خافق سر من رأى مترع بالغياب

في قلب العسكري (عليه السلام) جمرة

وفي عينيه دمعة

وهناك في قلب البيت

شمس

اكتظ جسدها بالسم

على وشك الغياب

رحلت

وأمسى كل شيء مكتنزا بالخذلان

والمدينة مشرعة

على نوافذ القلق

أصابع المصيبة قدت قميصها

من قبل

ليست الوحيدة

لقد اقتحم الوجود ضباب المصيبة

وقهر الصباح الليل بصرخته السوداء

فغمر الوجود وجع الفراق

وحفر على وجه الكون خرائط الحزن

أي شمس رحلت؟

والأفواه تصرخ بملء صوتها:

يا هادي الأمم!

أصغ إلى صرخات الأحبة

تردد كأصداء الزمن السحيق

وتنسج من خيوط الذاكرة

حكاية عنه لم ترو بعد

ها هم يشعرون بانكسار المسافة له

يستنشقون الوجع في صباح الدمع

من جمادى الآخرة

فألقوا قلوبهم في أحضان

قبرك وتركوه معلقا

وغابت في صمت الفراق نبضاتهم

والوحدة تلقي بهم على قارعة الطرقات

وكل شيء فيهم منفطر بالعبرات

حتى أنهم جلسوا ينظرون

في عين الحسن (عليه السلام)

بدرك الحزين وعيناه نهر من الدمع

يسقي جدب سامراء

ويهفو إلى قبرك

يراوده حنين الفاقدين

ليس يعنيه ما في الوجود كله

منشغل هو

لقد قضى أبوه نحبه

صوت القرآن وصلاة الليل المنسلة إلى جيب السماء

سيخلدان في قلبه المنكسر

ودموعه مسامير

تغرز في صدره المثقل بالآه

الدنيا حمقاء

يا عينيه الباكيتين

ليتك تبصرين

أن عروش القتلة نجمة آفلة

وجنازة الأحبة متعبة

تلك المقبرة لا تمل من احتضان المصاحف الناطقة

البعد مسافات طويلة، مؤلمة

بين ضباب الفراق والاشتياق

انجلى وجه الأمان عن وجه المدينة

ورؤوس الطغاة طلعها كرؤوس الشياطين

وأفواه الناس خاطتها كمامات الباطل

وارتجاف الخوف يزداد فيها

إنها تعلم ما لا يعلمون

ليتها رحلت معه

بين السم والألم

كي لا يراها الشامتون

سخروا الحزن عليها (سبع ليالٍ وثمانية أيامٍ حسوما)

لست أدري

ليالي حزنها طويلة

ولهيب فراق النجيب في قلبها

نيران أبدية

بملامحها الشائخة

في كل عام تردد مع المعزين

بالدموع والشموع: ﴿وبشر الصابرين° الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) (البقرة:155-156).