ليلى بنت مسعود التميميّة

2021/12/31

قد أعطى حضور النساء المتميّز في ملحمة كربلاء صورة واضحة عن الدور الفعّال للمرأة في بيان أسباب نهضة الإمام الحسين عليه السلام، وفضح شخصيّة يزيد _ عليه اللعنة _ وسياسته الإجراميّة حين أقدم على قتل أهل بيت النبيّ صلّى الله عليه وآله، الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرًا، إذ تحمّلت كثيرًا من المعاناة والآلام أيام الطفّ، من سبيّ، وحزن، وفراق، ومشاهد لرؤوس أبيّة رافضة للضيم، فاستمدّت الشجاعة من هول الأحداث التي عاشتها، ولذلك تخلّدت كربلاء بوجود عقائل الوحي، ومخدّرات الرسالة من قبلها ومن بعدها.
إحدى النساء اللائي كان لهنّ وجود ودور فاعل في هذه الواقعة الأليمة هي ليلى بنت مسعود بن خالد بن ربيعة التميميّة، زوجة أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام، وأمّ ولديه عبد الله الأصغر ومحمّد الأصغر، اللذين استُشهدا في أرض كربلاء يوم عاشوراء مع سيّدهم ومولاهم أبي عبد الله عليه السلام، وقيل: إنّ أمّهما ليلى بنت مسعود الدارميّة، وأمّها عميرة بنت قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر سيّد أهل الوبر، وهي قبيلة معروفة بسيادتها وحكمتها عند العرب.
يقول أحد الشعراء في مدح سلم بن جندل، وهو أحد أجداد ليلى:
يسودُ بأقـوامٍ وليسَ بـسادةٍ بل السيّد الميمون سلم بن جندلِ
وهي إحدى الزوجات الأربع اللواتي بقين بعد استشهاد الإمام عليّ بن أبي طالب سلام الله عليه، وهنّ: أمّ البنين عليها السلام، وأمّ أمة بنت أبي العاص، وأسماء بنت عميس، وليلى التميمية.
تزوّجت بعليّ عليه السلام، بعد أن جاء إلى البصرة في ربيع الأول سنة ٣٥هـ، وقد أقام اثنين وسبعين يومًا، ثمّ رجع إلى الكوفة.(1)
وحقًّا أنّ مَن تكون زوجة لأبي الحسنين عليهم السلام، فلا بدّ من أن تكون على مقدار كبير من النجابة والفصاحة، لتروي عن زوجها وابنيه الحسن والحسين عليهم السلام، أحاديث مهمّة في أحكام الدين وأحوال الدنيا.
وقد حضرت هذه المرأة أرض كربلاء، وشهدت واقعة الطفّ وما جرى على آل الرسول صلّى الله عليه وآله، من مصائب ومحن وشاركتهم في ذلك كلّه صابرة محتسبة ذلك في سبيل الله، فرحمها الله وجزاها الثواب الجزيل. (2)
عاصرت السيّدة الجليلة ليلى التميميّة الدارميّة زمن الأئمة: عليّ، والحسن، والحسين، وعليّ بن الحسين عليهم السلام، فبرزت مكانتها بين نساء زمانها، وقد روت أحاديث كثيرة عنهم، وكانت ممّن برزنَ للاحتجاج على المضايقات التي تعرّض لها الإمام الحسن عليه السلام بعد صلحه مع معاوية، وصرّحت كثيرًا بأنّه أحقّ بالخلافة بعد أبيه عليّ عليه السلام، فكانت نِعم المدافع عن سبط النبيّ صلّى الله عليه وآله. (3)
فسلام عليكِ أيّتها الصابرة المحتسبة عند الله عزّ وجلّ لاستشهاد ولديكِ أمامكِ في كربلاء، وإنّما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب.
....................................................................................

1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج٢، ص٢٠٢.
٢) أعلام النساء المؤمنات: ص٧١٦.
٣) أعمال الأعلام فيمَن بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام: ج ١
أخترنا لك
توعية

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة