هي زوجة يزيد بن معاوية، كانت
مخلصة ومحبّة لأهل البيت عليهم السلام، ذات شخصيّة قويّة
ومؤثّرة.
لمّا استُشهد أبوها مع الإمام عليّ عليه السلام انتقلت إلى داره عليه السلام، وبقيت هناك مدّة من الزمن، وكانت على قدر من الجمال، ولما استُشهد الإمام عليّ عليه السلام، انتقلت إلى دار الإمام الحسن المجتبى عليه السلام. كانت تحبّ أهل البيت عليهم السلام كثيراً لأنّها لم ترَ منهم إلّا العطف والاحترام والإنسانيّة، ثم زوّجها معاوية لجمالها وتربيتها الصالحة لابنه يزيد، وكانت دائماً تستخبر عن أحوال أهل البيت عليهم السلام، وتسأل عن أخبارهم من القادمين من المدينة المنورة، ولمّا استُشهد الإمام الحسين عليه السلام، لم يكن لدى السيّدة هند علم بذلك، فعندما جاؤوا بعائلة الإمام الحسين عليه السلام إلى الشام وصلها الخبر، فقامت تستعلم عن حالهم وخبرهم فلبست أفخر ثيابها وحملت خادمة لها الكرسي حتى لا تجلس على التراب، وصادفها يزيد في الطريق وعلم ما تريد فعله فتغيّر لونه خوفاً من مضاعفات ردود فعل هذه الزيارة، فكان لا يرفض لها طلباً لمعزّتها عنده، فأذن لها ولكن طلب أن تكون هذه الزيارة بعد المغرب حين يخيّم الظلام فوافقت.
وبالفعل ذهبت لذلك المكان الذي احتضن الأنوار الهاشميّة مع الخدم والقناديل المضاءة، ولمّا قدمت عرفتها السيّدة زينب عليها السلام، فطأطأت رأسها، فأقبلت هند وجلست على الكرسي قريباً من السيّدة زينب عليها السلام بوصفها زعيمة القوم.
هند: أخيّة، أراكِ طأطأتِ رأسكِ؟ فسكتت زينب عليها السلام ولم تردّ جواباً، ثم قالت هند: أخيّة، من أيّ البلاد أنتم؟ فقالت السيّدة زينب عليها السلام: من المدينة، فلمّا سمعت هند بذكر المدينة، نزلت عن الكرسي وقالت: على ساكنها أفضل السلام، ثم التفتت إليها السيّدة زينب عليها السلام وقالت: أراكِ نزلتِ عن الكرسي؟ قالت هند: إجلالاً لمَن سكن في أرض المدينة، ثم قالت هند: أخيّة، أريد أن أسألكِ عن بيت في المدينة، فقالت السيّدة زينب عليها السلام: سلي عمّا بدا لكِ، قالت: أسألكِ عن دار عليّ بن أبي طالب عليه السلام، قالت لها السيّدة زينب عليها السلام: ومن أينَ لكِ المعرفة بدار عليّ؟ فبَكت هند وقالت: إنّي كنتُ خادمة عندهم، فقالت لها السيّدة زينب عليها السلام: وعن أيّما تسألين؟ قالت: أسألكِ عن الحسين وإخوته وأولاده، وعن بقيّة أولاد عليّ، وأسألكِ عن سيّدتي زينب وعن أختها أمّ كلثوم، وعن بقيّة مخدّرات فاطمة الزهراء عليها السلام.
كان أصعب موقف قد مرّ على فخر المخدرات، فبكت عند ذلك بكاءً شديداً، وقالت لها: يا هند، أمّا إن سألتِ عن دار عليّ، فقد خَلّفناها تنعى أهلها، وأمّا إن سألتِ عن الحسين، فهذا رأسه بين يدي يزيد، وأمّا إن سألتِ عن العبّاس وعن بقيّة أولاد عليّ، فقد خلّفناهم على الأرض مجزّرين كالأضاحي بلا رؤوس، وإن سألتِ عن زين العابدين، فها هو عليل نحيل، لا يطيق النهوض من كثرة المرض والأسقام، وإن سألتِ عن زينب، فأنا زينب بنت عليّ، وهذه أمّ كلثوم، وهؤلاء بقيّة مخدّرات فاطمة الزهراء عليها السلام.
فلمّا سمعت هند كلام السيّدة زينب عليها السلام، رقّت وبكت وناحت على حال أهل البيت عليهم السلام، وثارت على يزيد، وخرجت حافية إليه وهو في مجلس عامّ، وقامت بتوبيخه ولم تبالِ لما سينالها من عقاب، وانتقدت زوجها لما اقترفته يداه، وطلبت منه أن يكرم قافلة السيّدة زينب عليها السلام، وقالت: ويلكَ هتكتَ ستورهنّ وأبديتَ وجوههنّ وأنزلتهنّ في دارٍ خرِبة، والله لا أدخل حرَمَكَ حتى أُدخلهنّ معي، فأمر يزيد بهنّ إلى منزله وأنزلهم في داره الخاصّة، فلمّا دخلت نساء أهل البيت في دار يزيد، استقبلتهنّ نساء آل أبي سفيان، وتهافتنَ يُقبّلنَ أيدي بنات رسول الله وأرجلهنّ، ونُحنَ وبكين على الحسين عليه السلام، ونزعنَ ما عليهنّ من الحُلي والزينة، وأقمن المأتم والعزاء ثلاثة أيام في عقر دار الطاغية.(1)
.........................................................................................
1ـ نساء خالدات حول الإمام الحسين عليه السلام: ص112.
لمّا استُشهد أبوها مع الإمام عليّ عليه السلام انتقلت إلى داره عليه السلام، وبقيت هناك مدّة من الزمن، وكانت على قدر من الجمال، ولما استُشهد الإمام عليّ عليه السلام، انتقلت إلى دار الإمام الحسن المجتبى عليه السلام. كانت تحبّ أهل البيت عليهم السلام كثيراً لأنّها لم ترَ منهم إلّا العطف والاحترام والإنسانيّة، ثم زوّجها معاوية لجمالها وتربيتها الصالحة لابنه يزيد، وكانت دائماً تستخبر عن أحوال أهل البيت عليهم السلام، وتسأل عن أخبارهم من القادمين من المدينة المنورة، ولمّا استُشهد الإمام الحسين عليه السلام، لم يكن لدى السيّدة هند علم بذلك، فعندما جاؤوا بعائلة الإمام الحسين عليه السلام إلى الشام وصلها الخبر، فقامت تستعلم عن حالهم وخبرهم فلبست أفخر ثيابها وحملت خادمة لها الكرسي حتى لا تجلس على التراب، وصادفها يزيد في الطريق وعلم ما تريد فعله فتغيّر لونه خوفاً من مضاعفات ردود فعل هذه الزيارة، فكان لا يرفض لها طلباً لمعزّتها عنده، فأذن لها ولكن طلب أن تكون هذه الزيارة بعد المغرب حين يخيّم الظلام فوافقت.
وبالفعل ذهبت لذلك المكان الذي احتضن الأنوار الهاشميّة مع الخدم والقناديل المضاءة، ولمّا قدمت عرفتها السيّدة زينب عليها السلام، فطأطأت رأسها، فأقبلت هند وجلست على الكرسي قريباً من السيّدة زينب عليها السلام بوصفها زعيمة القوم.
هند: أخيّة، أراكِ طأطأتِ رأسكِ؟ فسكتت زينب عليها السلام ولم تردّ جواباً، ثم قالت هند: أخيّة، من أيّ البلاد أنتم؟ فقالت السيّدة زينب عليها السلام: من المدينة، فلمّا سمعت هند بذكر المدينة، نزلت عن الكرسي وقالت: على ساكنها أفضل السلام، ثم التفتت إليها السيّدة زينب عليها السلام وقالت: أراكِ نزلتِ عن الكرسي؟ قالت هند: إجلالاً لمَن سكن في أرض المدينة، ثم قالت هند: أخيّة، أريد أن أسألكِ عن بيت في المدينة، فقالت السيّدة زينب عليها السلام: سلي عمّا بدا لكِ، قالت: أسألكِ عن دار عليّ بن أبي طالب عليه السلام، قالت لها السيّدة زينب عليها السلام: ومن أينَ لكِ المعرفة بدار عليّ؟ فبَكت هند وقالت: إنّي كنتُ خادمة عندهم، فقالت لها السيّدة زينب عليها السلام: وعن أيّما تسألين؟ قالت: أسألكِ عن الحسين وإخوته وأولاده، وعن بقيّة أولاد عليّ، وأسألكِ عن سيّدتي زينب وعن أختها أمّ كلثوم، وعن بقيّة مخدّرات فاطمة الزهراء عليها السلام.
كان أصعب موقف قد مرّ على فخر المخدرات، فبكت عند ذلك بكاءً شديداً، وقالت لها: يا هند، أمّا إن سألتِ عن دار عليّ، فقد خَلّفناها تنعى أهلها، وأمّا إن سألتِ عن الحسين، فهذا رأسه بين يدي يزيد، وأمّا إن سألتِ عن العبّاس وعن بقيّة أولاد عليّ، فقد خلّفناهم على الأرض مجزّرين كالأضاحي بلا رؤوس، وإن سألتِ عن زين العابدين، فها هو عليل نحيل، لا يطيق النهوض من كثرة المرض والأسقام، وإن سألتِ عن زينب، فأنا زينب بنت عليّ، وهذه أمّ كلثوم، وهؤلاء بقيّة مخدّرات فاطمة الزهراء عليها السلام.
فلمّا سمعت هند كلام السيّدة زينب عليها السلام، رقّت وبكت وناحت على حال أهل البيت عليهم السلام، وثارت على يزيد، وخرجت حافية إليه وهو في مجلس عامّ، وقامت بتوبيخه ولم تبالِ لما سينالها من عقاب، وانتقدت زوجها لما اقترفته يداه، وطلبت منه أن يكرم قافلة السيّدة زينب عليها السلام، وقالت: ويلكَ هتكتَ ستورهنّ وأبديتَ وجوههنّ وأنزلتهنّ في دارٍ خرِبة، والله لا أدخل حرَمَكَ حتى أُدخلهنّ معي، فأمر يزيد بهنّ إلى منزله وأنزلهم في داره الخاصّة، فلمّا دخلت نساء أهل البيت في دار يزيد، استقبلتهنّ نساء آل أبي سفيان، وتهافتنَ يُقبّلنَ أيدي بنات رسول الله وأرجلهنّ، ونُحنَ وبكين على الحسين عليه السلام، ونزعنَ ما عليهنّ من الحُلي والزينة، وأقمن المأتم والعزاء ثلاثة أيام في عقر دار الطاغية.(1)
.........................................................................................
1ـ نساء خالدات حول الإمام الحسين عليه السلام: ص112.