خواطر.. عبء أم راحة ؟

2022/06/20

بقلم:نجوى معروف

تُعدُّ العمالة المنزلية من الأساسيات في حياتنا العصريّة، إذ لم تعد مجردَ ضرب من ضروب الرفاهيّة التي كان يمتازُ بها ميسورو الحال.

إذ ازدادت الحاجة مع اختلاف ظروف الحياة، فالمرأة سواء كانت من أسرة ميسورة الحال، أو زوجة رجل مُقتدر، أصبحت عنصرًا فاعلًا في ميدان العمل، ولا يمكن الاستغناء عنها، خاصة في مجالات كالتعليم والصحة والتربية الرياضية، كما أنّها تحتاج لتحقيق ذاتها، والتحوّط من تقلبات الزمن، لتضمن لنفسها دخلًا تساهم به في المصاريف، ومن ثم راتب تقاعد مريح.

لقد أدّى انخراط المرأة والرجل في العمل لساعات متأخرة، إلى زيادة الاعتماد على العمالة المنزلية، خاصة أن إجازة الأم في القطاع الخاص، لا تتعدى شهرًا في العام، بينما إجازات الطُلاب أكثر وأطول.

ومع التوسع المعماري، يقضي الأهالي أوقاتًا ومسافات بين المدارس والمنازل ومقارّ العمل، إضافة لزيادة النشاطات بعيدًا عن المساكن، ويُذكر أنّ بعض العائلات تعاني من تنوّع مدارس الأبناء، وما يتبعه من اختلاف مواعيد الدوام والإجازات، ولتجنّب مكوث أحد الصغار لسويعاتٍ دون رعاية، يضطر الأهالي للاستعانة بأكثر من سائقٍ وعاملة منزلية.

البيوت الكبيرة نعمة تستحق الحمد، لِما توفّره من خصوصية وراحة لأفراد الأسرة، لكنها بحاجة للتنظيف والصيانة المستمرة، ومن الصعب الاعتماد على العاملين بالساعات، فوجود خادم مكفول ومقيم في البيت، يمنحُ نوعًا من الأمان النفسي للطرفين، فيعيشُ العامل مستقرًّا في غرفة خاصة، ويجد زاده وعلاجه وملابسه، غير مُجبر على التنقل لتلبية طلبات عدة أشخاص مختلفي الطباع.

ويَنعَمُ الخدم في بيوت العرب بمزايا تفوق بنود عقد العمل، فكل شيء متوفر، ويتعلمون أصول النظافة مع تزويدهم بأدوات العناية الشخصية، ولديهم مساحة حرية كافية للتواصل مع ذويهم والخروج للنزهة وتحويل الراتب، كما يُغدق الكفيل عليهم بما تجود به نفسه من صدقات وملابس وقروضٍ لا يُطالبهم بها أحيانًا.

وكثيرًا ما يُبقي بعض المقتدرين قدامى الخدم، من قبيل الرأفة والإحسان، رغم أنّهم لم يعودوا بحاجتهم، آملين بالأجر والثواب.

ويحدث أن يموت أحد أقارب العاملة المنزلية فتسافر على حساب الكفيل دون أن يتردد، أو يخصم من راتبها.

وقد يُفاجأ الكفيل بعد أسابيع من استقباله للعامل بأنّه مُصاب بمرضٍ ما، لم تُظهره الفحوص الطبية المُسبقة، فيجد نفسه مضطرًا لتحمُّلِه، أو الاستغناء عنه مع خسارة التكاليف، عدا كآبة فراقه لذويه، أو حسده النابع من المقارنة، كلها تفاصيل يعاني منها الكثيرون، ومعالجتها لا تخلو من الخسائر المعنوية والمادية، ناهيك عن هروب الخدم، ومشاكل بعضهم الأخلاقية.

في نفس الوقت، يخضعُ الكفيل لقوانين العمل في وظيفته، ويدفع ثمن زاد أهل بيته وكسوتهم ونظافتهم، وصيانة كل ما تتلفه العمالة المنزلية من سيارات وكهربائيات وأثاث وصرف صحي على مدار العام، وفي حال تعرضه للسرقة، لا يجد سبيلًا لاسترداد ممتلكاته سوى الاحتساب، اختصارًا للجهد والعناء.

وبعد إجراء عملية حسابية لمجمل تكاليفهم كأحد أفراد العائلة، كانت النتيجة مبلغًا صادمًا.

تُرى ما الحلول المقترحة لمعالجة الأمر، هل بالإمكان تقليل ساعات الدوام، وتقنين عدد العاملين؟ وهل سنستطيع التغاضي عن بُطء الأعمال المنزلية من طهي وغسيل وتنظيف؟ أم سنضطر للاستعانة بعمالة محلية يومية بالأجرة؟

على الأغلب، ستستمر الحياة مقابل بعض التنازلات، فالقدرة على الاستغناء من أسباب التوفير، أليسَ كذلك، أم أنّني أهذي تحت تأثير مُسكّنات آلام الظهر والمفاصل؟

أخترنا لك
البرومو الرسمي لـ"لما كنا صغيرين" يتخطى الـ ٧ ملايين مشاهدة

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة