في أمسية رائعة أقام ملتقى السرد العربي د. حسام عقل وصالون المبدعة أ. غادة صلاح مهرجان المرأة العربية المبدعة في احتفالية بكل المبدعات العرب استضافا فيها سفيرة الثقافة المكسيكية أ. مارلين باسيلي بحضور مبدعات من جميع انحاء الوطن العربي الجزائر وفلسطين واليمن والسودان والعراق ومبدعات ومبدعين من مصر الحبيبة وشارك كل منهم بكلمة عن الابداع النسائي في ظل تنظيم ممتاز وحضور كثيف ومحبة كبيرة بين الجميع ..كل الشكر والتقدير لملتقى السرد العربي ولصالون غادة صلاح الدين الثقافي.تمنياتنا الطيبة بدوام التوفيق .
وإليكم الكلمة التي شاركت بها في الاحتفالية بالامس
#المرأة_والابداع
عبر التاريخ الإنساني كانت المرأة هي مصدر إلهام للبشرية والإنسانية، شاركت بدور كبير في صناعة التاريخ الإنساني وبناء الحضارات، وبينما كانت تنظر حضارات كثيرة للمرأة على انها جسد دون عقل كانت الحضارة المصرية تحتفي بالمرأة حد التقديس،المرأة المصرية في الحضارة القديمة وزيرة وملكة وقائدة بل وإلهة ايضا فظهرت المعبودات من النساء إلى جانب الآلهة الذكور. وبينما يقول الفيلسوف ارسطو عن المرأة انها رجل غير كامل تركتها الطبيعة في الدرك الأسفل من الخليقة، ويقول سقراط ان المرأة كالشجرة المسمومة، كان المصري القديم يكتب في وصاياه على جدران المعابد.. أحبب زوجتك وأحسن معاملتها..
المرأة والإبداع وجهان لعملة واحدة، المرأة مبدعة بالخلقة في كافة المجالات وعلى كل الأصعدة، بداية من المرأة التي تهتم بشئون اسرتها وحتى أكبر عالمة في الطاقة النووية، مجالات كثيرة مختلفة اثبتت فيها المرأة ذاتها رغم كل محاولات الإقصاء والتهميش والتضييق الاجتماعي تحت مظلة العرف والتقاليد والعادات، من مصر اذكر على سبيل المثال لا الحصر مبدعات حفرن اسمائهن بحروف من نور على صفحات التاريخ منهن:
سميرة موسى في المجال العلمي وهي اول معيدة في كلية العلوم جامعة فؤاد الأول وأول عالمة مصرية اثبتت إمكانية صنع قنبلة ذرية من مواد في متناول الجميع كالنحاس توفت عمرها
مفيدة عبد الرحمن أول محامية في مصر وأول محامية ترفع دعويى امام المحاكم العسكرية هي ام لتسعة أبناء 1939
عائشة عبد الرحمن اول امرأة تحاضر بالأزهر الشريف وأول امرأة عربية تنال جائزة الملك فيصل في الآداب والدراسات الإسلامية
عائشة راتب اول سفيرة لمصر في الدنمارك 1979
لطفية النادي اول سيدة مصرية وعربية وإفريقية تقود طائرة عام 1933
رضوى حسن اول مذيعة كفيفة عام 2014
لم يكن الطريق سهلًا وميسرًا امام هؤلاء المبدعات، لكنهن ا ستطعن تحقيق طموحهن في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية بل وسياسية وقفت سدًا منيعًا بينهن وبين الابداع.
هؤلاء المبدعات وغيرهن كثيرات هن من مهدن الطريق واضئن لنا شموعًا نهتدي بها في طريق الابداع الشاق، ليكون بيننا اليوم نساء مبدعات يتمتعن بالحرية في التعبير عن افكارهن ويشاركن في إدارة المجتمع وصنع القرار، نساء قادرات على إحداث التغيير في فكر المجتمع الذي يتسم في كثير من الأحيان بالذكورية والعنصرية تجاه المرأة.. حتى إننا مازلنا نسمع ونقرأ ونواجه اقوال وفتاوى أن صوت المرأة عورة ووجهها عورة وخروجها من منزلها وقيادتها السيارة هو مفسدة للمجتمع من خلال تفسيرات خاطئة لنصوص دينية..
وفي مجال الكتابة والابداع الادبي تواجه المرأة الاتهام بالنسوية، والنسوية هنا ليس معناها التعبير عن هموم وقضايا المرأة بقدر ما هو اتهام بمعاداتها للرجل ورغبتها في تأجيج الصراع بينهما من خلال الكتابة..
ورغم كل تلك المعوقات استطاعت المرأة التعبير عن قضاياها وقضايا الوطن وبرزت في ذلك المجال مبدعات أثبتن ان منجزات النساء في المجال الادبي لا تقل أهمية عن ابداع الرجال وعلى سبيل المثال من هذه الأسماء المضيئة حسن شاه ورضوى عاشور وميرال الطحاوي غيرهن من الاديبات اللاتي استطعن الخروج من شرنقة الظروف التي تحيط بالمرأة في مجتمعاتنا العربية وعبرن عن هموم وقضايا الوطن.
من خلال مؤتمر المرأة المبدعة أود أن أؤكد ان الابداع النسائي مازال في حاجة لمزيد من المساندة الاجتماعية من خلال إعادة النظر في وضع المرأة في المجتمع وتغيير النظرة السطحية لدورها في الابداع، وتغيير نظرة المرأة وافكارها عن نفسها وامكانياتها وقدراتها الإبداعية، في النهاية أوجه التحية لكل امرأة في العالم والوطن العربي.. استطاعت تحدي المعوقات والظروف وكل دعاوي الاقصاء وحطمت كل قيود التضييق والتهميش فأصبحت مثلًا ونموذجًا يحتذى به، وكل التقدير والتحية للرجل الذي يقف خلف نجاح المرأة بالتشجيع والمساندة، ويدرك ان نجاحها هو نجاح وتقدم للمجتمع بصفة عامة..
تحية وتقدير لملتقى السرد العربي ولصالون المبدعة غادة صلاح على هذه المبادرة التي تليق بالمرأة المبدعة..