السيّدة سوسن عليها السلام

2021/08/21

هي زوجة الإمام عليّ الهادي، ووالدة الإمام الحسن العسكريّ عليهما السلام، يقال لها حديث، وسليل، وشكل، وحربيّة، فقد اختلفوا في تعيّين اسمها عليها السلام، مثلما هو الحال في غيرها من أمّهات الأئمة عليهم السلام، ربّما يكون ذلك بسبب الظروف السياسيّة التي أحاطت وألمّت بهم، لاسيّما في تعيّين أمّ الإمام الحجّة عجّل الله فرجه الشريف التي وعدت بها الأحاديث عن النبيّ صلّى الله عليه وآله، وغيره من أهل البيت عليهم السلام، وهي التي تلد المؤمّل الموعود عندما تمتلئ الأرض ظلمًا وجورًا، فيظهر ويملؤها عدلًا وقسطًا، وهو الذي تخفى على النّاس ولادته، ويغيب عنهم شخصه، فأصبحت هناك مراقبة خاصّة لأمّهات الأئمة من قِبل السلطة الحاكمة حينذاك، فعمد أهل البيت عليهم السلام إلى الكتمان والإيهام، ولعلّ هذا هو السبب في اضطراب أقلام المؤرّخين وتردّدهم واختلافهم في تحديد اسم السيّدة سوسن عليها السلام، إضافة إلى ذلك أنّ الأسماء التي تكلّلت بها هذه السيّدة الجليلة تحكي عن عظمتها، وتكشف عن أبعاد شخصيّتها، وصفاتها المعنويّة والماديّة.(1)
فمن جملة الصفات العمليّة التي تتمتّع بها السيّدة سوسن عليها السلام هي الرواية الواردة بحقّها عن أهل بيت العصمة والطهارة، فكانت الشيعة ترجع إليها في أمورهم بعد ما استشهد الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام، ودلّ على ذلك ما ورد من الثناء عليها بأنّها كانت إحدى الوسائط بين الإمام الحجّة عجّل الله فرجه وبين شيعته، فهي المفزع للشيعة بعد وفاة ابنها العسكريّ عليه السلام، فقد روى الشيخ الصدوق ـ رحمه الله ـ عن أحمد بن إبراهيم، قال: دخلتُ على حكيمة بنت محمّد بن عليّ الرضا اُخت أبي الحسن صاحب العسكريّ عليهم السلام في سنة اثنتين وستين ومائتين، فكلّمتها من وراء حجاب، وسألتها عن دينها، فسمّت لي مَن تأتمّ بهم، ثمّ قالت: والحجّة بن الحسن بن عليّ، فسمّته، فقلتُ لها: جعلني الله فداكِ معاينةً أو خبرًا؟ فقالت: خبرًا، عن أبي محمّد عليه السلام، كتب به إلى أمّه، فقلتُ لها: فأين الولد؟ فقالت: مستور، فقلتُ: إلى مَن تفزع الشيعة؟ فقالت: إلى الجدّة أمّ أبي محمّد عليه السلام، فقلتُ لها: أقتدي بمَن وصيّته إلى امرأة؟ فقالت: اقتداءً بالحسين بن عليّ عليه السلام، فإنّ الحسين بن عليّ عليهما السلام أوصى إلى أخته زينب بنت عليّ عليها السلام في الظاهر، فكان ما يخرج عن عليّ بن الحسين عليهما السلام من علم يُنسب إلى زينب عليها السلام سترًا على عليّ بن الحسين عليه السلام.(2)
فلا نعجب من تصدّيها لبيان أحكام الشرع الحنيف، فقد عاشت، وترعرعت في بيت العصمة والعلم والحكمة، إضافة إلى ما حباها الله تعالى من الكمال والاصطفاء، فقد كانت إحدى الرواة التي حظيت بالتأييد والوثاقة من قِبل المعصوم عليه السلام، وكيف لا تكون كذلك؟! وهي أمّ حجّة الله على الخلق وجدّة صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف، وقد أوصى إليها الإمام العسكريّ عليه السلام.

.........................................................

1ـ كمال الدين وتمام النعمة: ص 378.
2ـ كمال الدين وتمام النعمة: ص 501.
أخترنا لك
توعية

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة