هنا كانت تُعقد دروس أستاذي المُعظّم آية الله العُظمى الشّيخ الوحيد الخُراساني-مُدّ ظلّه-

2023/04/02

الشيخ جابر جوير حفظه الله تعالى:

أيام..أيام!
وداعاً لتلك الأيام!
في المسجد الأعظم،جزء مِن الحرم..البارحة وقفتُ طويلاً هنا، واستحضرتُ الكثير..
هنا كانت تُعقد دروس أستاذي المُعظّم آية الله العُظمى الشّيخ الوحيد الخُراساني-مُدّ ظلّه-، يوميّاً في حدود 8:30 صباحاً، قبل أنْ يعتزل التّدريس في السّنوات الأخيرة، وقد بلغ مِن عمره الشّريف الآن قريب الـ 102 سنة.
وكان ما ترونه فارغاً الآن يحتشد بالطّلاب، ربما يبلغ الـ 1000.
هنا زاملني كثير مِن الفُضلاء مِن عدّة جاليات، منهم لازال في قُم، وألتقيه، ومنهم مَن رحل إلى بلده، وأتواصل معه، ومنهم مَن رحل عن هذه الدّنيا الفانية - رحمهم الله-.
وكأنّي أسمع ما كنّا نسمعه معاً قبيل الدرس:زيارة صاحب الزّمان -روحي فداه-.
وكأنّي بصوته يعمّ المكان، وهو يمارس صناعة الاستدلال بصوّته الذي تبدو عليه آثار السّنين.
وكيف كان يبتسم عند مقاطعة أحدهم فيصغي لإشكاله، ثمّ يفنّده، ويتجاهل آخر لفرط ضعفه.
وكيف كان ينزع نظّاراته حين القراءة، ويُشعل له ضوء خاص في الفترة الأخيرة.
وكيف كان يسعل بشدّة أثناء إلقائه في بعض أيام شتاء قُم البّارد جداً..وكنت أتألّم عليه حينها وأقول في نفسي مع كل سعلة: (فديتُك).
وكيف كان في آخر أيام دروسه لا يقوى على القراءة، فيُستعان بطالب يقرأ، ثمّ يباشر الأستاذ بالنّقض والإبرام.
ولا زلت أحتفظ بدفاتري التي دوّنت فيها تلك الدّروس بالفارسيّة -فكنت أخشى أنْ تفوتني الدّقة بل يفوتني مقدار مِن كلمات الأستاذ إنْ كتبتها بالعربيّة مباشرة أثناء تلقّيها-، وهي مؤرّخة، ومليئة بالفوائد والنّكات العلميّة.
وكأنّي بزملائي يبادلوني التّحايا، والحديث، والأخبار، وربما بعض المسائل، قبل وبعد الدّرس.
ألا ليت ترجع تلك الأيام!
هيهات!
الله يحفظك يا أستاذي..ويحفظكم يا زملائي..ويرحمكم يا مَن رحلتم عنّا..
لازالت العين تدمع ولا زال القلب يحنّ إلى كلّ تلك المشاهد.
ــ
1- هنا نماذج عشوائيّة مِن أحد دفاتري التي أعتزّ بها كثيراً، وربما لا يكون الخطّ فيها منظّماً ومنسّقاً بصورة ملائمة بسبب سرعة الكتابة، حتّى لا يفوتني شيء مِن كلام الأستاذ، فهي تعبّر عن مادّتها الخام في لحظة كتابتها ضِمن تلك الأجواء.
2- فيها توثيق لبعض الأحداث، منها انطفاء كهرباء الحرم الشّريف وتوقّف الدّرس، وتعطيل الدّرس لفاة المرجع السّيد تقي القمّي (قده).
2- تجدون في حسابي صوراً التقطتُها للأستاذ في الدّرس، ولذا لم أضعها في (البوست).
3- حضرت عند الأستاذ حوالي 8 سنوات في درس الفقه -كتاب الخُمس حتّى نهاية الدّورة، مُضافاً إلى درس التّفسير كل أربعاء، وفي السّنة الأخيرة شرع بكتاب الزّكاة، وحضرته إلى أنّ توقّفت بعدها دروسه العالية.

12

13

14

15

أخترنا لك
الكثير من قبور العلماء والأعلام وألواحها في وادي السلام ذهبت

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة