روضة عمران القبيسي
إدارةُ الموارد البشرية باتت تُعدّ المحرك الفعّال لتطوير المؤسسات الاقتصادية والتجارية، كونها تشمل مجموعة من الأنشطة التي تسعى إلى جلب وتوظيف وتنمية وإبقاء العنصر البشري في هذه المؤسسات، وهي أنظمة مختصة في التوظيف والتدريب والتخطيط والتقييم، حتى إنها انتقلت في الآونة الأخيرة من إدارة شؤون العاملين إلى تنمية رأس المال البشري، كونها أصبحت في وقتنا الراهن ثروة معلوماتية منقطعة النظير، حققت من خلال العديد من القطاعات التنموية ديناميكية عمل، ارتقت بمؤسساتها على اختلاف نوعية الاستثمار المعنيّ بأدائها الوظيفي نحو مستقبل متميز، ولهذا السبب وجب على القطاعات الاستثمارية ضرورة الاستثمار في مجال تطوير نظم إدارة الموارد البشرية، بشكل فعّال ومستمرّ، لاستدامة التنمية الشاملة في سبيل تحقيق الميزة التنافسية في مجال الاستثمار والتنمية المستدامة.
وعلى هذا الأساس، نجد أن العامل التكنولوجي أدى دورًا كبيرًا في التعبير عن التغيّرات التي طرأت في واقع إدارة الموارد البشرية، ما أفرز لنا تحولات واسعة في نوع المسؤوليات التي باتت تقع على عاتق مدير إدارة الموارد البشرية، الذي أصبح مع مرور الزمن خبيرًا في الأمور الإدارية، ومطلعًا في مجالات عدة من بينها التحليل النفسي والتخطيط الاستراتيجي، بغية بناء قاعدة معلوماتية رصينة تساعده على تحفيز العاملين بالمؤسسة، والتسوّيق لها بصورة مشرفة تتسم بالاحترام والتقدير، ولهذا نجد أنّ الإدارة الإلكترونية للموارد البشرية تشكل مجموعة من الهياكل والقرارات والعلاقات الإلكترونية المستخدمة في إدارة الموارد البشرية، التي تساعدها على الاختيار والتوظيف الإلكتروني، والتدريب والتنمية البشرية باستخدام محركات البحث التكنولوجية والوسائط المتعددة، وتنفيذ العديد من الاتصالات والمفاوضات بين العاملين والمديرين والحكومة عن طريق شبكات الأعمال.
وعلى صعيد آخر، تمّ رصدُ أبحاث متعلقة بالوضع المتقدم للإدارة الإلكترونية للموارد البشرية من ناحية تنظيم طرح الفرص المقدمة في مجال إدارة القوى العاملة ونوعية الكفاءات المطلوب عملها بالمؤسسة، حيث تساعد أنظمة التتبع والتقييم والرصد على إبراز نوع المتغيّرات الطارئة في بيئة المؤسسة، وتحديد تبعاتها على واقع التوجهات القيادية، والمقصود هنا التطورات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والتنظيمية للأسواق، ثم الاستعانة بالبرامج المعلوماتية لتحديد حاجيات المؤسسة من الموارد البشرية حسب: السن، النوع، الأقدمية، والتخصص والخبرات المهنية، ما يبرز أهمية الإنجاز المطلوب وَفق الكفاءات المعنية كأحد التطبيقات المعلوماتية للأداء الوظيفي بالمؤسسة، التي من خلالها يتم رسم الخطوط النظامية لسياسة إدارة الموارد البشرية بالمؤسسة وتحليل السيناريوهات المستقبلية عبر تنظيم آفاق عمل كافة الإدارات المعنية بها ذات المؤسسة.
خلاصة المقال، أصبحت الإدارة الإلكترونية للموارد البشرية تطبيقًا فعليًا لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كونها ساهمت في تحديث آلية المحاسبة والمساءلة الإدارية، وخلق مناخ من التفاعل الإيجابي بين العاملين في مجالات عدة من بينها تنظيم عمل المخرجات الإدارية بصورة دقيقة وواضحة، ما ساهم في تخفيض التكاليف وساعد على إنجاز آلية العمل بفاعلية أكبر عبر ما يتم تقديمه من خدمات ومساهمات من شأنها رفع مستوى رضا العملاء والعاملين بالمؤسسة، من خلال إعطائهم الفرصة المثالية لصياغة الأعمال الروتينية وَفق رؤية مؤسسية تطمح نحو مستقبل أفضل مواكب لركب التقدم التكنولوجي، تعتمد فيها على الأنظمة التكنولوجية الحديثة، في تحديد ما هو مطلوب من تكوين اقتصادي واجتماعي بين أفراد المجتمع المدني، ما يساهم في بناء البنية التدريبية الشاملة، موضَّحًا من خلالها للإدارة العليا حقيقة الخلل الوظيفيّ، في سبيل بناء كيان متين في مجال التخطيط الاستراتيجي الموضّح لمساقات الخلل الوظيفي والمعوقات التنفيذية بالمؤسسة.
خبير التنمية البشرية