زهراء محمد مهدي/ بغداد
من أبرز الألقاب التي اشتهرت في وصف النبيّ محمّد -صلّى الله عليه وآله- هو لقب (الأمّي)، ولا يعني ذلك أنّه -صلّى الله عليه وآله- لم يكن يكتب ويقرأ، فهو (صلوات الله عليه) أكمل وأشرف خلق الله تعالى، فتكشف أحاديث أئمة أهل البيت (عليهم السلام) عن المعنى الحقيقي لهذا اللقب، وسبب تسمية النبي -صلّى الله عليه وآله- بالأمّي أنّ الاعتقاد بعدم معرفته بالقراءة والكتابة قول باطل، بل يخالف صريح القرآن الكريم الذي أثبت للنبي -صلّى الله عليه وآله- دور المعلّم المبيّن، فقال تعالى:
{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} (الجمعة:2)
فكيف يمكن أن يعلّم الناس الكتاب والحكمة وهو لا يحسن القراءة والكتابة؟! بل إنّ الروايات الشريفة تؤكّد أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كان يعرف القراءة والكتابة بجميع اللغات، وقد اختصّه الله تعالى بعلوم لم تُعطَ لغيره.
أمّا المعنى الحقيقي للقب (الأمّي) فيوضّحه الإمام محمّد الباقر (عليه السلام) عند سؤاله عن سبب التسمية أنّها جاءت نسبةً إلى مكّة المكرّمة التي وصفها القرآن الكريم بـ(أمّ القرى) كما في قوله تعالى:
{لِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} (الشورى:7)
إذًا (الأمّي) لا تعني الجهل بالكتابة أو القراءة، بل هي إشارة إلى انتماء النبي -صلّى الله عليه وآله- إلى مكّة المكرّمة التي كانت مركز إشعاع حضاري وديني، ومنبع الرسالة الخاتمة إلى العالمين.
وبهذا المعنى السامي يتّضح أنّ لقب (الأمّي) يحمل دلالة شرف ورفعة، فهو شاهد على ارتباط الرسول -صلوات الله عليه- بأمّ القرى، مهبط الوحي ومصدر الهداية للبشرية.
........
معاني الأخبار: ص ٥٣، وعلل الشرائع: ب ١٠٥، ص ١٢٤ .