في محراب الكلمة ….متى تصبح الاجتماعات مضيعة للوقت ؟

2022/06/18

بقلم : مليحة عبدالكريم الشافعي

يجتهدُ مُدير إحدى المنظمات الكبيرة في الانتقال من اجتماع إلى آخر، وينتهي يومه وجدول أعماله مزدحم بالاجتماعات التي تُؤجّلُ إلى اليوم التالي، وهكذا مسيرة طويلة من الاجتماعات التي لا تتوقّفُ.

أدمنَ هذا المدير الاجتماعات وفاته الكثير من الأعمال المهمّة في جوانب التخطيط والمراقبة والتقييم، ومن هوسه بالاجتماعات عمّمَ الظاهرة على المنظمة فأصبحت كل صغيرة وكبيرة لا تُناقشُ إلا في اجتماعات مُطوّلة.

في إحدى المرات همست في إذن إداري رفيع ممن أدمنوا الاجتماعات، ما هي الفوائد التي تجنيها من وراء كل تلك الاجتماعات؟ أجابني بسخريّة: الاجتماعات تمنحُ الموظفين فرصة للتذمّر معًا والتخفيف من ضغوطهم اليوميّة.

عندما أجد بعض الموظفين يقضون أوقاتهم في الاجتماعات الطويلة المملّة، أتساءلُ: إذا كانت كل هذه الأوقات المهدرة في الاجتماعات، فمتى يتم متابعة الأعمال وتنفيذ المهام الموكلة، وتحقيق نتائج تلك الاجتماعات؟

المدير الذي يُحوّلُ قاعة الاجتماعات إلى ساحة مفتوحة لمناقشة كل صغيرة وكبيرة عليه أن يراجعَ نفسه لأنّه في هذه الحال يعدُ فاقدَ السيطرة ولا يملك الثقة الكاملة في موظفيه، بعض المشكلات قد تُحلُ باتصال أو رسالة أو لقاء مصغر أثناء تناول وجبة الإفطار.

السؤال المطروح الآن: متى تصبحُ الاجتماعات مضيعة للوقت؟

حسب الكثير من الدراسات فإن الاجتماعات سيئة التنظيم تهدرُ الكثير من الأوقات وتؤثرُ على أداء الموظفين وإنتاجية المنظمات، ويصل البعض إلى كره الاجتماعات، وتتحوّل إلى أداة من أدوات التشتيت وعدم الفاعلية.

يصبحُ الاجتماع مضيعة للوقت عندما لا يتم وضع جدول محدّد للاجتماع، فيتحوّل إلى جلسة ترفيهية لتبادل الأحاديث الخاصّة وتصفح الجوالات والتعليق على أمور غير ضروريّة. تصبح الاجتماعات مضيعة للوقت عندما لا يتم التهيئة لها بشكل مسبق فتأتي مفاجئة وعشوائية ويكون من الصعب على المجتمعين الاستعداد لها فضلًا عن أنها تمنعهم من أداء مهامهم الرئيسية.

تصبح الاجتماعات مضيعة للوقت عندما لا يوجد لها حد زمني فتستمر إلى ساعات طويلة حتى تبدأ موجة التثاؤب والنعاس في أوجه الموظفين وتصبح الاجتماعات بدون جدوى تُذكر.

تصبح الاجتماعات مضيعة للوقت عندما تفقدُ عنصر الحركة والعناصر البصريّة فهي وسيلة من وسائل القضاء على الملل في الاجتماعات.

تصبح الاجتماعات مضيعة للوقت عندما يغيبُ عنها صاحب القرار الحقيقي فقد يجتمعُ البعض لساعات طويلة ويخرجون بقرارات لا تلبث أن تجدَ نفسها ملقاة في سلة المهملات بسبب عدم موافقة صاحب القرار وبالتالي هدر الكثير من وقت الموظفين.

تصبحُ الاجتماعات مضيعة للوقت عندما تتحوّلُ إلى ساحة مزدحمة بالمجتمعين، ويرى الخبراء الإداريون أن أكثر الاجتماعات قدرة على توفير الرضا والإنتاج يجب ألا تزيد على سبعة أشخاص فقط.

أخيرًا، لا أدعو إلى مقاطعة الاجتماعات، فالاجتماعات لها بُعدها الاجتماعي الذي لا يمكنُ تجاهله، لكني أحثّ قادة المنظمات على ضرورة مراجعة الكم والنوعيّة في الاجتماعات لضمان فاعليتها في تحقيق النتائج المرجوة بالإضافة إلى حفظ أوقات الموظفين واستثمارها فيما هو أهم.

استشاري تدريب وتنمية

بشرية وتطوير مؤسسي

أخترنا لك
نوريا غارسيا ماسيب: تعلّم فن الخط العربي يشبه الموسيقى والباليه

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة