تجربة حياة …. السعادة بين الشعور والأهداف

2021/10/01

بقلم / رنا فضل السباعي

إن من بين أكثر المفاهيم التي تحتمل جدلية بين الناس واختلافًا في فهم المعنى وفي اختبار الأثر، هي السعادة. فنحن جميعًا وعلى الرغم من أننا منذ الولادة نختبر السعادة ونقيضها على إطلاقهما اختبارًا شعوريًا بحتًا لا نفقه في تلك المرحلة ماهيتهما، وإنما نعبّر عن اختبارنا لهذين الشعورين تعبيرًا خارجيًا فقط يتمثل إما بالضحك أو البكاء، فإن هذا المفهوم ما يلبث أن يتطور -مع نمونا وازدياد وعينا- تطورًا عكسيًا، بحيث إن ما عايشناه على عفويتنا بالمطلق يصبح محصورًا في قالب من الفهم الشخصي ومحدودًا في أطر التصورات للروابط السببية المادية.

أما عن العوامل التي لها الأثر الأكبر في إرساء وترسيخ هذا التصور الذاتي لمفهوم السعادة واختلافه فيما بيننا، فهي عديدة وتراتبية في وجودها بحيث تبدأ بعامل التربية وما نتلقاه من الأهل ومحطينا العائلي من تعريف بالأولويات التي يجب أن نوليها اهتمامنا حتى إذا ما تحققت كان في ذلك سعادتنا ورفاهيتنا، ولن يعرف معها الحزن إلينا سبيلًا. ومن ثم يدخل إلى مجال تعريف السعادة لدينا أيضًا عامل الأصدقاء ودائرة المعارف المجتمعية وما يضيفونه بآرائهم وأفكارهم وحصيلة تجاربهم، على مفهومنا للسعادة وتوجهاتنا نحوها فنجد أنفسنا عند هذه المرحلة وقد تلقينا حزمة معلبة من الأفكار والتصورات عن السعادة هي بمعظمها ذات مصدر خارجي عنّا، عن شعورنا وعما تريده النفس حقًا.

أمام هذا الواقع، نحتاج أن نعي أن السعادة -في جوهرها- شعور نعيشه من الداخل وينعكس إلى الخارج وليس العكس، بدليل أن العديد من الناس قد تتوافر لديهم كل المقومات التي لو توافرت لغيرهم في ظروف أخرى لكانوا في قمة سعادتهم إلا أنهم يعيشون في حالة من عدم الرضا، حالة من الإخفاق في الاستمتاع بما يمتلكون من نِعم، وما يحققونه من نجاحات، وإنجازات وهذا دليل على أن هذه الأشياء جميعها هي ليست السعادة ولن يكون توافرها وتحقيقها كافيًا لنيلها، إن المشكلة الأبرز التي نواجهها في فهمنا للسعادة، وبسببها تضيع فرصنا في الاستمتاع بها، هي أننا نضعها في قالب الأهداف المادية حتى تصبح جزءًا لا يتجزأ منها، فتصبح السعادة منصهرة بكليّتها في تحقيق إنجاز ما، مثل الحصول على حياة كلها غنًى ورفاهية أو في التعيين على وظيفة مهمة أو في امتلاك المقدرة على شراء سيارة فارهة وغيرها من الأمثلة التي لا تُعد ولا تُحصى.

لا بد أن نقف مع أنفسنا وقفة وعي وإدراك بأن سعادتنا الحقيقية هي نتاج فكرنا وتصورنا نحن، وبفهمنا الصحيح لها -وفصلها عن أية ماديات ومغريات وإنجازات- فإننا قادرون على التحليق في رحاب الشعور بها خارج قضبان ما يفرضه علينا العالم الخارجي من آراء، وما يمكن للحياة أن تضعه في طريقنا من خيبات وأحزان.

فلنتذكر دومًا أن السعادة ليست بعيدة عنا، وهي بداخلنا الإنساني أسمى وأشمل من أن ترتبط بهدف محدود، فلنعش السعادة ونحن نعيش رحلة العمر لا أن نضيع العمر في رحلة البحث عنها.

أخترنا لك
درجال: الـ{فيفا} سيرشح شخصية لقيادة الكرة العراقية

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة