ولد من عائلة مسيحية تسكن مدينة ( أرومية ) من أذربيجان الغربية في
إيران ، و التحق بالكنيسة الآشورية و درس عند ( رآيي يوحنا بكير و
يوحنا جون ..) ثم سافر إلى الفاتيكان ليواصل دراسته العليا في الديانة
النصرانية ، و أصبح هناك من الطلبة المقربين لكبار القساوسة ، و بما
أنه عاش طالباً في الفاتيكان تأثر بالمذهب الكاثوليكي .
و لكن في قضية حدثت له هناك جعلته يدخل في دين الإسلام و يعود من
الفاتيكان إلى مدينته ، و يعلن إسلامه في محضر أحد العلماء و يلتحق
بالمدارس الحوزوية لدراسة العلوم الإسلامية و قد غير اسمه المسيحي إلى
الشيخ محمد صادق ، ثم واصل دروسه الإسلامية العليا مدة 16 سنة ، و
بعدها قام بنشر الإسلام و الدعوة إلى مذهب أهل البيت عليهم السلام ، و
أصبح الخطيب المفوه لمسجد الجماع في (أرومية ) يحتشد تحت منبره
المسلمون و المسيحيون الباحثون عن الحق ...
و هذه قصة إسلامه كما ذكرت في كتابه < أنيس الأعلام في نصرة
الإسلام > :
(( درست الديانة النصرانية في كنيسة ( ... ) عند كبار القسيسين و
علماء المسيحية في أيام جاهليتي ، و كنت مسيحياً على مذهب البروتستانت
. فأنهيت دراستي في التوراة و الإنجيل و أنا عمري اثني عشر عاماً
.
بعد ذلك قررت السفر إلى مختلف البلدان للقاء بالقساوسة و علماء الدين
المسيحي ، حتى و صلت إلى اللقاء بالـ ( مطران ) الكبير رئيس مذهب
الكاثوليك في الفاتيكان ، و كان ذا منزله مرموقة و شهرة واسعة بين
المسيحيين ، و الملوك و الوجهاء و الأثرياء الكاثوليك ، يرسلون
أسئلتهم الدينية إليه ، مع هداياهم الثمينة أيضاً . فقد تعلمت أصول و
فروع العقيدة المسيحية من هذا العالم الكبير ( البابا ) و كان يحضر
معي طلبة آخرون في جلسات دروسه الدينية لنا في الدين ، يبلغ عدد
المجموع ( 400-500 ) طالب و طالبة من العازفات عن الدنيا ( الرهبان و
الراهبات ) .
و أنا الوحيد بين هؤلاء الطلبة مقرباً إلى الأستاذ الأعظم و كان ودنى
أكثر من غيري مودة شديدة و يبادلني غاية الثقة ، حتى كانت مفاتيح سكنه
و مخزن المواد الغذائية بيدي إلا مفتاح حجرة صغيرة و هي بمثابة مخزن
خاص له ، لقد رافقته فترة و أتعلم منه عقائد الأمم و المسيحية
المختلفة حتى وصل عمري ( 17-18 ) سنة .
خلال يوم من هذه الأيام سقم القسيس الأكبر أستاذنا الأعظم فقال لي :
يا بان الروحاني أخبر الطلبة بتعطيل الدرس هذا اليوم .
ذهبت إلى الطلبة لأخبرهم ذلك فوجدتهم يتباحثون في مسائل دينية حتى
انتهى نقاشهم إلى مفهوم لفظة ( فارقليطا ) باللغة ( السريانية ) و (
پير كلوطوس ) باللغة اليونانية ، و قد ذكر يوحنا صاحب الإنجيل الرابع
في باب ( 14-15-16 ) أن النبي عيسى عليه السلام قال :
يأتي من بعدي ( فارقليطا) . فمن هو فارقليطا الذي يأتي من بعد النبي
عيسى عليه السلام ؟؟
كان النقاش و الجدال بين الطلبة حامياً جداً في معنى هذه الكلمة و من
يكون المقصود منها حتى وصل النقاش بينهم إلى رفع أصواتهم على بعضهم
بخشونة و اختلف كل واحد منهم إلى رأي متباين مع غيره .
رجعت إلى الأستاذ ، فسألني : أيها الابن الروحاني ، ماذا جرى اليوم في
غيابي ، عماذا دار نقاش الطلبة ؟
فنقلت إن القوم اختلفوا بشدة في تفسير معنى ( فارقليطا ) في الإنجيل ،
ثم أخبرته عن الآراء المطروحة .
سألني الأستاذ : أي الآراء تختار أنت ؟
قلت : أختار تفسير القاضي فلان .
قال : معذور أنت ، إن في الواقع خلاف كل تلك الآراء و الأقوال .
إن معنى هذه اللفظة الشريفة لا يعلمه في هذا الزمان إلا الراسخون في
العلم و هم قلة .
فرميت نفسي على أقدام الأستاذ و قلت له : أيها الأب الروحاني .. أنت
اعلم من غيرك بما أبذله من سعي إلى الكمال منذ بداية عمري ، و أنت
أدرى بمستواي الرفيع في الكمال و التدين و الالتزام بالنصرانية ، فما
عدا أوقات الصلاة و الموعظة و العطل الدراسية فأنا دائم القراءة و
المطالعة، إذن ماذا يضر لو تحسن إلي و تبين لي معنى هذا الاسم الشريف
؟
فبكى الأستاذ و قال :أيها الابن الروحاني ، و الله أنت أعز
الناس لدي ، و أنا لا أبخل عليك بشيء ، رغم أن في الإفصاح عن معنى هذا
الاسم فائدة كبيرة و لكن مع انتشار معناه سوف نسبب لأنفسنا الموت على
أيدي أقطاب المسيحيين ، فإن تعهدت لي أن لا تنشره في حياتي و لا تذكره
باسمي بعد مماتي ذكرته لك ، ذلك لأن الأقطاب إن عرفوا بأني أفصحت عن
هذا السر لاحقوني حتى يحرقوا جثتي انتقاماً و تشفياً .
فأقسمت له بالله العلي العظيم القاهر الغالب المهلك المدرك
المنتقم ، و بحق إنجيل عيسى و مريم ، و بحق جميع الأنبياء و الصلحاء ،
و بحق جميع الكتب السماوية المنزلة من الله ، و بحق
القديسين و القديسات ، و سوف لا أفصح عن في حياتك و عن اسمك في مماتك
.
فبعد أن اطمأن قال لي : أيها الابن الروحاني ، إن هذا الاسم من
الأسماء المباركة لنبي المسلمين و معناه ( محمد ) و ( أحمد ) .
ثم أعطاني مفتاح تلك الحجرة الصغيرة ( السابقة الذكر ) و قال :
في الحجرة صندوق و فيه كتابان ، قم و افتحها و ناولني الكتابين .
قمت و جئت بهما إليه ، و كانا بخط يوناني و سرياني مكتوبان على جلد
قبل ظهور نبي الإسلام. رأيت مكتوب فيهما أن لفظة ( فارقليطا ) تعني (
أحمد ) و ( محمد ).
ثم قال لي الأستاذ الأعظم:أيها الابن الروحاني .. اعلم أن العلماء و
المفسرين و المترجمين المسيحيين قبل ظهور النبي محمد لم يختلفوا في أن
هذه اللفظة تعني أحمد و محمد ، و لكن بعد ظهوره قام القساوسة بتحريف و
إفناء جميع التفاسير و كتب اللغة و التراجم أجل بقاء الرئاسة و السلطة
بأيديهم و الحصول على أموال و جلب منافع دنيوية ، و ذلك عناداً و
حسداً و لأمراض نفسية كانت تحيطهم و تمنعهم قبول نبوة محمد ، فاخترعوا
معنى آخر لكلمة ( فارقليطا ) و هو المعنى الذي بكل تأكيد لم يكن
الإنجيل يقصده أبداً فمن سيق الآيات فيه ، لا يلتقي بما قالوه من أن
اللفظة تعني ( الوكالة ) و ( الشفاعة ) و ( التعزي ) و ( التسلي ) أو
القول بأنها تعني الروح التي نزلت يوم الدار ( و هو يوم نزول روح
القدس عند المسيحيين ) ، و ذلك لأن النبي عيسى عليه السلام قيد مجيء (
فارقليطا ) بذهابه ، حيث قال :
< مادمت غير ذاهباً فإن ( فارقليطا ) لا يأتي > – إنجيل يوحنا ،
باب 16 : 7 – لأن اجتماع نبيين مستقلين بشريعة عامة في زمان واحد لا
يجوز . بينما الروح النازلة في يوم الدار أي روح القدس كانت مع و جود
النبي عيسى و الحواريين . و لقد نسوا قولهم في الإنجيل أن نزول الروح
القدس على النبي عيسى و اثنا عشر حواريا كان حين أرسلهم إلى البلاد
الإسرائيلية لينبذ منهم الأرواح الخبيثة و يشفيهم من الأمراض و الآلام
– الآية الأولى باب العاشر إنجيل متى - ؟!
إذن فإن نزول الروح القدس غير مشروط بذهاب عيسى ، و كان المقصود من
كلمة ( فارقليطا ) هو روح القدس فيعني أن كلام النبي عيسى – أنهما لا
يجتمعان – يكون غلطاً و فضولاَ و لغوا ً ، و ذلك ليس من شأن الإنسان
الحكيم فكيف لنبي ذي شأن و منزلة رفيعة كالنبي عيسى .
فليس إذن هناك أحد غير ( أحمد ) و ( محمد ) مقصوداً من لفظة (
فارقليطا ) السريانية
فقلت له : ماذا تقول في الديانة النصرانية ؟
قال : أيها الابن الروحاني ، إن الديانة النصرانية منسوخة بسبب ظهور
شريعة النبي محمد ، - قال هذه الجملة ثلاثاً - .
قلت : في هذا الزمان ما هي طريقة النجاة و الصراط المستقيم المؤدي
إلى الله ؟
فقال : طريقة النجاة و الصراط المستقيم المؤدي
إلى الله منحصر في إتباع محمد .
قلت : و هل اتباعه من أهل النجاة ؟
قال : إي و الله ، إي و الله ، إي
و الله !
قلت : إذن ماذا يمنعك من اعتناق دين الإسلام و إتباع سيد الأنام ، في
الوقت الذي تعرف أفضلية هذا الدين و ترى النجاة و الصراط المؤدي
إلى الله في إتباع النبي الخاتم ؟
قال : أيها الابن الروحاني : أنني لم أتتوصل إلى أحقية دين الإسلام و
أفضليته إلا بعد كبر سني ، و الآن أنا في باطني مسلم و لكن في الظاهر
لا يمكنني ترك الرئاسة و العظمة . . .
و هنا بكى أستاذي ، و أنا بكيت معه أيضاً ، و بعد ذلك قلت له : أيها
الأب الروحاني هل تأمرني باعتناق دين الإسلام ؟
قال : فإن كنت تريد الآخرة و النجاة ، بالطبع عليك أن تقبل دين الحق ،
و لأنك شاب فإني لا استبعد أن الله يهيئ لك الأسباب
الدنيوية ، و لا تموت جوعا . و أنا أدعو لك دائما .
و أريدك أن تشهد لي يوم تقوم الساعة بأني في الباطن مسلم و من اتباع
خير الأمم ، و أخبرك أن أكثر القساوسة في باطنهم يعيشون حالتي ، فهم
مثلي أنا الشقي لا يمكنني التخلي عن الرئاسة الدنيوية ، و إلا فإنه لا
شك في أن دين الله على الأرض اليوم هو دين الإسلام .
و هكذا بعدما رأيت ذلك الكتابين المذكورين و سمعت إلى شرح أستاذي هذا
، شع نور الهداية و محبة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه
و آله في قلبي بشكل أصبحت الدنيا و مافيها في عيني كجيفة ، فلم يربطني
حب الرئاسة في أيام الدنيا و حب الأقارب و الوطن ، فقد قطعت النظر عن
كل شيء ما عدا الحق ، فودعت أستاذي فوراً و التمست منه مالاً لعودتي ،
فمنحني تكاليف سفري بعنوان الهدية .
خرجت من الفاتيكان تاركاً جميع ما كان عندي من مكتبة و كتب و بعض
الحاجات ، و حملت معي كتابين أو ثلاثة ، فوصلت إلى مدينتي في منتصف
الليل ، و ذهبت في نفس الوقت طارقاً باب منزل العالم المجتهد ، فلما
أخبرته بدخولي الإسلام فرح بشدة ، و طلبت منه أن يلقنني الكلمة الطيبة
( الشهادتين ) و يعلمني الأوليات في دين الإسلام ، و لقد قام بهذا
الأمر خير قيام و أنا سجلت ما علمني بخط سرياني كيلا أنسى ، و طلبت
منه لا يخبر أحداً باعتناقي الإسلام خشية تعرضي لمشكلة مع الأقارب في
ذلك الوقت . و في تلك الليلة خرجت من عند العالم متجها ً إلى الحمام
لأغتسل غسل التوبة من الشرك و الكفر ، و لما خرجت من الحمام أعدت كلمة
الشهادة لدخول الإسلام ظاهراً و باطناً و أذعنت دخولي في دين الحق
.
و الحمد لله الذي هدانا و ما كنا لنهتدي لو لا أن
هدانا الله .
كتاب قصص و خواطر – أنيس الأعلام في نصرة الإسلام – كنوز الحكمة
بإختصار كتبه شيعي