راجع: الآثار الباقية عن القرون الخالية، ص: 420
شهر المحرّم: اليوم الاوّل منه معظّم، لأنّه غرّة الحول و مفتتح
السنة. و اليوم التاسع منه، يسمّى «تاسوعاء» على مثال «عاشوراء»، و هو
يوم يصلّى فيه الزّهّاد من الشيعة. و اليوم العاشر منه، يسمّى
«عاشوراء»، و هو يوم مشهور الفضل، و روى عن النبىّ- عليه الصلاة
والسلام - انّه قال: «ايّها الناس! سارعوا الى الخيرات فى هذا اليوم،
فانّه يوم عظيم مبارك، قد بارك اللّه فيه على آدم». و كانوا يعظّمون
هذا اليوم، الى ان اتّفق فيه: قتل الحسين بن علىّ بن ابى طالب بالطفّ،
مع اهل بيت رسول اللّه، من آل ابى طالب- عليهم السلام- اجمعين -؛ و
فعل به و بهم، ما لم يفعل فى جميع الامم بأشرار الخلق، من القتل
بالعطش و السيف و الإحراق بالنّار، و صلب الرؤوس، و إجراء الخيول على
الاجساد المؤرّبة، و هتك الستر بسبى النساء و الاطفال، و حملهم مشهرين
على الجمال، فتشاءموا به. فامّا بنو أميّة، فقد لبسوا فيه ما تجدّد،
و تزيّنوا، و اكتحلوا، و عيّدوا، و أقاموا الولائم و الضيافات، و
طعموا الحلاوى و الطّيّبات؛ و جرى الرسم فى «العامّة»، على ذلك ايّام
ملكهم، و بقى فيهم بعد زواله عنهم.
و امّا الشيعة، فانّهم ينوحون، و يبكون أسفا لقتل سيّد الشهداء فيه؛ و
يظهرون ذلك بمدينة السلام، و امثالها من المدن و البلاد؛ و يزورون فيه
التربة المسعودة بكربلا، و لذلك كره فيه فعل «العامّة»، من تجديد
الاوانى و الأثاث. و لمّا جاء نعيّه الى المدينة، خرجت ابنة عقيل بن
ابى طالب، و هى تقول:
«ماذا تقولون إن قال النّبىّ لكم:
ماذا فعلتم؟ و انتم آخر الأمم،
بعترتى و بأهلى عند مفتقدى،
نصف أسارى و نصف ضرّجوا بدم،
ما كان هذا جزائي، إذ نصحت لكم
أن تخلفونى بسوء فى ذوى رحمى.»
عن صفحة الدكتور حسن الأنصاري