فيض الخاطر.. عقبات في طريق البحث العلمي

2021/11/06

د.كلثم جبر الكواري

تهتمُّ الدولة بالبحث العلمي، وقد تضمن دستور دولة قطر الدائم في الباب الثالث «الحقوق والواجبات» المادة (47)، أن «حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة»، كما اهتمّت جامعة قطر بالبحث العلمي منذ إنشائها عام 1977 بعد أن كانت كلية للتربية افتتحت عام 1973 ثم تحوّلت إلى هذا الكيان الأكاديمي العالمي الذي يضمّ عشرات الكليات والمراكز والمعاهد والبرامج التابعة لها، ومئات الموظفين والموظفات من الأكاديميين والإداريين، إلى جانب آلاف من الطلبة المُستفيدين من خدمات هذه الجامعة، وجاء اهتمامها بالبحث العلمي لتكمل رسالتها العلميّة في خدمة التنمية الوطنيّة وتلبية احتياجات المُجتمع بتوفير الكوادر المُتخصصة في المجالات العلمية البحتة والعلوم الإنسانيّة العديدة.

ومن مُبادرات الجامعة في مجال البحث العلمي، منح سنوات التفرغ العلمي لمنسوبيها من الأكاديميين، إدراكًا منها لأهمية تطوير الكفاءات من ناحية، ومن ناحية ثانية ترسيخ قيم البحث العلمي لدى منسوبيها سعيًا وراء تحقيق تقييم أكاديمي يتناسب مع تاريخها وإمكاناتها الضخمة التي تتيح لها التقدّم خطوات واسعة بين جامعات العالم على مستوى التقييم الأكاديمي المنشود، وقد استفاد منسوبو الجامعة من هذا التوجّه الرائد لدى الجامعة فأقبلوا على البحث العلمي ومنحوه ما هو أهلٌ له من الجديّة والحرص على الإنجاز المُتميّز في كثير من المواضيع والقضايا الهامّة.

ولأن ثقافة البحث العلمي لا تزال تعاني قصورًا لدى عامة الناس، فإن الباحث الأكاديمي لا يزال يعاني الأمرّين حول هذا الموضوع، إذ لا يجد تجاوبًا من عامة الناس لمُساعدته في الاستفتاءات التي يكتمل بها بحثه، كما لا يجد تعاونًا من الفئات المُستهدفة في الحصول على المعلومات الدقيقة التي يبني عليها بحثه ويصل منها إلى استنتاجات يبني عليها نتائج بحثه، ورغم أنه يبذل جهودًا مضنية في الرجوع إلى المصادر المكتوبة، ورغم أنه من خلال العمل الميداني يحاول التواصل مع العينات التي تفرضها عليه شروط البحث، لكن لا مفرَّ له من المحاولة مرة تلو أخرى للحصول على إجابات وافية لما يدور في ذهنه من أسئلة يُشكل البحث عن إجابات لها، ركيزة أساسية للوصول إلى النتائج الإيجابية المطلوبة، ومهما بلغ إصراره على استكمال بحثه وَفق الشروط المطلوبة، فإنه يصطدم بتهاون عامة الناس في مُساعدته، من خلال توفير الإجابات الصحيحة لما قد يطرحه من استفسارات دقيقة لا تلقى ما تستحقه من الجديّة في التعاون معه لتحقيق هدف يعني الباحث ويخدم موضوع بحثه، فيضطر إلى تَكرار المحاولات والاستمرار المُضني دون كلل أو ملل لإكمال بحثه على الوجه المطلوب.

جهود الباحث لن تكتمل ومساعيه لن تصل إلى غاياتها ما لم تتعاون معه الجهات الرسميّة والأهليّة والأفراد المعنيون بموضوع البحث، وهذا التعاون هو مفتاح نجاح بحثه ليقدّم نتائجه على أفضل وجه، وهو الأمر الذي لن يتأتى بالصورة المطلوبة إذا تقاصر الوعي بأهمية البحث العلمي، كما أن هذا التعاون لا يقل أهمية عن الجهود والإمكانات التي توفّرها الجهات المسؤولة عن البحث من حيث توفير الوسائل والسبل التي تهيئ الأجواء المُناسبة للبدء في أي مشروع بحثي مطلوب، بما في ذلك من استعدادات ماديّة ومعنويّة تبذلها تلك الجهات بسخاء لإنجاز أي بحث علمي مُقترح، يسهم في دفع عجلة التنمية المُستدامة.

الوعي بأهمية البحث العلمي لدى عامة الناس، هو ما يحتاج إليه الباحث لإنجاز بحثه بالمستوى المطلوب، وهو وعي لا يتحقق بين ليلة وضحاها، بل يحتاج إلى جهود ووقت لترسيخ أركانه في عقول عامة الناس، خاصة أن التعرّف على أساليب وأهداف البحث العلمي ليست بالعمق نفسه الذي تعرفه شعوب أخرى مارست البحث العلمي في مؤسساتها العلميّة منذ قرون، حتى أصبح البحث العلمي لديها على درجة من المعرفة والقبول تسهل على الباحث أداء عمله بيُسر وسهولة، وفي أجواء تستوعب ضرورة التعاون مع الباحث ليتمكّن من أداء عمله، وإنهاء بحثه على أفضل وجه، ولتثقيف الناس بأهمية البحث العلمي لا بد أن تتضافر جهود الجميع لتحقيق هذه الغاية من خلال منابر الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي وورش العمل المعنيّة بهذا الموضوع، وإلى أن يتحقق ذلك فإن الباحث مُضطر للتعامل مع هذا الواقع بالكثير من الصبر والتأني وتحمّل العناء للوصول بنتائج بحثه إلى المستوى المطلوب.

أخترنا لك
بايدن بين تحفيز حلف الأطلسي تجاه أوكرانيا وضبط طموحات كييف

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة