بقلم/فريدة العبيدلي
تطالعنا شبكات التواصل الاجتماعي يوميًا بأخبار نصب واحتيال يمارس على مختلف المستويات، الفردية والجماعية والدولية بأحداث متتالية، ما يثير المخاوف في النفوس الآمنة ويدعو للتساؤل عن أسباب انتشار هذه السلوكيات السلبية بهذه السرعة المتناهية.
قد يقول قائل: إن مثل هذه السلوكيات السلبية موجودة وليست بجديدة على المجتمعات البشرية، حتى لو كانت موجودة في السابق، لم تكن بالصورة التي هي عليه اليوم من تمدد وانتشار وتشعب يضرب بمعاوله الهدامة في مفاصل مختلف مجالات المال والأعمال، وبيئات العمل، والتجارة والمشاريع التنموية تحت مسمّيات متعددة: مناقصات، عمولات مالية، عقود وهمية وأخرى فلكية تنشر في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، ما يجعل مثل هذه الأساليب مثار قلق وخوف وتساؤل عن الأسباب المؤدية لذلك في عالم تكثر فيه التناقضات، والصراعات، والتحالفات المعلنة والمستترة، وغير ذلك من لغات التهديد والوعيد بحروب نووية.
هل أصبح الحصول على المال هاجسًا في أجندات البعض إلى درجة أن سبل العيش أصبحت في نظرهم مجرد (عملات نقدية وأرصدة بنكية) يجب أن يحصلوا عليها بمختلف الطرق والوسائل حتى غير المشروعة منها دينًا وخلقًا وقانونًا.
أم إن تطور التكنولوجيا الرقمية واتساع استخدامها في عالمنا المعاصر هو أحد أسباب انتشار أخبار مثل هذه الأحداث المدمّرة للمجتمعات؟ أو إن أرض الواقع تزخر فعلًا بمثل هذه السلوكيات السلبية، التي استشرت بطريقة مرعبة.
ما ينشر من أخبار صرف مبالغ مالية في غير مكانها، يجعل بعض بيئات العمل أراضيَ خصبة يستفاد منها في المصالح الشخصية وزيادة الحسابات المصرفية.
ما هي الدوافع المستجدة التي جعلت هذه السلوكيات المُنافية لقيم الأمانة والمسؤولية في نظر البعض عادية وحقوقًا مشروعة يجب الحصول عليها بطرق ملتوية؟
هل السبب في ذلك ضغوط الحياة الاقتصادية؟
ما يمارس في عمليات النصب والاحتيال تتداخل فيه الأوضاع المالية، والمستويات الاجتماعية والأدوار الوظيفية، والمؤهلات العلمية الأكاديمية.
شهادات مزورة، وخبرات عملية وسير ذاتية تفتقر للمصداقية، وتعيينات خارجية ومحلية لا تخضع للمعايير والشروط المهنية اللازمة تمرر بحجج واهية.
ما يجري على أرض الواقع من عمليات نصب واحتيال يحتاج لهزة قيمية وأخلاقية، توقظ الضمائر وتحيي القيم الأخلاقية لحماية المجتمعات الإنسانية حتى لا تصبح الانحرافات القيمية الدينية والاجتماعية في نظر الأجيال القادمة سلوكيات مألوفة.
