يقول العلامة السيد أحمد الآشكوري :
عن الحاج در علي دري التستري الذي كان معروف بالتقوى والصدق والأمانة
:
أنّه في سفر ذهب إلى العتبات المقدسة مع قافلة التحق بهم شيخ كان يهتم
بخدمتهم وقضاء حوائجهم ، وعندما يفرغ من مساعدة الزوّار يخرج دفتره
ويشتغل بالكتابة ، ولما وصلنا إلى كربلاء سألَنا الشيخ : هل نقصد
الإقامة في منزل خاص ؟
فعرف أنّنا غرباء لا نعرف أحداً ولا نهتدي إلى سبيل ، فكان دليلنا حتى
وجدنا بيتاً للسكن أيّام الإقامة في الحائر (الحسيني) ، وكان يساعدنا
في حمل ونقل بعض الأثاث عند الفحص عن المنزل ، ولمّا استقرّ بنا
المكان أراد أن يودعنا لينفصل عنّا ، ففكرنا أن نقدم له مبلغاً لأنّه
ساعدنا طول طريق السفر ونقل الأمتعة وتحمل الأتعاب لنا ، فأبى كل
الإباء عن أخذ المبلغ وذهب مفارقاً لنا.
يقول التستري :
ذهبت في بعض الأيام إلى الحرم الحسيني الشريف فوجدتُ اجتماعاً في
زاوية من الرواق ، ولما دنوت منهم وجدت الشيخ الذي كان معنا يتوسط
الجمع وهم محتوشون به يسألونه عن مسائل دينية مع غاية الاحترام
له ، فسألتُ بعض من هناك عنه فقال : إنّه الشيخ عبّاس القمّي.
يقول السيد الآشكوري معلقاً :
هكذا يتواضع أهل الله الموقنين بالمبدأ والمعاد حقاً ، يخدم
الشيخ زوار الحسين عليه السلام - من دون أن يعرّفهم نفسه - مع مكانته
في العلم والدين ، يخدمهم في الطريق إلى أن يصلوا إلى المقصد لا لشيء
إلّا للتقرب إلى الله تعالى بخدمة الزائرين المؤمنين.
المصدر : المفصّل في تراجم الأعلام ج2 ص 279.