الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف مخلوقاته محمد (صلى
الله عليه وآله) وعلى أهل بيته وأوصيائه الأطيبين ، الذين اختارهم
الله من دون عباده وفضلهم على سائر خلقه أهل الذكر وأولي الأمر سيما
خاتم الأوصياء بقية الله الأعظم، صاحب العصر والزمان المهدي المنتظر
(سلام الله عليه وعجل الله فرجه الشريفة
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب
الحسبن ورحمة الله وبركاته
قال الله العزيز الحكيم في محكم كتابه الكريم:
(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ
فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) الكهف ١٣
أُجمل الحديث في عدة نقاط :
١- ان حياتنا لاتخلو عن ثلاث صفحات :-
ماضٍ ، وحاضرٍ ، ومستقبلٍ
- فاما الماضي فصفحة انطوت بخيرها وشرها ولم يبق منها الاتبعاتها
وذكرياتهاالحلوة والمرة
- واما الحاضر فهو صفحة الايام التي نحن فيها بما يحيطها من يسر
وعسر وآلام وافراح واعمال ومسؤوليات وتوضيف وفشل
- واما المستقبل فصفحة ايامنا الاتية بما تحمل من آمال وتطلعات
وفي الغالب ينظر كلُ منا الى هذه الايام نضرة امل وتفاؤل
واستبشار
٢- وباطمئنان نقول : لولا التفكير بالمستقبل والتطلع نحوه لتوقفت
عجلة الحياة عن الدوران ، ولجفت ينابيع الحركة في الكائنات اجمع
ولتحول الكون الى مقبرة واسعة
٣- عندما يقول الله تبارك وتعالى ( نحن نقص عليك نبائهم بالحق )
السوأل الذي يتبادر هو لمّ قال الله سبحانه هذه الجملة عندما اراد
ان يفّصل في قصة هولاء الفتية ؟
الباري سبحانه اراد لفت النظر الى ان هذه القصة تقص من قبلي ، لا من
اي احد فالقصص تختلف كما هواضح من شخص لاخر ، فهذه القصة ليست قصة
خرافة ، وقصة امتدت اليها يد التزوير
وانما قصة حقيقية واقعية لفتية ثبتوا ولم يتزلزلوا عن الحق
٤- ويوجد لفت نظر اخر في الاية الشريفة وهو ان هولاء ( فتية ) شباب
وفي هذا اشارة واضحة الى ان الانسان الذي يكون في هذه المرحلة لدية
الاستعداد والقابلية لقبول نور الحق ، وهو منبع للحب والسخاء
والعفة
لذا نجد ان مما اثار سادة وكبار وشيوخ قريش على رسول الله (صلى عليه
وآله وسلم ) إقبال ابنائهم الشباب على دعوته ، وقد قالوا ذلك
بالصراحة عندما شكوا رسول ص الى عمه ابي طالب ع قالوا: ( إن ابن
اخيك قد سب آلهتنا وسفه احلامنا وافسد شبابنا )
٥- اننا نجد ان من الطبيعي جدا في واقعنا المعاش اليوم ان يستهدف
الشاب بكل شيء في البس وفي استمالته الى العلمنه وفي المثلية ، وفي
قلب فكره الى الالحاد
لان هناك جملة من الاسباب الموضعية تجعل مثل هولاء وخصوصا قوى
الاستكبار لان يولدوا قناعات لدى الشباب لحرفه عن قيمه وعقيدته
ومبادئه وما ارتسم في عقله من عادات
اولا : ان الانسان في مرحلة الشباب يبدأ وعي الانسان بالتشكل ويتفتح
التفكير لديه على الحياة فترتسم في لوحة عقله عدة تسألات
تطرحها عليه فطرته ،ويثيرها عقله ولابد من وجود من يلبي هذه الفطرة
بالاجابة على كل تسألاته واستفهاماته
لذا تجد انهم يستهدفون الشباب ليقودوهم بما سمى بالعقل الجمعي او
سياسة القطيع وغيرها وغيرها
٦- وقطعا لايوجد غير الدين من يقدم اجابات واضحة تنسجم مع فطرة
الشباب ، ولكن بشرط ان من يقوم بهذا الدور حملة الدين الحقيقين
المخلصين الذين نذروا انفسهم لطرحه كما هو على الناس
ثانيا: لان الشاب مرهف المشاعر والاحاسيس صافي الفكر والسريرة ، لذا
تراه يتحمس بسهوله ولعله يتسرع لسد الضعف وألثغرات في الواقع
الاجتماعي ، لانه يفكر في بناء مستقبله وحياته ضمن هذا الواقع
الاجتماعي
ثالثا : ان المؤثر الكبير في المجتمع والذي من خلاله ينتفض المجتمع
على الذات ، وبه يحصل التجديد هم شريحة الشباب اذ هم من يمتلك روحية
المغامرة والطموح ، واقتحام المجهول بحثا عن الافضل
وفي الحقيقة انه لايجد افضل من مفاهيم الدين وعقائده وتعاليمه
وشعائره وتراث نبيه ص والائمة ع ، لاصلاحه ومنعته وثباته
٧- فتبرز الحاجة الى وجود العوامل التي تنتشل الشباب نحو الدين
وقيمه
وهي :
١ - وجود الاستعداد والتهيؤ الذاتي
٢- بيئة تولد هذا الاستعداد والتهيؤ
٣- وجود الاسوة واول اسوة لنا نبينا الاعظم (صلى الله عليه واله)
وامتداده الطبيعي اهل بيت الرحمة من بعده
وقد ركزت بيانات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) واهل البيت
(عليهم السلام) على الشباب
منها : جاء عن النبي (ص) ان الله تعالى يحب الشاب التائب )
ومنها : (ما من شاب يدع لله الدنيا ولهوها واهرم شبابه في طاعة الله
الا اعطاه الله اجر اثنين وسبعين صديقا )
٨- وثورة الحسين (عليه السلام ) الاصلاحية التي هدفها تغيير الواقع
الذي كانت عليه الامة انذاك ، قد تنوعت في تقديم صور بهيئة للاسلام
،اشترك في تقديمها كل شرائح المجتمع وابرز هذه الشرائح هي شريحة
الشباب
اذ ان اول شاب قد قدم اروع الصور والمشاهد التي لاتزال تردد في كل
مجلس للحسين ع عند الحديث عن الشباب وهو شاب ن شبان آل محمد ص وهو
علي الاكبر ع
ذكر ارباب المقاتل ياخوة
انه لما قتل اصحاب الحسين ع ولم يبق معه الا اهل بيته ، تقدم ولده
علي الاكبر فأستاذن اباه لينزل الى ساحةالمعركة
فنظر اليه الامام ع نظر آيس وارخى عينية بالدموع واطرق برأسه الى
الارض لئلا يراه العدو فيشمت به ، علي الاكبر الذي كان اشبه الناس
برسول الله ص خلقا وخلقا ومنطقا وكانوا اذا اشتاقوا للنبي ينظرون
الى علي الاكبر
وذكر بعض ارباب المقاتل انه ع قال لعلي الاكبر ولدي علي اليّ اليّ
اودعك وتودعني واشمك وتشمني ، فأعتنق الحسين ولده وجعلا يبكيان
.
ومشاهد العشق الالهي في عاشوراء الحسين ع كثيرة
وتحمل دلا لات ومضامين عالية من كل الفئات والشرائح التي كانت بموكب
الامام ع
٩- ان البغاة وابناء الطلقاء بقتلهم ريحانة النبي ص القرآن الناطق
في سويعات ، ظل منتصرا من ذلك الحين والى يومنا و الى يوم يبعث
الناس اجعين كيف لا وهو الحق وضحى بكل ما يملك للحق .
وياتي اليوم هذا النزق الزنيم متوهما انه بحرق نسخة من كتاب الله الكريم انه يقضي على دين باكمله او على كتاب سماوي محفوظ بقدرة الله ، وهو البعيد بفعله هذا عرف العالم بمكانة القرآن وتجرأ على الرحمان ، اذ ان الناس عرفة قدر القران الكريم ، وهو تهاوى الى الخسران