من هي السيّدة فاطمة بنت الإمام الحسين (عليهما السلام) ؟

2020/11/02

حفيدة الإمام عليّ والسيّدة فاطمة الزهراء (عليهما السلام)، وبنت الإمام الحسين (عليه السلام)، وأُخت الإمام زين العابدين (عليه السلام)، وعمّة الإمام الباقر (عليه السلام)، هي فاطمة بنت الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، المعروفة بفاطمة الكبرى، تمييزاً لها عن أُختها فاطمة الصغرى التي بقيت في المدينة ولم تخرج إلى كربلاء بسبب مرضها.
نشأت وترعرعت في البيت العلويّ الطاهر، وتربّت على يد عمّتها المجاهدة السيّدة الصابرة (عليها السلام) إذ كانت ملازمة لها، وهي إحدى العلويّات المخدّرات والصدّيقات الطاهرات، فهي عالمة، محدّثة، مجاهدة، تركت أثراً لا يمحى في التاريخ الإسلامي، وإليها وإلى غيرها من بنات أمير المؤمنين (عليه السلام) يرجع الفضل في نجاح قيام الإمام الحسين (عليه السلام) ونهضته الخالدة، فقد قضت عمرها الشريف المبارك في العلم والجهاد، شأنها شأن آبائها الطاهرين، فكانت عابدة زاهدة، تصلّي الليل، وتصوم النهار، قال الشيخ عليّ النمازي الشاهرودي (قدّس سرّه) بشأنها: " وبالجملة، لا نظير لها في التقوى والكمال والفضائل والجمال، ولذلك تُسمّى الحورالعين".
وقال فيها الإمام الحسين (عليه السلام): (أمّا في الدين فتقوم الليل كلّه وتصوم النهار). كانت ذات علم وفضل وحياء، وممّا يدلّ على مكانتها عند الإمام الحسين (عليه السلام)، ورجاحة عقلها، ومعرفتها التامّة بنصوص الإمامة، هو إيداع أبيها (عليه السلام )وصيّته عندها يوم عاشوراء، يدلّ على ذلك قول الإمام الباقر (عليه السلام): (لمّا حضر الإمام الحسين (عليه السلام) ما حضره دفع وصيّته إلى ابنته فاطمة، ظاهرة في كتاب مدرج، فلمّا أن كان من أمر الحسين (عليه السلام) ما كان، دفعت ذلك إلى عليّ بن الحسين (عليه السلام)، ثمّ صار الكتاب إلى الأئمة (عليهم السلام).
تزوّجت من ابن عمّها الحسن المثنّى بن الحسن السبط بن عليّ بن أبي طالب(عليهم السلام) ، بعد أن خطبها من عمّه الحسين (عليه السلام)، وسأله أن يزوّجه إحدى ابنتيه فقال له الحسين(عليه السلام): اختر يا بنيّ أحبّهما إليكَ، فاستحى الحسن ولم يحر جواباً. فقال له الحسين(عليه السلام): فإنّى قد اخترتُ لكَ ابنتي فاطمة فهي أكثرهما شبهاً بأمّي فاطمة بنت رسول الله(ص)، فتزوّجها الحسن المثنّى، وقد أنجبت ذرّية طيّبة خرجوا وقُتلوا، منهم إبراهيم الغمر الذي استُشهد في سجن المنصور الدوانيقي، والحسن المثلّث عبد الله المحض، وزينب المكنّاة بأمّ جعفر، كانت راوية ومحدّثة ، روت عن أمّها الحديث. لمّا توفّي الحسن المثنّى ضربت زوجته فاطمة على قبره فسطاطاً، وكانت تقوم الليل وتصوم النهار، وكانت تشبه الحور، فلمّا كان رأس السنة قالت لمواليها: إذا أظلم الليل فقوّضوا هذا الفسطاط.
أحبّها الإمام الحسين (عليه السلام) لبلاغتها ورجاحة عقلها، وقد رافقته في مسيرته الجهاديّة عندما قرّر التوجّه إلى العراق، وكانت لا تفارقه حيث تقضي الليل بجنبه عندما عسكر مع أصحابه الأبرار في كربلاء، وظلّت قريبة منه حتى نال الشهادة.
وقد شاهدت السيّدة فاطمة الكبرى كلّ ما جرى على أهل البيت (عليهم السلام)، من قتل وسبي، حضرت(سلام الله عليها) واقعة الطفّ يوم عاشوراء، وجرى عليها ما جرى على آل الرسول(صلى الله عليه وآله) في ذلك اليوم من مصائب ومِحن، حيث رأت مصرع أبيها الإمام الحسين (عليه السلام)، وقتل أخيها عليّ الأكبر، وبقيّة شهداء آل البيت (عليهم السلام) والأصحاب الكرام.
مثلما شاهدت عمّها العليل مكبّلاً بالأغلال، فصبرت واحتسبت ذلك في سبيل الله تعالى، وكانت من ضمن السبايا اللواتي ساقهنّ ابن سعد إلى الكوفة، حيث أُدخلت السبايا، فكان لفاطمة دورها، فبعد أن انتهت عمّتها زينب (عليها السلام) من خطبتها، وقفت فاطمة بقلب كلّه عزم وإيمان وثبات ويقين، وضمير صالح صادق، تخطب بأهل الكوفة، وتكشف فضائح الأمويين.
توفّيت فاطمة بنت الإمام الحسين (عليه السلام) في عام 110 هـ، ولم يشأ الله تعالى لها أن ترى من المصائب أكثر ممّا رأت في يوم عاشوراء، فلم يشأ أن ترى مقتل أبنائها في سجون الطواغيت وتعذيبهم على أيدي الجلّادين، ورُوي أنّها دُفنت في مصر بالدرب الأحمر، وقيل خلف الدرب الأحمر. ويقع قبرها في زقاق يُعرف بزقاق (فاطمة النبويّة) في مسجد جليل، ومقامها عظيم وعليه المهابة والجلال.(1)



.......................................................................
1) نساء خالدات حول الإمام الحسين (عليه السلام)، ص75.
أخترنا لك
مليكة الدنيا والآخرة: السيدة نرجس (عليها السلام)

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة