قال الله تعالى في محكم كتابه وجليل خطابه :-
(فَقُولَا لَهُۥ قَوۡلٗا لَّيِّنٗا لَّعَلَّهُۥ يَتَذَكَّرُ
أَوۡ يَخۡشَىٰ )٤٤ طه
(قَالَا رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفۡرُطَ عَلَيۡنَآ
أَوۡ أَن يَطۡغَىٰ ) ٤٥ طه
(قَالَ لَا تَخَافَآۖ إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسۡمَعُ
وَأَرَىٰ ) ٤٦ طه
تثير الايات الشريفات قصة موسى وهارون مع فرعون القصة المعروفة، والرسالة التي كلف الله بها موسى وهارون في ان يبلغاها لفرعون ثم تبين الايات مناشئ الخوف من فرعون ومنشأ الاطمئنان الذي لابد ان يمتلكه كل من موسى وهارون .
ومن هذا الدرس القرآني ابين مناشئ الخوف والاطمئنان وفق المنظور الديني اجمالا بعدة نقاط :-
١- إن ما يخافه الانسان من الطواغيت والظلّام هو ما خافه موسى
وهارون عليهما السلام من فرعون ، وهو خوف الإفراط عليهما والطغيان ،
وهي مناشئ طبيعية لدى أي إنسان ، لأن من طبيعة البشر وفطرته أن
يتجنب الأذى من الغير من دون مبرر ، أو ربما يوجد مبرر شرعي وعقلي
ولكن يوجد طريق آخر يؤدي نفس الغرض بأقل تضحية .
مناشئ الخوف هذه قد بددها الله تعالى فقال لموسى وهارون
عليهما السلام ( إنني معكما أسمع وأرى ) ، فما دام الله يسمع
ويرى وما دام الله هو الحافظ وبيده كل شيء وبيده الخير كله وقد
تسببت بلطفه الأسباب فلا داعي للخوف رغم أنه أمر طبيعي ، خاصة لمن
يتصدى لمسؤولية الإصلاح والدعوة الى الله ومواجهة الجبابرة والطغاة
، إلا أن الله لا يترك عبده لقمة سائغة لعدوه .
٢‐ وهنا لا بد من ذكر أمر مهم ، وهو أن حفظ الله للمؤمن
باعتباره يسمع ويرى لا يعني بالضرورة بقاء ذلك العبد على قيد الحياة
هي النتيجة دائماً ، لأن الانسان لم يخلق ليعيش ، ولكن ما دام الله
يسمع ويرى ما يقوم به العبد من إجل إحياء كلمة الله وفق ما أراده
الله أسلوباً وغاية فلا خوف على ذلك العبد ، لأن المؤمن لا
يتوقع من الله أن يراه ويسمعه وهو في خطر ولا يقدّم له ما هو خير له
، وقد يكون الخير له هو حسن العاقبة والموت على الإيمان ، لذلك قد
يتعرض المؤمن الساعي لرفع كلمة التوحيد وإقامة دين الله في الأرض
الى خطر تحت مرأى ومسمع الباري عز وجل ولكنه - اي العبد - في مأمن
من عقوبات الآخرة وحسابها فيدخل الجنة بإذنه تعالى .
٣-وهنا وضمن هذا المنهج الفرعوني وهو الافراط والطغبان
الذي تقوم به دويلة الشر والكيان الغاصب وبمساندة دول الشر الكبرى
امريكا وبريطانيا وغيرها من دول اوربا الخانعة للكيان ، كما
اتضح زيف الادعاءات الظالة التي ترددها الدول
الكبرى
وما المنظمات الدولية الا أكذوبة...
فمجلس الأمن الدولي ، ومنظمة الأمم المتحدة ، ومنظمة حقوق
الإنسان ، وجامعة الدول العربية ، وغيرها من العناوين الأخرى ذات
البريق اللامع ، والوقع الذي يبهر السامع ، ماهي إلا أدوات تخدير
حتى تسيطر فيها الدول المتجبرة على الدول الصغيرة والمجتمعات
الفقيرة ، وتبقى تحت سطوتها ومن أجل خدمة مصالحها ، ويبقى الفقر
والجهل والتخلف والأمراض سادة الموقف في مجتمعات هذه الدول المغلوب
على أمرها ، مع ماتملك من ثروات طبيعية هائلة...!!!
ولذلك نصّبوا على هذه الدول حكام خونة خانعين اذلاء جبناء ،
واوهموا الشعوب بمبادىء حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية ، فكلما
شعروا بأن أحد هؤلاء الحكام يريد الخروج عن الطاعة هددوه بتلك
المبادىء الزائفة...!!!؟؟؟ .
فمتى يستيقظ النائمون من سباتهم ، وينتبه الغافلون من غفلتهم
، ويستيقن الأحرار أن جبروت هذه الدول ما هو إلا اكذوبة ، وأن
بنيانهم أوهن من بيت العنكبوت...!!!؟؟؟
٤ - ان ما نحتاجه اليوم هو الوعي والفهم
والإدراك لما يجري من حولنا…
هذا ما نحتاجه فقط.
لان الماكنة الاعلامية الضخمة التي يمتلكها العدو قد تؤثر
خصوصا وانهم يعرفون كيف يضللون الاخرين ويزيفون الحقائق فكم من
خديعة وكلمة زائفة اخذت مأخذها منا وأنسقنا حولها وجرت الدماء
بسببها ،
وفي المواقف والمنعطفات الحساسة يكون الاختبار الحقيقي للورع
هو ان نلغي قناعاتنا وعواطفنا ونستبدلها بقناعات المرجعية
ومواقفها الدينية فهي من تحدد لنا الموقف والوظيفة وفق الرؤية
الشرعية وليس وفق التأثر والعاطفة والنظرة المحدودة .