المنافقون خارجون عن دائرة الطاعة

2023/05/21

المنفقون خارجون عن دائرة الطاعة
(الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ۚ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ۗ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) ٦٧ التوبة

١- هناك سبعة موارد تقريبا ذكرت المنافقين بالصراحة في القران وسورة كاملة عُقدت حول بيان صفات وعلامات وسلوك المنافقين
واكبر مشكلة واجهت الاسلام ، وواجهت الانسانية عموما ، في جسدها المجتمعي هي مشكلة النفاق والمنافقين ، ولازالت هذه المشكلة قائمة ولايمكن ان تجتث من الجسد المجتمعي الا على يد الامام الغائب الحاضر (عج ).
وقد بذل النبي الاكرم ص جهودا كبيرة في تربية الامة وتحذيرها من النفاق ،

٢- وهذه الآية وما بعدها تشير إلى أمر كلي في المنافقين،
وماهو هذا الامر الكلي ؟
وهو أن روح النفاق يمكن أن تتجلى بأشكال مختلفة وتبدو في صور متفاوتة بحيث لا تلفت النظر في أول الأمر، خصوصا أن روح النفاق هذه يمكن أن تختلف بين الرجل والمرأة، لكن يجب أن لا يخدع الناس بتغيير صور النفاق بين المنافقين، المنافقين يشتركون في مجموعة من الصفات تعتبر العامل المشترك فيما بينهم، لذلك يقول الله سبحانه: المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض.
وبعد ذلك يشرع القرآن الكريم في ذكر خمس صفات لهؤلاء:
الأولى والثانية:
إنهم يدعون الناس إلى فعل المنكرات ويرغبونهم فيها من جهة، ويبعدونهم وينهونهم عن فعل الأعمال الصالحة من جهة أخرى يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف أي أنهم يسلكون طريقا ويتبعون منهاجا هو عكس طريق المؤمنين تماما، فإن المؤمنين يسعون دائما - عن طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - إلى أن يصلحوا المجتمع وينقوه من الشوائب والفساد، بينما يسعى المنافقون إلى إفساد كل زاوية في المجتمع واقتلاع جذور الخير والأعمال الصالحة من بين الناس من أجل الوصول إلى أهدافهم المشؤومة، ولا شك أن وجود مثل هذا المحيط الفاسد والبيئة الملوثة ستساعدهم كثيرا في تحقيق أهدافهم.

الثالثة: إن هؤلاء بخلاء لا يتمتعون بروح الخير للناس فلا ينفقون في سبيل الله، ولا يعينون محروما، ولا يستفيد أقوامهم ومعارفهم من أموالهم، فعبر عنهم القرآن: ويقبضون أيديهم ولا شك أن هؤلاء إنما يبخلون بأموالهم لأنهم لا يؤمنون بالآخرة والثواب والجزاء المضاعف لمن أنفق في سبيل الله، بالرغم من
أنهم كانوا يبذلون الأموال الطائلة من أجل الوصول إلى أغراضهم وآمالهم الشريرة الدنيئة، وربما بذلوها رياء وسمعة، لكنهم لا يقدمون على البذل على أساس الإخلاص لله سبحانه وتعالى.
الرابعة: إن كل أعمالهم وأقوالهم وسلوكهم يوضح أن هؤلاء قد نسوا الله، والوضع الذي يعيشونه يبين أن الله قد نسيهم في المقابل، وبالتالي فإنهم قد حرموا من توفيق الله وتسديده ومواهبة السنية، أي أنه سبحانه قد عاملهم معاملة المنسيين، وآثار وعلامات هذا النسيان المتقابل واضحة في كل مراحل حياتهم، وإلى هذا تشير الآية: نسوا الله فنسيهم.
وهنا نود الإشارة إلى أن نسبة النسيان إلى الله جل وعلا ليست نسبة واقعية وحقيقية - كما هو المعلوم بديهة - بل هي كناية عن معاملة لهؤلاء معاملة الناسي، أي إنه لا يشملهم برحمته وتوفيقه لأنهم نسوه في البداية، ومثل هذا التعبير متداول حتى في الحياة اليومية بين الناس، فقد نقول لشخص مثلا: إننا سوف ننساك عند إعطاء الأجرة أو الجائزة لأنك قد نسيت واجبك، وهذا تعبير يعني أننا سوف لا نعطيه أجره ومكافأته. وهذا المعنى ورد كثيرا في روايات أهل البيت (عليهم السلام) (١).
ومما ينبغي الالتفات إليه أن موضوع نسيان الله تعالى قد عطف بفاء التفريع على نسيان هؤلاء القوم، وهذا يعني أن نتيجة نسيان هؤلاء لأوامر الله تعالى وطغيانهم وعصيانهم هي حرمانهم من مواهب الله ورحمته وعنايته.
الخامسة: إن المنافقين فاسقون وخارجون من دائرة طاعة أوامر الله سبحانه وتعالى، وقالت الآية: إن المنافقين هم الفاسقون.
ونلاحظ أن هذه الصفات المشتركة متوفرة في المنافقين في كل الاعصار.
فمنافقو عصرنا الحاضر وإن تلبسوا بصور وأشكال جديدة، إلا أنهم يتحدون في الصفات والأصول المذكورة أعلاه مع منافقي العصور الغابرة، فإنهم كسابقيهم
يدعون الناس إلى الفساد ويرغبونهم فيه، وينهون الناس عن فعل الخير ويمنعونهم إن استطاعوا، وكذلك في بخلهم وإمساكهم وعدم إنفاقهم، وبعد كل ذلك فإنهم يشتركون في الأصل الأهم، وهو أنهم قد نسوا الله سبحانه وتعالى في جميع مراحل حياتهم، وتعديهم على قوانينه وفسقهم. ومما يثير العجب أن هؤلاء بالرغم من كل هذه الصفات القبيحة السيئة يدعون الإيمان بالله والاعتقاد الرصين بأحكام الدين الإسلامي وأصوله ومناهجه!
في الآية التي تليها نلاحظ الوعيد الشديد والإنذار بالعذاب الأليم والجزاء الذي ينتظر هؤلاء حيث تقول:
(وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم ).
وأنهم سيخلدون في هذه النار المحرقة خالدين فيها وأن هذه المجازاة التي تشمل كل أنواع العذاب والعقوبات تكفي هؤلاء، إذ هي حسبهم وبعبارة أخرى: إن هؤلاء لا يحتاجون إلى عقوبة أخرى غير النار، حيث يوجد في نار جهنم كل أنواع العذاب: الجسمية منها والروحية.
وتضيف الآية في خاتمتها أن الله تعالى قد أبعد هؤلاء عن ساحة رحمته وجازاهم بالعذاب الأبدي ولعنهم الله ولهم عذاب أليم، بل إن البعد عن الله تعالى يعتبر بحد ذاته أعظم وأشد عقوبة وآلمها.
٣- تكرر التأريخ والاعتبار به:
من أجل توعية هؤلاء المنافقين، وضعت الآية الآتية مرآة التاريخ أمامهم، ودعتهم إلى ملاحظة حياتهم وسلوكهم ومقارنتها بالمنافقين والعتاة المردة الذين تمردوا على أوامر الله سبحانه وتعالى، وأعطتهم أوضح الدروس وأكثرها عبرة، فذكرهم بأنهم كالمنافقين الماضين ويتبعون نفس المسير وسيلقون نفس المصير:
كالذين من قبلكم علما أن هؤلاء كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا.                                   عائد الغانمي 

أخترنا لك
واستعينوا بالصبر للنصر على الاعداء

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف