اندفاع
محمدمندور
~~
غاضبٌ جدًا، مستاء، أثنى أصبعيه، استعملهما كقدمين يسيران نحو الإناءِ الفخاري، يسبق السبابةُ الوسطى، ينافسُ الوسطىٰ اندفاع السبابة، يصعدا بتوتر على جدارِ الإناء ، يجتمعُ الإبهامُ بطرفيهما، بعصبيةٍ يفرزونَ الثلاثةُ تشكيلات الأقلام، أمسكوا بالأخضر، اللامُ أول الحروفِ، السين، الألف المد، النون، ثم أكملوا بعدها كلمتين باللونين الأسود والأصفر على الترتيب، قرأ الجملةَ بالألوان، قرر أن يتطابق مع توصيفه، ارتدىٰ جلبابًا أسودًا، عمامةٌ صفراءٌ غطىٰ بها رأسَه، عبسَ في المرآة، ضمّ أصابعَة الخمسة، بقبضتِه هشمّ صورتَه، تتسابقُ أنفاسَه، يصرخُ في وجهه المشروخ، يجري صوبَ الباب، يصطدمُ بالحائط، يلمسَهُ بكفيه، يرجعُ للخلف، يلقي عمامتَه وبعزمٍ يضربُه بجبينِه، ينزف، تسيلُ الدماءُ على جلبابه، يشقُه، يقبضُ على لسانه، يحاولُ اقتلاعَه، يدورُ بهذيان، فورانٌ في عروقه، يقعُ على كرسي المكتب، تنزلقُ يديه لتمسكُ بالورقة، يرفعُها في ضوءِ شمعة، يعيدُ ترتيب الكلماتِ، يرددُها كما كتبها: لسان حالي الندم، ينطقُهم بتقطعِ / لسان/.. /حالي/.. /الندم / يكررهم، يهدأ ثم يذهب إلى المرآة مهلهلا يعتريه الضعف مدمى، يسخر من نفسه، بتهكم: لماذا فعلت هذا؟ عندها تفارق الدمعات مقلتيه، ويدفن همه بين صدره، ثم يتباطأ بخطوتين إلى لوح السرير، يستند بظهره إليه، تسعه الأرضية، ممدًا قدميه، يتعاتب وهو في قواه الخائرة:
- ألا يجدر بك أن تسكت؟! لم تجن إلا الخيبة، ألم تع الدرس جيدا؟!
هز رأسه طائعا غير مجادل.
محمدمندور
~~
غاضبٌ جدًا، مستاء، أثنى أصبعيه، استعملهما كقدمين يسيران نحو الإناءِ الفخاري، يسبق السبابةُ الوسطى، ينافسُ الوسطىٰ اندفاع السبابة، يصعدا بتوتر على جدارِ الإناء ، يجتمعُ الإبهامُ بطرفيهما، بعصبيةٍ يفرزونَ الثلاثةُ تشكيلات الأقلام، أمسكوا بالأخضر، اللامُ أول الحروفِ، السين، الألف المد، النون، ثم أكملوا بعدها كلمتين باللونين الأسود والأصفر على الترتيب، قرأ الجملةَ بالألوان، قرر أن يتطابق مع توصيفه، ارتدىٰ جلبابًا أسودًا، عمامةٌ صفراءٌ غطىٰ بها رأسَه، عبسَ في المرآة، ضمّ أصابعَة الخمسة، بقبضتِه هشمّ صورتَه، تتسابقُ أنفاسَه، يصرخُ في وجهه المشروخ، يجري صوبَ الباب، يصطدمُ بالحائط، يلمسَهُ بكفيه، يرجعُ للخلف، يلقي عمامتَه وبعزمٍ يضربُه بجبينِه، ينزف، تسيلُ الدماءُ على جلبابه، يشقُه، يقبضُ على لسانه، يحاولُ اقتلاعَه، يدورُ بهذيان، فورانٌ في عروقه، يقعُ على كرسي المكتب، تنزلقُ يديه لتمسكُ بالورقة، يرفعُها في ضوءِ شمعة، يعيدُ ترتيب الكلماتِ، يرددُها كما كتبها: لسان حالي الندم، ينطقُهم بتقطعِ / لسان/.. /حالي/.. /الندم / يكررهم، يهدأ ثم يذهب إلى المرآة مهلهلا يعتريه الضعف مدمى، يسخر من نفسه، بتهكم: لماذا فعلت هذا؟ عندها تفارق الدمعات مقلتيه، ويدفن همه بين صدره، ثم يتباطأ بخطوتين إلى لوح السرير، يستند بظهره إليه، تسعه الأرضية، ممدًا قدميه، يتعاتب وهو في قواه الخائرة:
- ألا يجدر بك أن تسكت؟! لم تجن إلا الخيبة، ألم تع الدرس جيدا؟!
هز رأسه طائعا غير مجادل.