فرقة نبع الجود: أصوات تلامس القلوب برسالة السماء

2024/11/26

أسست فرقة (نبع الجود) في معهد القرآن الكريم النسوي التابع لمكتب المتولي الشرعي للشؤون النسوية في عام (2018م)، وتمثل أنموذجا رائدا في تطوير المهارات الصوتية للفتيات اليافعات. جاءت هذه الفرقة بوصفها جزءا من الدورات الصيفية التي ينظمها المعهد، وسرعان ما أصبحت محط اهتمام الجمهور الذي أبدى إعجابه الكبير بما تقدمه الفرقة من تلاوات قرآنية وأناشيد دينية مميزة.

تسعى الفرقة إلى تقديم صوت صادح يعكس القيم الدينية عن طريق تطوير القدرات الصوتية لأعضائها، وتنميتها بما يعزز الأداء في المحافل المختلفة، ويعد الحفاظ على الأصوات الفتية التي تقدم المقاطع الدينية نعمة إلهية لا يملكها إلا القلة الموهوبة، وأحد الأهداف الرئيسة للفرقة التي تقدم خدماتها في مختلف المناسبات الدينية، سواء كانت ذكرى ولادات المعصومين (عليهم السلام) أو ذكرى استشهادهم عن طريق مشاركاتها إلى أن يكون صوتها حاضرا بقوة في كل مناسبة، ليعكس روح الحق والإيمان في زمن مليء بالتحديات والتغيرات.

وقد حرص معهد القرآن الكريم النسوي على أن تكون الفرقة دائما في مقدمة المشهد الثقافي والديني، فضلا عن تطوير المواهب الصوتية الجديدة، واستقطاب الفتيات القادرات على تقديم الأداء القرآني والإنشادي بأفضل صورة ممكنة؛ لتكون الفرقة سفيرة صوت الحق في كل محفل تشارك فيه.

المهام الأساسية

تسعى الفرقة إلى تطوير المهارات الشخصية والقدرات الصوتية التي تمثل دافعا أساسيا لصوت الفتاة المؤمنة، وكيفية الحفاظ على هذه النعمة الإلهية؛ ليكون صوتا صادحا بالحق في كل المجتمعات لكوننا نعيش في زمن التطور والحداثة.

وبينت السيدة منار الجبوري/ مسؤولة معهد القرآن الكريم أن الفرقة تشارك في كل المناسبات الدينية، وتقدم خدمتها لصاحب المناسبة، سواء كانت ولادة أو استشهادا، وقد تكون متنوعة تشمل تلاوات قرآنية أو إنشاد موشح أو أنشودة تخص المناسبة، ويطمح المعهد دائما إلى الحفاظ على هذا المستوى المتميز من الأداء الذي تقدمه الفرقة، بل يسعى دائما إلى تطوير المزيد من القابليات، واستقطاب أصوات جديدة جديرة بتمثيل معهدنا في المحافل كافة.

اكتشاف المواهب

يسعى المعهد جاهدا إلى اكتشاف المواهب الصوتية الجديدة عن طريق البحث في حلقات حافظات القرآن الكريم لجميع الأعمار، واختبار الحافظات عن طريق إلقاء الطالبة لأنشودة ما، أو تلاوة قرآنية، أو مقطع من نشيد العتبة العباسية المقدسة الموسوم بـ(لحن الإباء)، ثم تقرر لجنة الاختبارات بشأن انضمامها إلى الفرقة.

ويبذل المعهد جهودا استثنائية وكثيفة في الحصول على الأصوات الجميلة، ودعم المواهب المشاركة في ضمن تدريبات مكثفة للحصول على أفضل أداء.

وأول تجربة أداء للفرقة كانت تلاوة سورة (الضحى) المباركة على الطريقة المصرية، وكان تحديا كبيرا لها بسبب ضيق وقت الطالبات الموزع بين حفظ القرآن الكريم، ومتابعة الدروس الأكاديمية، لكن أمام الإرادة الصلبة تتحطم كل التحديات، فحققت الفرقة أفضل أداء ممكن في كل مرة تعتلي فيها المنصة.

معايير وضوابط

يشهد المعهد إقبالا متزايدا من الطالبات الراغبات في الانضمام إلى الفرقة، مما يعكس اهتماما كبيرا بالمشاركة في أنشطتها ومع ذلك، تضع إدارة الفرقة شروطا وضوابط محددة لا تنطبق على جميع المتقدمات، مما يتطلب إجراء اختبار دقيق لتقييم المتقدمات وضمان انطباق المعايير المطلوبة عليهن.

وفي هذا السياق، تسعى الفرقة لاختيار مواضيع متنوعة تتعلق بالسلوكيات والقيم الأخلاقية، إذ تقدم هذه المواضيع عن طريق عروض مسرحية وأناشيد مميزة، ومن بين المواضيع التي تتناولها الفرقة أهمية الحجاب المحتشم، بالإضافة إلى كيفية التعامل مع الإساءة التي قد تواجهها مرتديات العباءة الزينبية تهدف هذه الأنشطة إلى تعزيز الوعي الثقافي والديني بين الطالبات، مما يسهم في تطوير شخصياتهن وتكوين نظرة إيجابية تجاه القيم الأخلاقية والاجتماعية.

أهم الإنجازات

حققت فرقة (نبع الجود) إنجازات كثيرة، وقدمت خدمة لشريحة كبيرة من الطالبات اليافعات، والقرآنيات، بدءا من المرحلة الابتدائية، حتى الجامعية، ممن لديهن مواهب مدفونة ولم يتلقين أي اهتمام من أي جهة؛ لهذا قام المعهد بالعمل جاهدا على توفير الدعم المادي والمعنوي الذي يساعد الطالبة على المعرفة الأصولية في كيفية التحكم بالقدرات الصوتية، واكتشاف المواهب الشخصية بأبسط الطرق، وكان للفرقة مشاركات عديدة في المهرجانات التي تقيمها العتبة العباسية المقدسة، منها مهرجان (السقاء) القرآني الذي يقام سنويا في المعهد، ومهرجان (روح النبوة) العالمي، واحتفالات تخرج طالبات الجامعات العراقية التي تقيمها العتبة المقدسة، واحتفالات تخرج الدورات الصيفية والدائمية، وغيرها من الاحتفالات.

والفرقة تسعى دائما إلى التطور في عملها، أما الموشحات، فهي تصدر من رحم المعهد أيضا بأقلام كاتبات المعهد، وأبرزهن الدكتورة إسراء العكراوي، والشاعرة رنا الخويلدي.

واحتضنت الفرقة طاقات صغيرة من الطالبات، وقدمت ثمارا ناضجة للمجتمع، تمثلت بقارئات قرآنيات متميزات، ومنشدات حسينيات، وقارئات للموشحات القرآنية يتحفن المجالس بأعذب التلاوات، فضلا عن المدائح والمراثي لأهل البيت (عليهم السلام)، علما أن الفرقة تشارك في العديد من المحافل النسوية، ونشاطات الشعب الأخرى.

أن فرقة نبع الجود تمثل نقطة انطلاق لتعزيز الثقافة الدينية في المجتمع النسوي، إذ تركز الفرقة على تطوير الفتيات عن طريق التدريب والتطوير، أن استثمار المعهد في تطوير مواهب جديدة، يضمن استمرارية العمل الثقافي والديني، ويسعى المعهد إلى أن تكون الفرقة قادرة على تمثيل الثقافة الإسلامية على المستوى الدولي يمكن أن تساهم الفرقة في إحداث تأثير إيجابي في المحافل الدولية، من خلال اداء يعكس جماليات القرآن الكريم، مما يعزز من صورة الإسلام في العالم الخارجي.

أن نبع الجود ليست مجرد فرقة صوتية، بل تمثل رؤية استراتيجية شاملة تهدف إلى إعادة إحياء القيم الدينية والثقافية في المجتمع النسوي، وتقديم نموذج يحتذى به، ستظل الفرقة قادرة على التأثير بشكل إيجابي في المجتمع على المدى الطويل.

مع كل إنجاز تحققه فرقة (نبع الجود)، تؤكد هذه المجموعة على التزامها بنقل رسالة القرآن الكريم وأهل البيت (عليهم السلام) عبر أصوات فتياتها الملهمة، ومما يميز الفرقة هو قدرتها على تقديم أداء استثنائي يعزز من الروح الإيمانية، ويفتح أبوابا جديدة للفتيات الموهوبات للتعبير عن روحهن الإيمانية بطريقة فنية مميزة، وبمشاركتها المستمرة في المهرجانات والاحتفالات الدينية، تثبت الفرقة أنها ليست مجرد مبادرة عابرة، بل حركة مستدامة تسعى إلى ترك بصمة دائمة في مجال الفن الديني النسوي، وترسيخ القيم الإسلامية عن طريق الصوت والفن الهادف.

أخترنا لك
تحليل بلاغي لخطب الإمام الحسين (عليه السلام): استراتيجية التأثير والإصلاح

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة