شقشقة تراثيّة

2020/08/09

احمد علي مجيد الحلي

أعلنتُ سابقاً عن نشر تحقيق كتاب المسائل التي يعمّ بها البلوى والمسمّاة بـ(رسالة الطهارة) للشيخ علي بن هلال الكركيّ المعروف بابن المنشار العامليّ (ت٩٨٤هـ) في مركز تراث النجف الأشرف، وطبعه في المركز باعتبار أنّ مؤلِّفه سكن في المشهد الغرويّ مدّة عقدين.
وبعد الاعلان تسارع أهل الخبرة والفن بتزويدي الكثير من المعلومات المهمّة عن المؤلِّف وما يتعلّق بكتابه، وهذا كلّه حصل بتوفيق الله تعالى وهمّة الأصدقاء الغيارى الذين ديدنهم نشر العلم بكلّ صوره، فجزاهم الله عن موقفهم هذا وغيره من الأعمال والمواقف.
وسبب كتابتي هذه الأسطر هو أنّني رأيت اليوم عملاً تحقيقيّاً نُشر في مجلّة تراثيّة، وكان العمل يفتقر إلى الكثير من المعلومات التي في جعبتي، والتي حصلتُ عليها من نسخ مخطوطات النجف الأشرف وكربلاء وغيرها من مطبوعات الكتب، فعندي معلومات عن لقب مؤلِّف رسالته المطبوعة في المجلّة وعلّة اشتراكه مع غيره وتاريخ وفاته وو.. فتأسفت كثيراً لو سألني محقّق الرسالة قبل طبعها مع قربي منه.
فكتمان خبر تحقيق عمل ما أو مقالة ما عن أهل الصنعة نتيجته أن يخسر المحقّق الكثير من المعلومات التي تتعلّق بعمله، وعندي أنّ التوكل على الله تعالى والاعتقاد بحفظه، ومتانة العمل ودقته، والثقة بالنفس، هي السبب الباعث من عدم تخوّفي من نشر خبر أعمالي قبل المباشرة بها، أو حين العمل بها.
 وفي حين أتأسف لبعض النفوس التي تعيش الطابع القديم من كتم العمل وما يتعلّق به خوفاً من الحسد، وظنّاً منهم أنّ فكرة العمل تُسرق من السائل أو المقابل، فقد أخبرتُ أحدهم يوماً ما عن عملٍ لي، فتسارع المتلقي وأخرج نفس عملي قبل أن أتمم عملي، فتتبعت الأغلاط التي وقع فيها بعمله ودوّنتها في أوراق خاصةّ، فكانت في أربعين ورقة تقريباً؛ وقع كلّ هذا بسبب عدم العمل بالحديث الشريف (أحبّ لأخيك ما تحبّ لنفسك)، وعدم الدقة في عمله، وحبّ السرعة في إخراجه قبل عملي.

ودخلت يوماً ما إلى مركز تراثيّ فما إن رآني أحدهم وإذا قام مسرعاً  بجمع أوراق عمله التي كانت على الطاولة وقلب ملف عمله حتى لا آراه ، فلم أتأثر لذلك أبدا؛ لأنّ نتيجة عمله هذا هو خسارة الكثير من المعلومات فلو اطلعني لنفعته بسيل منها مثلاً ، وهكذا فالأمثلة كثيرة.

فلذا كتبتُ لأقول: تعاونوا على حبّ نشر العلم يرحمكم الله تعالى ويبارك في أعمالكم، واعلنوا عن أعمالكم قبل البدء بها؛ طلباً للمنفعة، واعرضوا أعمالكم على غيركم قبل طبعها؛ لتخرج من بين أيديكم بقمّة الجودة والمتانة، فالمستشار أمين والرابح في الصفقة العلمية هو أنت، ومن شاور الناس شاركهم في عقولهم، وخير الناس من نفع الناس.
أخترنا لك
لا تجعل بائع فجل يحدد قيمتك

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة