بقلم نجوى معروف// الراية
«ماذَا لو اندلعتْ أزمةٌ أو حرب؟»، وهو عنوان كُتيِّب تمَّ توزيعُه في السويد بتاريخ 22 مايو 2018، مع تزايد تحركات روسيا العسكريَّة وتصاعد وتيرة الإرهاب والأخبار المُريبة في العالم آنَ ذاك.
ويشرحُ الكُتيِّب كيفية الاستعداد للحرب، والأدوات والمواد الغذائية التي ينبغي على السُكَّان تخزينُها من باب الاحتياط، في ظل انقطاع الخدمات الاعتيادية، وحدوث هجمات إلكترونيَّة، وكوارث طبيعية ونزاعات عسكرية، من منطلق أن الذين يحضّرون أنفسهم، يعززون قدرات البلاد على التعامل مع الظروف القاسية، بشكل فردي وجماعي، وبلغ عدد الكتيِّبات 4.7 مليون نسخة، كمرجع مقروء، تحسّبًا لانقطاع الكهرباء.
عندما ظهرت جائحة كورونا في مارس 2020، اتهم الرئيس الأمريكي «ترامب» الصين بتصنيع الفيروس، وهو من قضى مدة رئاسته في تلاسنٍ مع رئيس كوريا الشمالية، ليوهمنا بأن الحرب مرهونة بضغطة زر من أحدهما أو كليهما، وما إن انتهت رئاسته، ذهب لزيارة «كيم جونغ أون»، مُثيرًا زوبعة من الشكوك.
تبقى نظرية المفرقعات الناريَّة في عالم السياسة، الأكثر تأثيرًا رغم تكرارها وإدراك الشعوب ووعيهم بألاعيب الساسة، وها هم يشاهدونها ويتندّرون بمّا يُطبخ خلف الكواليس!
فمرةً نرى الرئيس «بايدن» يُسلّم ويتحدث مع لا أحد، ثم نسمع عن كائنات فضائية مُبهمة، ثم يصدر قرارًا برفع نسبة الفائدة المصرفيَّة، وما يتبعه من توقعات اقتصادية مُغلَّفة بالتحذيرات والتوجيهات المُضللة.
على مدار عقود، كان الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، مؤمنين بأن كل ما يجري في العالم العربي، يتم تدبيره للتغطية على ما يفعله الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي المحتلة والمقدسات الإسلامية، لينشغلَ الناس بقضاياهم المستجدة، وبالفعل نجحت المؤامرة، وأصبح لكل بلدٍ قضيّته ومعاناته، إلى أن ظهر التطبيع على الشُرفات، لاغيًا مصطلحات كالاحتلال الغاشم والعدوان الإسرائيلي، مُتّهمًا من يخالفه الرأي، بمعاداة الساميّة، ومؤكدًا على حقوق اليهود في فلسطين، تمهيدًا لحقوقهم في باقي الدول العربية، من خلال بعض المسلسلات والبرامج.
وفي أجواء الحرب الروسية- الأوكرانية، تم إطلاقُ مفرقعات بألوان الودِّ والمساواة، منها التبجيل للإسلام والمسلمين، وكلّنا فخر واعتزاز بذلك، رغم علمنا بأنها كلمة حقٍّ يُراد بها باطل، لصدورها من رؤساء دولٍ عظمى، لكنّ من حسن الحظ أن شعوبهم تُصدِّقهم، وتثق بحرصهم على مصالح بلادهم، وهي فرصة لتغيير المفاهيم العنصرية التي ربطت الإرهاب بالمسلمين، فها هُم يراهنون اليوم على ولاء مواطنيهم الأصليين ممن دخلوا في الدين الإسلامي، وعلى المهاجرين المسلمين الذين أصبحوا مواطنين، ولا يمكننا تلافي حرصهم على ودّ الدول المُصدّرة للطاقة، خاصة بعد العقوبات الصارمة على روسيا.
ألا يحضركم شعر عنترة بن شدّاد، حين قال:
أُعاتِبُ دَهرًا لا يَلينُ لِعاتِبِ
وَأَطلُبُ أَمنًا مِن صُروفِ النَوائِبِ
وَتوعِدُني الأَيّامُ وَعدًا تَغُرُّني
وَأَعلَمُ حَقًّا أَنَّهُ وَعدُ كاذِبِ
يُنادونَني في السِلمِ يا اِبنَ زَبيبَةٍ
وَعِندَ صِدامِ الخَيلِ يا اِبنَ الأَطايِبِ
كان ذلك قبل ظهور الإسلام، عندما أغارت القبائلُ على قبيلته «بني عبس»، فقال له أبوه: «كرّ يا عنترة. فقال له: العبد لا يُحسن الكرّ إنّما يُحسن الحلاب والصر. فقال: كرّ وأنت حُرّ. فَكَرَّ وقاتل يومئذٍ، فأبلى واستنقذ ما في أيدي القوم من الغنيمة» فاعترف به أبوه بعد ذلك، وصار حليفهُ الذي يفخر به وبشجاعته وشاعريته.
للاستبدادِ رجالٌ لا يستثنون أحدًا حتى أبنائهم من الاستعباد والمساومة، تُرى هل كانت قصائد عشق عنترة لعبلة وحرمانه منها، مفرقعات حظي بها على التعاطف، ليدخل التاريخ مظلومًا مُضحِّيًا، ثم فارسًا مُنتصرًا!
انتهى زمن القصائد وآن الوقت لقراءة ما كتبه الغرب، عن ماذا لو اندلعت الحرب؟