في محراب الكلمة …لغة الجسد.. التواصل الصامت

2021/12/02

بقلم // مليحة عبدالكريم الشافعي

يعتقد الكثير من الناس أن الكلمات والجمل التي نتخاطب بها بشكل يومي تُمثل الجزء الأكبر والأساسي من طرق تواصل الأفراد فيما بينهم، لكن الأبحاث والدراسات تكشف أمرًا آخر، وهو أن الكلمات لا تمثل سوى 7% من طرق التواصل بين البشر، في حين تُمثل لغة الجسد نسبة 55% من التواصل.

قد يبدو الأمر مُثيرًا للاستغراب، لكنك عندما تتعمّق في هذه اللغة المُشتركة بين الشعوب ستجد أنه لا توجد أي محادثة بلا إشارات وإيماءات وحركات للجسد، بل تُمثل لغة الجسد اللغة العالميّة التي لا تحتاج إلى ترجمان فهي إذن لغة عالميّة بامتياز. تقول أستاذة علم اللغة كورنيلا مولر: «إن الجسم يتكلم مع اللسان».

وتعرف لغة الجسد بأنها جزء مهم من التواصل البشري غير اللفظي، ووظيفتها إيصال الرسائل إلى الآخرين على شكل إيماءات وتعبيرات وحركات تعكس ما في داخل الأفراد من مشاعر وأحاسيس خفيّة يودّ الإنسان الاحتفاظ بها، أو ربما يرغب في الإعراب عنها بدون كلمات.

إنّها بالفعل، فن صامت ولغة مشاعر حيّة، وهي من أصدق اللغات، وهي قديمة منذ نشأة الإنسان، ولديها القدرة على اختراق المشاعر والأحاسيس وإذابة الدمع من العين، ورسم البسمة على شفاه البصير، إنها لغة صادقة تعبّر عن ذاتها بصدق دون زيف أو خداع، فهي تكشف أسرار القلب وخواطر العقل للآخرين، وجسدك يفضح مكنونات أحاسيسك وما يختلجه داخلك من مشاعر.

لغة الجسد من أهم المقوّمات التي ترتكز عليها سبل التواصل والعلاقات العصرية، خاصّة أنّ لغة الجسد لا يشعر بها صاحبها، إنما من هم حوله؛ لأن حركات الجسد تلقائيّة وتحصل من دون سيطرة صاحبها عليها، وهذا ما يجعلها أصدق اللغات من الناحية التعبيريّة؛ لأنها تعكس الكثير من الخفايا والخواطر الداخليّة. يقول الدكتور الراحل إبراهيم الفقيه: «اللغة ليست لغة واحدة بل لغتان: هما لغة النطق، ثم اللغة الأخرى وهي لغة لا صوتيّة ينطقها الجسم بالإيماءات وبتحرّكات الجسم والأعضاء».

ولذلك من المهم أن تكون على معرفة جيّدة بحركات الجسد ذات الدلائل والمعاني حتى تتمكّن من التواصل مع محيطك بشكل صحيح، وهي مهمّة أيضًا في تكوين انطباعات جيّدة عنك بشكل مستمر، ومعرفتك بأسرار لغة الجسد ستسهل لك الحصول على الكثير من الفرص في الحياة خصوصًا في المقابلات الوظيفيّة، فخبراء التوظيف يهتمّون كثيرًا بلغة جسدك أكثر من الكلمات التي تنطقها كونها لغة لا تكذب.

وتكمن أهميّة المعرفة بلغة الجسد كونها مرتبطة بعملية التواصل مع الآخرين وفهم مشاعرهم وأحاسيسهم الداخليّة، وهي مهمّة في بيئة العمل ولغة التواصل البصري بين الزملاء، ولها ارتباط بالقيادة والإدارة بشكل مباشر، كما أن لها أهمية في العمليّة التعليميّة من خلال الحركات والنظرات والإيماءات التي تحقّق عمليّة تواصل بين المُرسل والمُتلقي.

يقول أحد خبراء لغة الجسد: «إذا كنت لا تريد أن تفهم حقيقة نفسك وحقيقة الآخرين فلا تحاول أن تتعلم لغة الجسد، بل عليك أن تكتفي بلغة الكلمات فقط»، ولذلك إذا أردت أن تعزّز من قدرتك في الاتصال بالآخرين والتأثير عليهم وفهم مشاعرهم ولغتهم الصامتة عليك أن تفهم أبجديات هذه اللغة.

ربما أن المساحة هنا لا تسمح بذكر القراءات المُختلفة لمعاني لغة الجسد وتأثيراتها، لكن من المهم أن نشير إلى أن لهذه اللغة أسرارًا ومعاني وتفسيرات لكل حركة وإشارة ويمكن فهمها حسب السياق أو الظروف المُحيطة، كتعابير الوجه وتفسيراتها، وإيماءات الجسد، وحركة الأيدي والأرجل، ووضعيات الجلوس المُختلفة، وغيرها من المعاني.

قبل النهاية مهم جدًا أن تتذكّر الآتي: لغة جسدك مرآة لشخصيتك.

استشاري تدريب وتنمية

أخترنا لك
إيجار جديد بقلم محمود فودة

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة