المدمرة كول التي كلفت السودان 30 مليون دولار

2020/02/13

أعلنت وزارة العدل السودانية أنها وقعت اتفاقًا في واشنطن مع أسر ضحايا تفجير المدمرة كول التي تعرضت لهجوم قبالة ميناء عدن اليمني عام 2000.;

وأكدت الوزارة في بيان وزعته على وسائل الإعلام أن الاتفاق تم توقيعه في السابع من فبراير الحالي دون أن تذكر مبلغ التسوية - وإن كانت بعض المصادر قد صرحت بأن مبلغ التسوية 30 مليون دولار- مشيرة إلى أن الاتفاق جزء من جهود السودان لشطب اسمه من قائمة الولايات المتحدة لـ"الدول الراعية للإرهاب".

الخبر الذي أعلنته وزارة العدل السودانية يفتح الباب أمام عدة تساؤلات حول معنى هذا التحرك، وهل هذا يعتبر اعترافًا ضمنيًا من الخرطوم بتورطها في هذه القضية التي كانت سببًا ضمن عدة أسباب في وضعها على قوائم الإرهاب الدولي؟ خصوصًا أنها واجهت اتهامات عديدة فترة النظام السابق برعاية الجماعات المتطرفة، وإقامة معسكرات تدريب على أراضيها واحتضانها لقيادات بوزن أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة .

وكانت محكمة أمريكية قد منعت البحارة الأمريكيين الذين أصيبوا في تفجير المدمرة الأمريكية كول على يد تنظيم القاعدة في عام 2000 من الحصول على 314.7 مليون دولار تعويضات من حكومة السودان لدورها المزعوم في الهجوم، وبغالبية ثمانية قضاة مقابل واحد ألغت المحكمة قرارًا لمحكمة أدنى درجة كان يتيح للبحارة الحصول على التعويضات من بنوك بها أرصدة سودانية، وأيدت إدارة الرئيس دونالد ترامب السودان في القضية.

واتفق القضاة مع السودان في الحكم على أن الدعوى انتهكت القانون الأمريكي لتقديمها في عام 2010 للسفارة السودانية في واشنطن، وليس إلى وزير الشؤون الخارجية السوداني في العاصمة الخرطوم.

موقف السودان من التسوية - بالرغم من قرار المحكمة الأمريكية العليا - يجعل تحرك الخرطوم أمرًا مثيرًا للاستغراب، وإن كانت تحركات النظام الجديد في السودان بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير يمكن فهمها في سياق سياسة الانفتاح الإقليمي على العالم التي ينتهجها المجلس العسكري، وانتهاء سياسة اللعب على كل الحبال التي كان يجيدها نظام المؤتمر الوطني الحاكم بسبب سيطرة تيارات مؤدلجة "جماعة الإخوان" على قراره واحتساب السودان على تيار الإسلام السياسي الأمر الذي جلب له العديد من المشكلات في علاقته بالعالم الدولي.

ولإزالة أي التباس حول موقف الخرطوم من هذه القضية.. شددت وزارة العدل على أنه "تم التأكيد صراحةً في اتفاقية التسوية المبرمة على عدم مسئولية الحكومة عن هذه الحادثة أو أي أفعال إرهاب أخرى، وأنها دخلت في هذه التسوية انطلاقًا من الحرص على تسوية مزاعم الإرهاب التاريخية التي خلفها النظام السابق، بغرض استيفاء الشروط التي وضعتها الإدارة الأمريكية لحذف السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بغية تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة وبقية دول العالم".

حكاية المدمرة كول وإجراءات التقاضي

أودى هجوم 12 أكتوبر عام 2000 بحياة 17 بحارًا أمريكيًا وأصاب أكثر من 36 آخرين عندما فجر رجلان في قارب صغير مواد ناسفة قرب المدمرة التابعة للبحرية والمزودة بصواريخ موجهة؛ بينما كانت تتزود بالوقود في ميناء عدن بجنوب اليمن؛ مما أحدث فجوة فيها، وجرى إصلاح المدمرة قبل أن تعود لاحقًا إلى الخدمة.
ورفع 15 من البحارة المصابين وثلاث من زوجاتهم الدعوى ضد حكومة السودان في 2010 في واشنطن.

ومحل النزاع في القضية هو ما إذا كان إرسال الدعوى لسفارة السودان قد انتهك قانون الحصانة السيادية الأجنبية، وهو قانون أمريكي يسري عند مقاضاة حكومات أجنبية أمام محاكم أمريكية.

وكانت محكمة أمريكية قد قضت قبل سنوات بأن السودان مسئول عن الهجوم؛ لأن منفذي الهجوم تدربا في السودان، وهو ما نفته الخرطوم.

وفي 2012 أمر قاض في واشنطن السودان بدفع مبلغ يزيد على 300 مليون دولار لعائلات الضحايا.

يشار إلى أن زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن أقام في السودان في الفترة من 1992 حتى 1996.

توقيت هذه القضية جعل منها أيقونة، لاسيما أن هذا الانفجار اعتبره البعض "بروفة" مصغرة لانفجارات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، والتي كان وراءها تنظيم "القاعدة".

وبعد نحو عامين من التفجير في نوفمبر 2002، أطلقت عناصر من وكالة المخابرات الأمريكية النار على سيارة كانت تقل أبوعلي الحارثي، وأحمد حجازي على الأراضي اليمنية المتهمين الرئيسيين في هذا الموضوع، وذلك بعد توافر معلومات للوكالة أن الاثنين من المخططين الرئيسيين للعملية

وأصدر قاضٍ اتحادي أمريكي عام 2012، حكمًا ابتدائيًا بتعويض قدره 314.7 مليون دولار على حكومة السودان، بواقع 4 ملايين إلى 30 مليون دولار لكل ضحية، ولاحقًا أمر قاضٍ آخر بعض البنوك الأمريكية بتسليم أصول سودانية بحوزتها، للوفاء بالحكم جزئيًا، وأيدت محكمة استئناف الدائرة الأمريكية الثانية في نيويورك تلك الأوامر في 2015.

وفي يناير من عام 2019، أعلن الجيش الأمريكي، أن اليمني جمال البدوي، العقل المدبّر لاعتداء ضدّ المدمّرة الأمريكيّة يو إس إس كول في ميناء عدن قد يكون قُتل في 1 يناير في اليمن.

وكان القضاء الأمريكي قد وجّه في عام 2003 للبدوي 50 تُهمة تتعلّق بالإرهاب، وذلك لدوره في الاعتداء على يو إس إس كول في أكتوبر عام 2000، ولمحاولته شنّ هجوم على سفينة حربيّة أمريكيّة أخرى في يناير من العام نفسه.

السودان الجديد يحتاج إلى التفرغ لمشكلاته الداخلية، وإعادة ترتيب البيت من الداخل مع التيارات المدنية والأحزاب السياسية،بالإضافة إلى مشكلة دارفور والنيل الأزرق، ولذلك فإن السنوات المقبلة ستشهد تحولات كبيرة في سياسات الخرطوم الخارجية؛ لاسيما علاقتها بدول الجوار، التي يراها خبراء بوابة السودان الحقيقية للانفتاح مع العالم .

2020-637172095753423067-342

2020-637172095754985632-498

2020-637172095754048104-404

2020-637172095754516900-451

أخترنا لك
منظمة الصحة تأمل بانتهاء الجائحة خلال أقل من سنتين

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة