بقلم/ مليحة عبدالكريم الشافعي
سألَ أحدُ الشباب رجلَ أعمال من أثرياء العالم عن سر النجاح، فقال له: الصبر هو سر النجاح.
أضافَ رجل الأعمال قائلًا: إن أيّ شيء في الدنيا يمكن عمله بشرط أن يتذرّعَ الإنسانُ بالصبر.
سأله الشاب مرّة أخرى: لكنّ هناك أمورًا لا يمكن عملها مهما كان الإنسان صبورًا!
ردّ عليه الرجل بسؤال: وما هي تلك الأمور؟ أجاب الشاب وقال: نقل الماء في المنخل.
قال له رجل الأعمال: بالصبر يمكن نقل الماء بالمنخل، فقط إذا انتظرت الماء حتى يجمد ويكون ثلجًا.
عندما نقف على نقطة البداية في كثير من قصص العظماء وروّاد النجاح نجد فيها حافز الإلهام للوقوف عليها واستحضار تلك التجارب الرائدة، فالكثير منها كانت بدايات مُتواضعة ومُتأرجحة بين السقوط والوقوف، ويظهر أن الصبر وتَكرار المحاولات بطرق مُختلفة هو العامل المُشترك في أغلب قصص الناجحين حول العالم قديمًا وحديثًا.
البدايات ليست معيارًا لتحديد نجاحك أو فشلك، البدايات مُرتبطة دائمًا بالمُعاناة والقسوة، والمُثبطات والمُحبطات والعوائق التي لا تنتهي، لكن العبرة دائمًا بخواتيم الأمور.
إن طريقَ النجاح ليس مفروشًا بالورود، والحياة لن تُعطيك ملعقة من ذهب، بل هي صبر واجتهاد مُضنٍ وسلسلة من التجارب الفاشلة التي تقود إلى صناعة الخبرة والكفاءة ومن ثم النجاح والتفوق.
تكمن مشكلة الجيل الجديد في أنه جيل مُتسرّع النتائج، ويظن البعض أن تحقيق الأهداف يمكن أن يحدثَ بذات الحياة العصريّة التي تمتاز بها سرعة العصر الحديث، المشاريع العملاقة ليست مجرد كبسة زر، والوصول إلى قمّة النجاح يستلزم الصبر الطويل والخبرة والممارسة وعدم الاستسلام للسقوط من أول مرّة.
يقولُ نابيلون هيل: «الصبر والمُثابرة وبذل العرق مزيج لازم للنجاح»، ويرى توماس أديسون أن «كثيرًا من حالات الفشل في الحياة، كانت لأشخاص لم يدركوا كما كانوا قريبين من النجاح عندما أقدموا على الاستسلام».
نحن نستعجل النتائج قبل أوانها، وكل عمل يستغرق وقته المُناسب، حتى البذور عندما نزرعها في الأرض فإنها بحاجة إلى وقت وسقاية بالماء وعناية مُستمرة حتى نحصد ثمارها اليانعة.
أعطِ كل شيء وقته، ولا تستعجل المُكافأة والنتائج قبل أوانها، ومارس ثقافة الانتظار باستمتاع، الطرق السريعة تفقدك متعة الاستكشاف، وكلما طالت الوجهة قلت العثرات وكسبت الكثير من نقاط القوة.
الصبر فن وقيمة عظيمة لا يجيده إلا القلائل من الناس، ومن يتقنه يستطيع التغلب على كافة الصعوبات، ويحقق الكثير من النجاحات لأنه مفتاح كل الأبواب، ومن ينتظر تفتح له الأبواب، ومن يتعجّل يخسر فرصة الدخول.
ولك أن تتخيّلَ أن كلمة الصبر وردت في القرآن الكريم أكثر من تسعين مرّة كدلالة على أهميته وقيمة نتائجه، والبشائر العظيمة التي تنتظر من يتقنون فنونه.
إن الأمور لا يمكن أن تُقاسَ بالحظ، بل بالعمل بالأسباب، والكثير منّا يمتلك مُقوّمات النجاح لكنّه يفتقد مهارة الصبر.. أنت لست سيئ الحظ بل قليل الصبر والإصرار والثبات، فالزم الصبر تغنم بالنتائج المُبهرة.