمهم وجورهم كل شيء
.
و(حرث) بمعنى الزراعة، (نسل) بمعنى الأولاد، وتطلق أيضا على أولاد الإنسان وغير الإنسان، فعلى هذا يكون إهلاك الحرث والنسل بمعنى إتلاف كل الموجودات الحية أعم من الأحياء النباتية والحيوانية والإنسانية.

وذكر لمعنى الحرث والنسل تفاسير أخرى منها: أن المراد بالحرث هو النساء بقرينة الآية الشريفة نساؤكم حرث لكم والمراد بالنسل هم الأولاد، أو يكون المراد من الحرث

هنا الدين والعقيدة والنسل الناس (وهذا التفسير هو الوارد في الحديث الشريف عن الإمام الصادق (عليه السلام) المذكور في مجمع البيان).

[ ] وعلى كل حال فإن التعبير بهلك الحرث والنسل كلام مختصر وجامع لكل المصاديق حيث يشمل الإفساد والتخريب بالنسبة للأموال والنفوس في المجتمع البشري.
[ ] والآية الأخرى تضيف وتقول ( وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم)
يعني تشتعل في قلبه نيران التعصب واللجاج وتجره إلى المعصية والإثم.
فمثل هذا الشخص لا يستمع إلى نصيحة الناصحين ولا يهتم للإنذارات الإلهية، بل يستمر على عناده وارتكابه للآثام والمنكرات مغرورا، فلا يكون جزاءه إلا النار، ولذلك يقول في نهاية الآية فحسبه (جهنم وبئس المهاد)

.وفي الحقيقة أن هذه هي أحد الصفات القبيحة والذميمة للمنافقين حيث أنهم لا يستسلمون للحق بسبب التعصب والتحجر وقساوة القلب، وهذه الصفات الذميمة تبلغ بصاحبه إلى أعلا درجات الإثم، وهذا مثله مثل الأخشاب اليابسة المنحرفة لا تستقيم إلا بنار جهنم.

٠وذهب بعض المفسرين إلى أن الله عز وجل وصف هؤلاء الأشخاص بخمس صفات في الآيات المذكورة آنفا، الأولى: أن كلامهم يخدع الإنسان

٠الثانية: أن قلوبهم ملوثة ومظلمة، ٠الثالثة: أنهم ألد الأعداء.
٠الرابعة: أنهم إذا سنحت الفرصة فلا يرحمون أحدا من الإنسان والحيوان والزرع.
٠الخامسة: أنهم وبسبب الغرور والتكبر لا يقبلون أية نصيحة.
____________________________
(١)تفسيرالامثل
(٢ ) سورة النساء ١٤٥
٣ كتاب الخصال ٣٨/ ١٦



٢٠٢١١١١٣_٢٢٢٤٥٢

أخترنا لك
الاختلاف ابتعاد عن ولاية الله سبحانه وولاية من ولاّهم

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف