فيض الخاطر.. شيرين أبو عاقلة.. صوت الرفض العربي

2022/05/18

د.كلثم جبر الكواري

مقتلُ شيرين أبو عاقلة ليسَ الجريمةَ الأولى للصهاينة ولن تكونَ الأخيرة، فقد عرف الكيان الصهيوني بدمويته منذ وجودِه غير المشروع في الأراضي الفلسطينية، وهو كيان هجين فرضته القوى الاستعمارية على الأرض الفلسطينية تنفيذًا لوعد بلفور المشؤوم عام 1917 الذي أعلنته الحكومة البريطانية خلال الحرب العالمية الأولى لتأسيس «وطن قومي للشعب اليهودي» في فلسطين.

هذا الكيانُ الهجين الذي وُلد في أحضان بريطانيا لم يلبث أن تبنَّته بعد ذلك أمريكا بالدعم غير المحدود، لينمو ويتمدد كالسرطان في الأرض الفلسطينية، ويغتصب مقدراتها ويتغذى بدماء أبنائها، فكان الرفض مشروعًا ضد هذا الكيان الدخيل لا من الفلسطينيين وحدهم، بل ومن العرب جميعًا، من خلال المساعدات المادية والمعنوية للفلسطينيين، ومن خلال مساندتهم في المحافل الدولية، لإثبات عدالة قضيتهم، والانتصار لها ضد كل من يحاول تزييف التاريخ، وتجاهل حق الفلسطينيين في التمسك بأرضهم والدفاع عنها، وتخليصها من الاحتلال الإسرائيلي.

كانت شيرين أبو عاقلة صوتًا نقيًا للرفض العربي المعلن ضد الممارسات الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة، من خلال تقديمها الحقائق البشعة لما ترتكبه إسرائيل في الأراضي المحتلة، وكانت النتيجة استهدافها المتعمد، حتى سقطت تحت نيران أسلحة هدفها الوحيد هو إسكات أي صوت حر يفضح تلك الممارسات الهمجية للعدو الصهيوني ضد شعب ذنبه الوحيد هو الدفاع عن أرضه وعرضه، وتاريخه المستباح من عصابات صهيونية لا تعرف سوى لغة العدوان والبطش الممنهج، وَفق أجندة معلنة لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى مهما كانت السبل للوصول لهذه الغاية الإجرامية العدوانية.. وعندما يتولى أصحاب الأصوات الشريفة فضح ممارسات هذا الكيان بعدوانيته البشعة، فلا يملك سدنته في تل أبيب غير محاولة إسكات تلك الأصوات عن طريق الاغتيالات، وهو أسلوب العصابات في تحقيق أهدافها والوصول إلى غاياتها المنشودة، وقائمة الاغتيالات التي قامت بها إسرائيل في هذا الميدان، أكثر من أن تحصى، وأكبر من أن يصدقها العقل، لكنها في النهاية تؤكد حقيقة أن هذا الكيان قائم على جماجم الأحرار، الرافضين لهذا الكيان الدخيل على الأراضي العربية الفلسطينية، سواء كانوا فلسطينيين أو غير فلسطينيين، وذنبهم جميعًا أنهم ضد الظلم والعدوان والهمجية، وهي الصفات التي لازمت الحركة الصهيونية منذ وجودها عبر تاريخها المتخم بكل ما فيه من إساءة للإنسانية، وتجاهل للأنظمة والقوانين الدولية، وتجاوز لأبسط حقوق الإنسان في الحرية والعيش الكريم على أرضه وفي ظل دولته الشرعية.

كانت شيرين أبو عاقلة صوتًا مدويًا ضد كل تلك الممارسات البشعة المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني، عندما نقلت عبر سنوات طوال للعالم هذه الممارسات، وفضحت ما أرادت إسرائيل إخفاءه عن الرأي العام العالمي، فكان الرد هو إسكات هذا الصوت بالاغتيال كما حدث قبل ذلك لعدد من الإعلاميين العرب وغير العرب بالطريقة نفسها، وهو اغتيال دون تردد، ودون خوف من الردع من الدول الكبرى المتآمرة على فلسطين والفلسطينيين، والتي غالبًا ما تكتفي بالإدانة والشجب، وهما من الأسلحة الفاسدة التي لا ترد ظلمًا، ولا تمنع غدرًا، ولا تعيد حقًا لأصحابه الشرعيين. وذنب شيرين أبو عاقلة أنها كان تؤدي مهنتها الإعلامية بمنتهى الصدق والأمانة والمسؤولية، ويقظة الضمير المساند للحق والعدل والسلام.

إسرائيل التي طالما شهرت أسلحتها الفتاكة في وجه كل صوت حر، بهدف إسكاته أو القضاء عليه.. لن تهنأ بالهدوء والاستقرار طالما ظلت أصوات الرفض مستمرة في فضح همجيتها وغطرستها في المنطقة، وإن استطاعت اغتيال شيرين أبو عاقلة أو غيرها، فلا مفر من الاعتراف بأنها بذرة خبيثة مرفوضة، لا يمكن التعايش معها في الأرض العربية، وكما وجدت بقوة الحديد والنار، فإن نهايتها ستكون بقوة الحديد والنار أيضًا، وما ذلك على الله بعزيز.

أخترنا لك
علماء جيولوجيا: الزلزال المدمر أزاح تركيا إلى الغرب بمقدار 3 أمتار

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة