فريدة العبيدلي
نعيشُ في عالمٍ تتطورُ فيه وسائلُ التكنولوجيا الرقمية تطورًا سريعًا متلاحقًا أدَّى لتغيير مفاهيم قيميَّة كثيرة في حياتنا بمختلف جوانبها الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية، وجاءت جائحة «كوفيد- ١٩» لتفرضَ على العالم البحث عن حلول ابتكاريَّة سريعة تُساعد في دفع مسيرة الحياة اليوميَّة بأنشطتِها المُختلفة للأمام
ومن وسائل التكنولوجيا الرقميَّة التي اكتسحت العالم وتجاوزت حدودَه وحواجزَه الجغرافية بسرعة البرق الصورُ الفوتوغرافيةُ والفيديوهاتُ المسجلةُ.
تناول المغردون منذ فترة على «تويتر» صورةَ طفلٍ جزائري نزع رداءَه لحماية أخيه الصغير من الشمس، وتصدَّرتها عبارة «صورة تأسر القلوب» كتبها المُغرِّدون وألحقوها بعبارة أخرى تجسد مفاهيم الصورة المعنوية «صورة الطفل علمتنا درسًا في معنى الأخوة» وسبقتها بأيام كذلك صورة قديمة متداولة من أرشيف الحروب تمثل هي الأخرى «صورة طفل ياباني يحمل جثة أخيه الرضيع المتوفَّى على ظهره أثناء الحرب العالميَّة الثانية، ورأس أخيه مُتدلٍ على ظهره، ومشاعر الحزن تبدو عليه» وصنفت هذه الصورة من أكثر الصور تأثيرًا في تاريخ العالم.
الصورتان لفتتا أنظار العالم وسلطتا الضوء على مدى عمق مشاعر الأخوة في العلاقات الأسرية، بإبرازهما دلالات الأخوة والمشاعر الإنسانية لدى البشر على اختلاف جنسياتهم ودياناتهم وثقافاتهم وبلدانهم، مشاعر تلقائية طبيعية بدأت قيمها تتخلخل في ظل عالم طغت فيه المصالح الاقتصادية والرأسمالية المتوحشة على كثير من المشاعر الإنسانية، وزاد حدَّتَها وقسوتَها تنامي ظاهرة التفكك الأسري وحالات الطلاق الآخذة في التزايد، والحملات المستعرة المنادية بحقوق زواج المثليين في بعض الدول.
في ظلِّ ما يشهدُه العالم من تحدياتٍ تواجه الأسرة، تبقى مثل هذه الصور الإنسانية علاماتٍ مضيئةً تمسُّ شغاف القلوب وتحيي ضمائر الناس لقيم ومفاهيم العلاقات الأسرية، تعززها الوسائل التكنولوجية المتطورة المساعدة على مواجهة مختلف التحديات التي تواجه وَحدة الأسرة وروابطها الإنسانية.
ورغم كل تلك التحديات الحياتيَّة التي تشهدها المجتمعاتُ البشريةُ تبقى مشاعر الأخوَّة من أسمى المشاعر الإنسانيَّة وروابطها الأسريَّة، التي يحثُ عليها دينُنا الإسلاميُّ الحنيف والديانات السماوية الأخرى.
