ضوء أخضر.. الفطرة الإنسانية السليمة

2021/12/12

أصبحت السلوكياتُ التي تتنافى مع الفِطرة الإنسانيّة السليمة، وتتعارض بشكل واضح وصريح مع كل القيم الدينيّة والمجتمعيّة، من أكبر المخاطر التي تحدق بأبناء الجاليات المسلمة بدول الغرب، في ظل الحملات الممنهجة التي تقودها قوى ومنظمات عالميّة، للترويج للفاحشة وتقنين انتشارها في مختلف المجتمعات حول العالم، فمثل هذه الظواهر بكل مسمياتها وأشكالها ومبرّراتها، هي في الأخير سلوك غير سوي يستوجب منا جميعًا، مؤسسات رسميّة وأهليّة وأفرادًا، أن نتكاتف لرفضه مهما كانت المبرّرات ومها بلغت الضغوط.

لا شك أنَّ ظاهرة «الشذوذ الجنسي» التي يروّج لها العالم اليوم، بإثارة التعاطف مع الشواذ عبر طرح قصصهم وقضاياهم بكثافة، في وسائل الإعلام والكثير من الأعمال الفنيّة، سواء عن طريق الأفلام أو المسلسلات أو الأغاني، حتى وصل الأمر إلى استخدام الفعاليات الرياضيّة للترويج لهذه الفكرة، التي تتنافى مع القيم الإنسانيّة والثوابت الدينيّة، تشكّل خطرًا على المجتمعات العربيّة والإسلاميّة، باعتبار أنَّ الشذوذ سلوكٌ ممقوت، ترفضه الفطرة الإنسانيّة القويمة، فضلًا عن كونه محرّمًا في جميع الشرائع والديانات السماويّة السمحة، كما أنَّ انتشار هذا السلوك يهدّد منظومة القيم الأخلاقيّة والاجتماعيّة، ويؤثّر سلبًا على الأسر وأفرادها.

وفي اعتقادي أن التصدي لهذه الظواهر وما تتضمنه من أفكار غير سوية ومنافية للقيم الدينيّة، يتطلب تكاتفًا مجتمعيًا، خصوصًا من أئمة المساجد والخطباء ورجال الدين، إلى جانب تعزيز الوعي وتثقيف أولياء الأمور والشباب والنشء بمخاطر «الشذوذ الجنسي»، وبيان حرمته في الإسلام وكافة الأديان، لتؤكّد المجتمعات المسلمة دفاعها وحمايتها للدين الإسلامي الحنيف، وحرصها على نشر وترسيخ القيم الإنسانيّة والإسلاميّة، ورفض كافة أشكال الترويج للسلوكيات المنافية للفطرة الإنسانيّة السليمة، التي يُراد منها المساس بالقيم المُجتمعيّة.

وهنا تبرز أهمية الحفاظ على التعاليم الدينيّة والقيم المجتمعيّة التي تكرّس الفطرة البشريّة السوية، والتصدي لانتشار الفواحش والأفكار الشاذة، التي تسعى إلى تدمير المجتمعات المسلمة، والتأكيد على احترام قيم المجتمع التي تعبّر عن منظومته الأخلاقيّة وقيمه ومبادئه السامية، ورفض كل ما يمثل خروجًا عليها أو على التعاليم الإسلاميّة والأخلاق والعادات المجتمعيّة السائدة، فالمجتمعات العربيّة والإسلاميّة هي مجتمعات منفتحة وتحترم المجتمعات الأخرى كافة، لكنها في ذات الوقت لا تقبل فرض أي قيم وأفكار بالقوة المباشرة أو غير المباشرة، لذلك من الضروري التحرّك على المستوى الرسمي والشعبي لإيصال هذا الموقف، ومواجهة الضغوطات المندفعة في الفترة الأخيرة لفرض هذه القيم على المجتمعات العربيّة والإسلاميّة.

وبحسب رأي الكثير من الخبراء والمُختصين أن فرض المِثلية الجنسيّة على العالم الإسلامي بدعوى قبول الآخر، وكفالة الحقوق والحرّيات، ما هو إلا تلاعب بالألفاظ، وتنكّر للدين والفطرة والقِيم الإنسانيّة، والعودة إلى عهود التسلّط الفكري في أزمنة الاستعمار، وفرض الوصاية على الشعوب والأمم، فمن الواجب احترام ثقافات الدول والمجتمعات، وأهمّية تمسّك المجتمعات الإسلاميّة والعربيّة بهُويّتها، مع ضرورة التحذير من جرّ البشرية إلى مخاطر وجوديّة وحضاريّة بسبب محاولات تطبيع المِثلية الجنسيّة، في ظل تصاعد وتيرة الحملات والضغوط الغربيّة، لفرض القبول والترحيب بالشذوذ الجنسي على مختلف شعوب العالم وأفراده، وجعله حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان، وكأنّه أحد أسباب السعادة والحضارة والتقدّم البشري.

ختامًا، يجب على الدول الإسلاميّة بكافة مؤسساتها وأجهزتها الإعلاميّة والتعليميّة أن تتصدّى بحزم لهذا الانحراف واجتثاثه من جذوره، والضرب بيد القانون على المُنحرفين ومروّجي الشذوذ وفاعليه والمُدافعين عنه، وحماية أبنائنا وبناتنا من هذا الوباء، ومراقبة الألعاب الإلكترونيّة والأفلام والمسلسلات وأفلام الكرتون وغيرها من مواد إعلاميّة وتعليميّة تسللت إليها هذه الفاحشة من أجل ضرب القيم والأخلاق وتدمير الفطر الإنسانيّة السليمة.

والله ولي التوفيق،،،

أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر


أخترنا لك
"أزهار أرض باخوس" للمغربي أيوب كريم: شعرية الانتماء وإغلاق العوالم

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة