في ثنايا القرآن الكريم تطالعنا آيات كثيرة تذكر أنواعا من الأطعمة والأشربة المعدة لأهل النار، ليس طعاما وشرابا بالمعنى الحقيقي في الدنيا، إلا أنه يعد نوعا من أنواع العذاب لأهل النار.
ومن الطعام الذي ذكره القرآن الكريم:
1- الزقوم: ورد في القرآن الكريم (3) مرات، في قوله تعالى: (أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم) (الصافات:62)، و(إن شجرة الزقوم طعام الأثيم) (الدخان:43ـ44)، و(لآكلون من شجر من زقوم) (الواقعة:52)، و(الزقوم) (نبات مر غير مستساغ الطعم، ذو رائحة نتنة، حيث يكثر وجود مثل هذا النبات في أرض (تهامة)، وهو مر وحارق وذو صمغ)(1)، وعرف أيضا على أنه: (نبات مر، نتن الرائحة، وطعمه غير مستساغ، وفيه عصارة إذا دخلت جسم الإنسان يصاب بالتورم، وتقال أحيانا لكل نوع من الغذاء المنفر لأهل النار)(٢).
2- الضريع: ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: (ليس لهم طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع) (الغاشية:6ـ7)، و(الضريع نوع من الشوك، يقال له (الشبرق)، وأهل الحجاز يسمونه (الضريع) إذا يبس، وهو أخبث طعام وأبشعه، لا ترعاه دابة)(٣)، وقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "الضريع شيء يكون في النار يشبه الشوك، أمر من الصبر، وأنتن من الجيفة، وأشد حرا من النار، سماه الله الضريع"(٤)، وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: "لو أن قطرة من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من نتنها"(٥).
3- طعام ذو غصة: ورد في قوله تعالى: (وطعاما ذا غصة وعذابا أليما) (المزمل:١٣)، (أي ذا شوك يأخذ الحلق، فلا يدخل ولا يخرج، طعام يأخذ بالحلقوم لخشونته، وشدة تكرهه)(٦).
أما شراب أهل النار، فقد ذكره القرآن الكريم:
1- الحميم: ورد في قوله تعالى: (لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون) (الأنعام:٧٠)، وقوله تعالى: (والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون) (يونس:٤)، و(هذا فليذوقوه حميم وغساق) (ص:٥٧)، (كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم) (محمد:١٥)، و(فشاربون عليه من الحميم) (الواقعة:٥٤)، (إلا حميما وغساقا) (النبأ:٢٥)، والحميم (بمعنى الماء الحار جدا والحارق)(٧).
2- الغساق: ورد ذكره مرتين في قوله تعالى: (هذا فليذوقوه حميم وغساق) (ص:57)، و(إلا حميما وغساقا)، (النبأ:25)، و(الغساق: القيح الذي يسيل من جلود أهل جهنم، ومن الجراحات الموجودة في أجسامهم)(8).
3- الصديد: ورد في قوله تعالى: (من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد) (إبراهيم: ١٦)، و(الصديد القيح السائل من الجرح، وهو بيان للماء الذي يسقونه في جهنم)(٩)، فعن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: "إن أهل النار لما غلى الزقوم والضريع في بطونهم كغلي الحميم، سألوا الشراب، فأتوا بشراب غساق وصديد، يتجرعه ولا يكاد يسيغه، ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت"(١٠).
4- ماء كالمهل: ورد في قوله تعالى: (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا) (الكهف:29)، و(المهل هو كل شيء أذيب، كالرصاص، والنحاس، والصفر)(١١).
5- الغسلين: ورد في قوله تعالى: (ولا طعام إلا من غسلين) (الغاشية:٣٦)، و(الغسلين الغسالة، وكأن المراد به ما يسيل من أبدان أهل النار من قيح ونحوه)(١٢)، فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "لو أن دلوا صب من غسلين في مطلع الشمس؛ لغلت منه جماجم من في مغربها"(١٣)، وعلى الرغم من أن (الغسلين) شراب لأهل النار، إلا أن القرآن الكريم عبر عنه بأنه طعام ولا يأكله إلا الخاطئون؛ لأن في معرض سياق الآيات السابقة نجد قوله تعالى: (ولا يحض على طعام المسكين) (الحاقة:34)، فالجزاء هنا من جنس العمل؛ لأنه لا يحض على طعام المسكين، فطعامه في الآخرة من (غسلين).
وبلحاظ طعام أهل النار وشرابهم وأنواعه، فإنه بحسب رأي المفسرين يكون بحسب طبقات النار، وكل نوع من المذنبين لهم طعام وشراب خاص بهم، كل بحسب دركته في النار، ومهما كانت النتائج، فإن الأسباب واحدة، ألا وهي أن هذا النوع من العذاب في النار هو نتيجة الابتعاد عن طريق الله سبحانه، والامتناع عن أداء الواجبات، وفعل المحرمات، أعاذنا الله وإياكم من هذا النوع من العذاب.
................................................
(١) الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل: ج١٨، ص٦٠١.
(٢) المصدر نفسه: ج١٧، ص٤٧٢.
(٣) تفسير الميزان: ج٢٠، ص٢٧٣.
(٤) ميزان الحكمة: ج1، ص٤٧٠.
(٥) المصدر السابق.
(٦) مجمع البيان: ج10، ص١٦٦.
(٧) الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل: ج١٧، ص٤٧٢.
(٨) المصدر السابق: ج١٤، ص ٥٤٦.
(٩) تفسير الميزان: ج١٢، ص٣٦.
(١٠) ميزان الحكمة: ج1، ص٤٧٠.
(١١) مجمع البيان: ج٦، ص ٣٣٨.
(١٢) تفسير الميزان: ج١٩، ص٤٠١.
(١٣) ميزان الحكمة: ج1، ص٤٧٠.