ملصق صغير أو جملة متكونة من عدد قليل من الأحرف، تحتضن في طياتها كل مشاعر الطمأنينة والأمان لمن يقرؤها، فيقول: هذا ما أبحث عنه.
(لا تمسه الأيدي) جملة توحي للشخص أن المنتوج الذي يروم اقتناءه يمتلك أعلى معايير الجودة من ناحية النظافة والعناية في تصنيعه، وفي مختلف المراحل التي مر بها، وهو الهدف المنشود.
فكل منا يبحث عن الأفضل والأتقن صنعًا، ويكون الحرص أشد حين يتعلق الأمر بالمواد الغذائية، حيث إن أقل تلوث قد يعرض حياتنا إلى الخطر، فتتجول الأعين باحثةً عن الجملة المذكورة لنتجه نحوها بطمأنينة تامة.
هذا بالنسبة إلى الطعام الذي يعد من الاحتياجات الإساسية للحياة، وفي الطرف الآخر هناك ما لا يقل عن الطعام أهميةً، ويعد أيضًا من أساسيات العيش والوصول إلى الغاية السامية من رضا الله سبحانه وتعالى وطاعته، ألا وهو ذلك المستودع الهائل المساحة والدائم العطاء، أي العقل والتفكير، فكلما حرصنا على انتقاء ما ينفذ إليه، تكون حياتنا متسمة بالتوافق النفسي والاطمئنان، وكل ما تقدمينه له من معلومات قيمة من المصادر الموثوقة، وتغذينه بعلوم أهل البيت (عليهم السلام)، سيقوم بتقديم المكافأة لك عن طريق الشعور بالراحة والسعادة، وتوفير الحلول المنطقية الصحيحة حين الطلب والحاجة، إضافة إلى الطاقة الكبيرة من الثقة بالنفس نتيجةً لغزارة المعلومات الرصينة.
لكن كيف نحقق ذلك؟
في البداية يتم تحديد الهدف والغاية، ثم الانطلاق نحوه، ويتم ذلك عن طريق مجالسة أهل العلم والحكمة مثلما قال أمير البلغاء الإمام علي (عليه السلام): "مجالسة الحكماء حياة العقول وشفاء النفوس"(1)، فلا يدع المرء مجالًا لدخول الأفكار الغريبة أو المشبوهة إلى ذهنه، فضلًا عن قدرته في التمييز بين الأشياء مثلما ذكر الإمام (عليه السلام) ذلك: "الحلم غطاء ساتر، والعقل حسام قاطع، فاستر خلل خلقك بحلمك، وقاتلْ هواك بعقلك"(2).
إذًا إن من أهم الأماكن التي يجب أن نضع عليها ملصق (لا تمسه الأيدي) هو العقل وطريقة التفكير؛ لكي نحمي أفكارنا، ومعتقداتنا، وثوابت الأمة من أي فكر عابث يضمر الشر لمجتمعاتنا، فتكون محصنةً ولا تمسها الأيادي الملوثة، فيصعب إزالة ما يعلق بها، فمثلما نختار غذاءنا، يجب أن نختار غذاء أفكارنا وعقولنا.
...................................
(1) ميزان الحكمة: ج1، ص402.
(2) موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام): ج9، ص169.