بقلم مجاهد منعثر منشد
الكاتبة نسرين إدريس قازان , لبنانية مواليد 1975 كفرتبنيت, روائية وقاصة وكاتبة في مجلة بقية الله, وصدر لها عشرات المسرحيات العاشورائية وسلسلة أفلام من بينها(وفي طفولتهم كبار) .
صدر لها ثلاث مجموعات قصصية: (شظايا حلم وخاتم العرس وثرثرات امرأة صامتة), أيضا قصة سراديب الوجع (قصة الأسيرة مريم نصار) وسراج الربيع دماء( قصة الشهير ربيع وهبي) و بلال (قصة الشهيد بلال حاطوم) .
ولها روايتان هما : حب تحت الحصار(حصار جنين 2002), هالة حب(رواية للمراهقات).
والرواية الثالثة الرائعة والنَّجمِ إذَا هَوى (رواية القابضة على نياط القلب) والتي تروي فيها قصة الشهيد حسين كمال حمود (رضوان) على لسان وألدته الكاتبة الكبيرة ولاء حمود.
وبهذا الموجز ندرك أن المؤلفة تتقيد بالأدب الملتزم الذي يحاكي فئة مجتمعية تقاوم عدوها ببسالة وتربية إسلامية معاصرة .
وهي تعبر عن أحداث حقيقية واقعية(سيرة), وكتابتها تتحقق فيها شروط كتابة الرواية الأدبية.
وقد طوعت الأستاذة نسرين في روايتها الواقع الذي تنتمي إليه, وهي تمسك بزمام شخصياتها وهي متخمرة في مخيلتها .
وقبل أن نكمل الكلام عن هذه الرواية القيمة , لابد لنا من طرح سؤال:
هل هذا النوع من الأدب الروائي فريسة العصبية الأيديولوجية أو نوع من التزمت والانغلاق؟
ـ لو نظرنا لطبيعة الأدب الروائي سنجد بأن المشاع هو إنساني بحد ذاته حسب ما يعبر عنه, أذن هل يتناول شريحة واحدة فقط هي المعنية بالرومانسية والحب؟
كلا , فلا معنى لتلك الإنسانية التي تعني رضوخ كل الأفكار لها , فالآدب عام ومصنف (أدب عربي , أدب إسلامي , أدب انكليزي , فرنسي ..الخ) , بمعنى أخر الرواية الأدبية إنسانية بشكل عام . وتكتب بشروط موحدة تقريبا لتقديم صورة الحياة الكاملة لمجتمع ما. وهذا يشير إلى أن رواية (والنَّجمِ إذَا هَوى) صورة المجتمع الذي تعيشه الروائية. تحكي عن أسرة أسفر صمودها الذي يقارب نصف قرن على أن يكون معطاء .
إن الكاتبة قدمت أفكارا مشابهة لروايتي (القابضة على جمر والقابضة على أشواك الورد) من تأليف الأديبة ولاء حمود , لكنها زادت من صورة الحياة لما يختلج داخل نفس أم الشهيد وما عاشته في بيت أهلها وما تبنته من أفكار نتيجة التربية لنتنتج ثمرة هذه الجهود في تربية ولدها الشهيد حسين .
فالرواية عرض لهذه السيرة : أم جاهدت بنفسها أو شاركت بالجهاد من خلال تقديم فلذة كبدها أو بقلمها , فمن خلال أم الشهيد تكتب رواية الشهيد .
لقد أزاحت الروائية متاريس اللغة وأسكنتها سراديب جسد روايتها , بين ثنايا السطور والأسئلة المطروحة .
ورغم طوفان الحزن ,إلا أن جمال الحروف ونسج الكلمات بالنصوص بصورة بهية يمنحك سعادة غريبة وكأنك طائر تحلق على أغصان أجمل الثمار تستنشق عطرها وتأكل منها , فمن العنوان (والنَّجمِ إذَا هَوى) والسطور الأولى تتحسس الأسلوب: (في تلك اللحظة، شعرت بنور تلك النجمة المخبأة في الصندوق يُضيء كياني، وأن الظلام المطبق على القاعة ليس سوى فضاء واسع أهيم به وأنت فيه قمري. لم اعرف وقتئذٍ إن كانت روحي قد نضحت بالفخر أم بالذهول؟!).
النجم أو النجمة أين سينتهي كل منهما في الرواية؟
عنصر التشويق حاضر في السرد القصصي للرواية ويرافقه تحفيز ذهن القارئ لرسم الصورة بمخيلته، كما نلاحظ النهاية في النص الأول (بالفخر أم بالذهول؟!) .
وفي نص أخر : (نجمة الأم الجالسة بين الحضور المتفاعل في قاعة السيدة زينب عليها السلام في حارة حريك، ولا تعرف ماذا تشاهد بالضبط: المسرحية؟ أم ابنها الصغير في دور البطولة؟ أم انها عبرتْ إلى صحراء كربلاء مُتسائلة لو قدّر لها أن تكون هناك في تلك اللحظات، إلى من ستهرع؟).
تتمتع هذه الرواية بوجود الزمان والمكان, والوصف بإحساس عالٍ لا سيما ما يختلج في داخل نفس الآم .
ويتعلم القارئ الكريم من رواية (والنَّجمِ إذَا هَوى) جملة فضائل إنسانية, منها:
1. لمن نلجأ لتخفيف مرارة الحياة وكيف ينجلي الظلام العابر فيها.
2. الشعور بالتربية الأسرية المستقيمة التي من بينها: (العائلة، هي أجمل لوحة رسمت بالحبّ. هل ثمة شيء في الدنيا يستحقُ أن تتمزق؟ هل هناك شيء أهم منها؟).
3. الشعور بالأمومة الحقيقية وروعة الشعور الذي يرافقه (الأبوة) مع الرضا بما قسم الله للوالدة نتيجة ما وصلت إليه من شكر النعمة.
4. التضحية عند طلب الزوجة من بعلها أن يتزوج عليها كونها لاتستطيع الأنجاب مرة أخرى .
5. الإنجازات التي تقدمها المرأة وإن كانت أمية , وتغدق حنانها لا على عائلتها فحسب إنما على الأيتام المحرومين .
وهنا لا يسع المجال لذكر الكثير من الفقرات المهمة التي يستفيد منها القارئ والروائي والناقد من هذه الرواية القيمة .
الرواية جيدة جدا سواء من ناحية المعاني والموضوعات والجماليات , فالرواية ليست تربوية أو جهادية فحسب, إنما الانصهار في عشق أهل البيت عليهم السلام , فالكاتبة ربطت الرواية من حيث الزمن بمسرحية حسينية كان دور الشهيد حسين فيها هو القاسم بن السبط الإمام الحسن عليه السلام .
والختام كلام الشهيد قبل شهادته بليلة واحدة ,إذ كان يتحدث عن دوره في تلك المسرحية الخالدة .
وأيضا هي للقراء الذين يعشقون الميثولوجيا وأساطير الوقت المعاصر الحقيقية ,فهي أسطورة واقعية لأسرة مسلمة مثالية .
أكتفي بهذا القدر من القراءة رافعا كفي بتحية إلى أختي التي لم تلدها أمي الأستاذة نسرين على هذه الجوهرة الثمينة الفعلية و كما جاء في الإهداء للشهيد : أهدي عينيك هذه الكلمات.
واخيراً أهدي هذه السطور المتواضعة إلى الشهيد حسين ووالدته وأسرته والروائية, حفظهم المولى عز وجل وكساهم بضياء نوره وحباهم برعايته في الدارين إنه سميع مجيب...