بقلم : رنا فضل السباعي
إن الله سبحانه وتعالى قد ميز في خلقه «كل من الجنسين الذكر والأنثى» بصفات داخلية يختص بها كل منهما دون غيره، فعلى سبيل المثال لا الحصر فإنه من المتعارف عليه بأن صفتي القوة والصلابة متلازمتان للرجل وصفتي الجمال والعاطفة متلازمتان للمرأة. هذه الصفات وغيرها تشكل في وجودها تميزًا بحد ذاته كفيلًا بأن يغني دور كل منهما على الصعيد الشخصي، العائلي، الاجتماعي وغيره فيما لو أدرك معناها وأهمية وجودها حقيقة، وأطلقت في مسارها الصحيح دون أي إهمال أو مبالغة، في حين تبقى الميزة التي يشتركان فيها سويًا دون أي مفاضلة لأحدهما على الآخر هي ميزة العقل والفكر.
أما في الواقع، وعلى الصعيد الأنثوي، نجد أن هنالك فئات من الإناث قد اختارت بأن توجه جُل اهتمامها إلى الشكل، وارتضت بإرادتها التامة بأن تنحصر قيمتها الذاتية بالمظهر الخارجي فقط، فتجدها على استعداد دائم لأن تسخّر كل ما لديها من إمكانيات من أجل تجميل شكل الأنثى فيها وأن تحصر مميزاتها وقواها الفكرية فقط في إبراز ما لديها من حُسن وجمال، وذلك في الأغلب يكون لأن نظرتها الشخصية لنفسها وتقديرها الفردي لذاتها ليسا كافيين كي يمنحاها الشعور بالقبول والرضا بحيث لا يتحقق ذلك لديها إلا بالعمل والاهتمام بشكلها الخارجي ورؤية انعكاساته في أعين الناس وآرائهم.
أحيانًا، يدفعني الفضول إلى التساؤل عن طريقة التفكير التي تستحوذ على تلك الفئة، كيف يعقل لإمرئ حباه الله بنعمة العقل القادر على أن يرتقي به إلى مستويات فكرية لا حد لها وأن يجعل من حضوره حضورًا جوهريًا ومن دوره في الحياة فاعلًا ومؤثرًا أن يختار بأن يضع نفسه في إطار محدد محوره صورة جمالية لا أكثر!!
إن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال الالتفات عن الاهتمام بالشكل أو إهمال العناية بالجمال، فالله سبحانه وتعالى جميل ويحب الجمال لكن المقصود أنه لا يفترض بأن يؤدي ذلك الاهتمام وتلك العناية إلى الابتعاد عن صقل العقل وتطوير مخزونه كي يبقى حاضرًا في كل حركية الإنسان ومواكبًا بما يختزنه من حكمة ومنطق وقدرة على التحليل والتأثير لأية تحديات، فيتقدم بأهميته وأهمية دوره على ما عداه، بحيث يكون هو الأصل وما قد تتمتع به الأنثى من صفات ومميزات أخرى هي الفرع الذي يتبع…. فبدلًا من السعي لنيل الإعجاب بشكلك فقط، اعملي على أن تتمتعي بعقلك وثقافتك وحضورك بقوة الإقناع، فالإعجاب أثره لا يتعدى بذاته حدود النظر أما الإقناع فلا بد وأن يحتويه إن لم يكن شكلًا لا بد وأن يكون مضمونًا ويتعدى أثره ليصل بفكرك وحججك وقوة منطقك إلى العقول فيترسخ فيها بكل ثبات وديمومة.
يا سيدتي إن أنوثتك بحد ذاتها هي ميزة حباك الله بها وهي لا تحتاج إلى الكثير كي تُظهرين جمالها سيما إن تزينتِ بثوب الحياء والعفة وتتوجتِ بعقل واعٍ وثقافة غنية، وتذكري دومًا بأن الورد يفوح عبيره لمجرد أنه ورد، فقط القليل من العناية به كفيل بأن يبقيه متألقًا وجميلًا.