عليٌّ أمير هؤلاء.. الوحيد الخراساني

2021/01/18

شعيب العاملي
  بسم الله الرحمن الرحيم
وصل البحث في الكلالة إلى أنهم اعترفوا من جهةٍ بأن النبي ص قال: ما أرى أباك (عمر) يعلمها. أي أنه ص لا يرى أن هذا الشخص سيعرف الكلالة، وقد اعترف هو نفسه بأن النبي ص قال ذلك، وكمال الجهل أنه بعد هذا البيان من النبي ص والإقرار منه، عاد ليقول أنه سيقول في الكلالة برأيٍ تُحَدِّثُ به النساء في خدورهنّ !
ثم تعرضنا لقوله أنه يخجل من ردّ كلام أبي بكر !
وهذه الجملة تثير الحيرة والدهشة: لو قال لي النبي معنى الكلام لكان أفضل لي من الدنيا وما فيها !!
ألا تُبَيِّنُ هذه التناقضات مقدارَ الانحراف والضلال والجهل ؟!
 
ومن جهة أخرى فإن الحديث الذي صح (ولا ينكره إلا الجاهل) إذ لا يمكن أن يخدش في سنده من عنده علم بالرجال عند العامة: عليّ مع القرآن، والقرآن مع علي.
ومع فقه الحديث، وضميمة أنهما لن ينفصلا عن بعضهما البعض، فبأي منطق يقدم مثل هذا الجاهل على مثل هذا العالم في الخلافة ؟!
ما هو الجواب ؟!
 
علي أمير المؤمنين وسيد المسلمين
ما يحيّر العقول هو أن هناك أكثر من سبع كتب معتمدة عند العامة قد نقلت الرواية التالية (ودققوا في كيفية البيان):
يا أم سلمة اشهدي واسمعي: هذا علي أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وعيبة علمي "وعاء علمي" وبابي الذي أوتى منه.(المناقب للخوارزمي ص142، ينابيع المودة للقندوزي ج1 ص159وغيرها من المصادر بتفاوت يسير)
 
وفي هذا الحديث خمس مطالب:
فبعد أن جعل أم سلمة شاهدة بهذه الشدة والتأكيد (اشهدي واسمعي)، قال عن علي ع.
أمير المؤمنين: أحياناً يعبر الفخر الرازي عمن قال عن نفسه (كل الناس أفقه من عمر) بأنه أمير المؤمنين !! إلى هذا الحد ليس عنده إدراك !! فمع هذا الإقرار على نفسه كيف يمكن أن يكون أميراً للمؤمنين ؟!
لكن من يقول هنا: هذا علي أمير المؤمنين، هو ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾
 
سيد المسلمين: الثاني.
وعيبة علمي، وعاء علمي: وهنا قد استعمل التعبيران.
وبابي الذي أوتى منه: فإن طريقي تنحصر بعلي بن أبي طالب.
هذه الكلمات تحتاج إلى شرح.
علي أمير المؤمنين: متى تفهم هذه الكلمة ؟ عندما يفهم القرآن، من هم المؤمنون ؟ نص القرآن: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ  الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ  وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ  وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ  وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ  إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ  فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ  وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ  وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ  أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ  الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ  وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ  ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ [المؤمنون : 1-14]
 
ضم هذه الآيات لذلك هو مفتاح المطلب، فإن خلقة الإنسان من سلالة من طين، إلى أن وصل إلى الخلق الآخر، حتى قال تعالى: ﴿فتبارك الله أحسن الخالقين﴾ فإنه قد عدّ ثمرة هذه الخلقة أهلَ الإيمان.
 
لقد بُيِّنَ الإنسان من مبدئه لمنتهاه في هذه الآيات.. المبدأ ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ﴾ والمنتهى ﴿الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾
 
أما فهم المؤمنين، الذين وصلوا لحقيقة الإيمان، فمشكل جداً..﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾
هذه الجملة وحدها كافية، أولئك هم الذين يعرضون عن مطلق اللغو، والوصول لهذا المقام يعني أنهم ممن ليس عندهم حرف ولا فعل ولا فكر لَغوي!
هكذا تُفهم الروايات، وأن المؤمن أعز من الكبريت الأحمر، وهل رأيت الكبريت الأحمر ؟!
المؤمن أعظم من الإكسير الأعظم..
وعليّ أمير مثل هؤلاء !
 
المحيّر أن هؤلاء يكتبون هذه الأشياء، ثم يقولون أنه الخليفة الرابع !!
فكيف تحل المشكلة يا ترى ؟!
هذه الكلمة الأولى. ولا ينتهي البحث بهذا..
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ وإنما تفيد الحصر.. وهل يا ترى نحن كذلك ؟ .....
المؤمنون هم الذين إذا سمعوا ذكر الله وجلت قلوبهم، ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً﴾ فكلما قرؤوا آية زادت في إيمانهم ﴿وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ فتوكلهم على الله حصراً..
فإن كان هذا مقامهم ما هو مقام أميرهم ؟!
يا أم سلمة اشهدي واسمعي: هذا علي أمير المؤمنين.
 
ثم يصل إلى قوله ص:
سيّد المسلمين: ما هو الإسلام ؟ ومن هو المسلم ؟ اقرؤوا القرآن لتعرفوا ما هو الإسلام ومن هو المسلم.
الإسلام ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ﴾
والمسلم ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة : 127-128]
عليّ سيد المسلمين، فكل من كان تحت راية الإسلام يكون تحت بيرق سيادة علي بن أبي طالب.
 
هذه الكلمة الثانية، أما الثالثة:
عيبة علمي: ما هي العيبة ؟ وما هو علمه ؟
العيبة عبارة عن ذلك الظرف الذي تُدَّخر فيه النفائس، فيقال له عيبة.
قد يقال عن أحد أنه عيبة علم موسى بن عمران، وهذا المقدار يعجز العقل، من هو موسى ؟ ﴿وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف : 145]
فعيبة علم موسى غير قابلة لإدراكنا.. وعيبة علم إبراهيم غير قابلة لأفهامنا.. وكلهم تحت شعاع الشمس.. تلك الشمس التي قال الله تعالى عن علمها ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً﴾
صار عليّ عيبة العلم الذي علّمه الله بعظمته وأودعه في صدر النبي الخاتم.. معنى هذه الكلمة أن علم تمام الأنبياء من آدم إلى الخاتم كله في قلب علي بن أبي طالب.
 
ولابن دريد كلام طرحه لازم: قال: وهذا من كلامه الموجز: مما لم يضرب أحد هذا المثل قبل ذلك.
في إرادة اختصاصه بأموره الباطنة التي لا يتبع عليها أحدٌ غيره.: أي أن قوله علي عيبة علمي، لكي يُفهِم أن تلك الأمور الباطنة والعلوم المخفية التي لم يطلع عليها أحد، كلها قد أودعت عند علي بن أبي طالب.
وذلك غاية في مدح علي: فلا يمكن مدح علي بأرفع من ذلك..
وعيبة علمي، وقد كانت ضمائر أعدائه منطوية على اعتقاد تعظيمه: فمن جهة يكتبون الكلالة والجهل، ومن جهة أخرى ينقلون هذا الحديث.. ومن ثم يُجلِسون الإثنين محل النبي ص ويغصبون حق مثلِ هذا ؟!
لأي منطق قدرة الجواب على هذا ؟!
هذا الكلام مع من كتبوا ذلك وكتبوا هذا الكلام..
 
والحمد لله رب العالمين
أخترنا لك
وهبّت الزهراء لتدافع عن إمام زمانها !! في قلعتها !! (آية الله الشيخ مصطفى الهرندي)

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف