خواطر.. لا حُكْمَ عليه

2022/12/20

بقلم:نجوى معروف/ الراية

غارقة في تنقيح رواية مُبهمة، وعدت الكاتب إخفاء أوجاع المحبة، وتمويه الشخصيّات، وإزالة النقاط عن الحروف، ووعدته ألّا أكتب توضيحًا لألغازه وتفسيرًا لنيّته.

فالقارئ لا ينتظر النقاط ليقرأنا كما كتبنا، سيكتفي بالعنوان وآخر الكلام، ليقررَ أي نقدٍ يستحقه الرواة.

سيجرّ ما يستحق الرفع، ويدّعي الجهل بالنحو والقواعد، ليثبت أنني مجنونة الحركات، هكذا هي الحياة، لا تحتمل أكثر من إله واحدٍ أحد، فالعباد لا مُستقرّ لهم ولا هم عادلون.

ثورة الملامح البلاستيكيّة تستولي على براءة الوصل، كل ما حولنا مُزيّف الملامح، لم نَعُد نُفرّق بين من لسَعَهُ الناموس، وبين من سَلّم فمه للحُقنِ، لا أحد يقول لك سلامتك، وأنت في غارك المُزيّن بالأكاليل، من يعلم إن كنت مُعتزلًا للعبادة، أم ناقمًا على عبادهِ، أم أنها عادتك، لا أحد يعلم الغيب سواه.

حين داهمني الحزام الناري سَتَرته ملابسي الزاهية، لم يشعر بناره سواي، وهكذا أنت اليوم، يسمع الله صلاتك، ولَهُ قرار الشفاءِ وساعة التنفيذ، فهلّا كنت من الصابرين ؟!

في الخارج أفراح تعمّ الأماكن، وقلوب تفرّ من آلامها، وأرجل تسير في بعدٍ عن الأحزان، في الخارجِ مُتسع لإخفاء المُعاناة الموزّعة على البشر، وبطاقة منتهية الصلاحية للأفراح التي تلاشيناها حين وهبتها لنا الحياة، فهلّا كنت من الشاكرين؟!

تكاد الكوانين تُغادر المكان، وأنت لم تلحظ نعمة الطقس بعد، ولم تُجرّب لذّة القشعريرة أمام جمر الكوانين، وتحت ضوء القمر، إنّها نعمة المراحل، نعمة الاختلاف. لا ذنب لي بخوفك من الشمس والغبار، ولا بسماكة ستائرك المُنسدلة على رخامة صدرك، فأنت خائف في كل الفصول، أنت صديق الثبات الذي لن يتحقق، فلماذا تتمنى عودة الزمن؟

يومًا بعد يومٍ، أتحلل من إحْرامٍ تجاوز موسم الحج، وأُذَكِّر نفسي بحكمة الفرج، وبأنّ امرأة سعت بين الصفا والمروة سبعًا وعلى صدرها طفل يقتله الظّمأ، حتى تفجّرت زمزم، فرج السماء ينبثق من باطن الأرض، سأطوف في وداع الحرم، وأستودع الدعاء بين الفؤادِ والسماء، سيستجيب الله وقتما يشاء، علّه يغفر إلحاحي، ويغمرني بكوثر الرضا، لن أندب ولن أنتظر، ولن أشاركَ في حلقات المواساة.

الانتظار ليس صبرًا، والصبر ليس وقتًا، سأغادر دائرة الترقّب آخذة معي عقارب الساعة، لأستقبل الشروق بعددِ أنفاس الصبح، وإطلالات السحاب بعد بزوغ الشمس، والغيث بعدد الممات وكل شيء حي، إنها الحياة يا عزيزي، متى ستدرك أن المُتغيّرات توأم الزمن، وأن بصرك لن يبقى بقوة الحديد، وأن الذهب أليَنَ وأبقى، ولولا التبر والرمل، ما نِلْنا عدسات النظر، ولا أقراط الاتزان.

 

أوقد الفحم في كانونِ آخر العام، وأتأمل حكمة المناجم، بريق الماس لا يبعث الدفء، لكن الجمر يفعل، رغم سواد البدايات.

 

سأستقبل الحسنات كلّما ساءت بهم الظنون، وتعددت التُّهَم، سأصدّق نفسي وأتخلّى عن إثبات البراءة، لأغتسل من عوالق الأحكام، وأتطهر من ألسنتهم بلا حول ولا قوة إلا بالله.

 

وحدهُ الكاتب مُتهمٌ حتى يُثبت براءته، ولا حُكم على القُرّاء.

أخترنا لك
الحجاج يؤدون مراسم البراءة من المشركين على صعيد عرفات

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة