بِقَلَم / مُجَاهِد منعثر مُنْشِد
تَرُدَّنَا عَشَرَات الرَّسَائِلِ عَنْ تَسَلْسَل نُسِب عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ وتطرقنا لِهَذَا الْمَوْضُوعِ فِي كِتَابِنَا تَحْقِيق عَمُودٍ نَسَبِ خَفَاجَة فِي الْأُرْجُوزَة الخفاجية الْكَامِلَة : كَتَبْنَا عَن الْأَمِير عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ الْخَفَاجِيّ (ت 369 هـ ـ 979 م) فِي مذكراتنا ثُمّ بَحْثًا آخِرًا فَاز الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْهُ بِالْمَرْتَبَة الثَّانِيَةِ فِي دَوْرُه الدكتورة أمَال كَاشِفٌ الْغِطَاء فِي السويد عَام 2011 م . . وَتَمّ نَشَر الْجُزْءِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي .
عِمْرَان يَنْتَسِبُ إلَى قَبِيلَةٍ خَفَاجَة وَهُو شَخْصِيَّةٌ فَرِيدَة مِنْ نَوْعِهَا , ذَاع صِيتُهُ فِي الْعَامِ (338هـ – 940م) . وَقَدْ نَصَبَ بَدِيلاً عَنْ وَالِدِهِ الَّذِي تسميت الْإِمَارَة بِاسْمِه الشاهينية حَيْثُ كَانَتْ مَلْجَأ لِكُلّ خَائِفٌ وطريد كَمَا قَالَ يَاقُوتٌ الْحَمَوِيّ .
وَبَعْد احْتِلال المغول لِلْعِرَاق كَان عِمْرَان الْخَفَاجِيّ يَقومُ بِإِصْلاحِ الْخَلَل الاجْتِمَاعِيُّ وَالاقْتِصَادِيُّ وَالْقَهْر السِّياسِيّ بِالْقُوَّة وَحِمَايَة الْفُقَرَاء وإسعادهم فَيَسْتَوْلِي عَلَى قَوَافِل المغولي ويوزعها كغنائم عَلَى الْفُقَرَاءِ مِمَّا دَعَا المغول إلَى مطاردته .
وَلِعِمْرَان بْنُ شَاهِينَ إخْوَةٌ أَشِقَّاءُ هُم (ابو الْفَتْح الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْعُرْبَان . وَأَبُو الْقَاسِمِ ) .
أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ السِّيَرِ والباحثين فِي الْعَصْرِ الحَدِيثِ تَوَهَّمُوا فِي نَسَبِ عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ فَنِسْبَة بَعْضُهُمْ إلَى قَبِيلَةٍ بَنِي سُلَيْمٍ الَّذِينَ هُمْ أَخُوه هَوَازِن , فَوَقَعُوا فِي أَشْبَاهٌ بَيْن الْقَبِيلَة الْمَذْكُورَة وَجَدَه سُلَيْم النّدِي الْخَفَاجِيّ , فَقَالُوا بِأَنَّه عِمْرَانَ السُّلَمِيِّ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ !
لَقَد تناولنا فِي بَحَثْنَا الْمُشَارِ إلَيْهِ أَيْن كَانَت تَقَع مَنَازِل قَبيلَةِ بَنِي سُلَيْمٍ وَهِيَ بَعِيدَةٌ جِدًّا عَنْ الْعِرَاقِ فَضْلًا عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ سِيرَةَ عِمْرَان الْخَفَاجِيّ لَمْ تُذْكَرْ فِي تَارِيخِ قَبيلَةِ بَنِي سُلَيْمٍ لاسيما أَنَّهُ كَانَ أَمِيرًا وَشَخْصِيَّة مَعْرُوفَةٌ . وَفِي خَمْسَةِ عَشَرَ مَصْدَرًا ذُكِرَ بِأَنَّهُ خفاجي .
وَبِهَذَا فَإِن عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ الْخَفَاجِيّ مِنْ فَرْعٍ بَنِي سُلَيمُ الخفاجيين , وسُلَيمُ النّدِي ابْنُ عَوْفٍ بْنِ حَزْنِ بْنِ خًفًاجَةٌ , فأعقب سُلَيمُ النّدِي ( حَميرُ) و حَميرُ أَعْقَب الَقحيفُ الشَّاعِر . والقحيف الشَّاعِر يُعِدْه ابْنُ سَلَامٍ فِي الطَّبَقَةِ الْعَاشِرَةِ مِنْ الشُّعَرَاءِ الْإِسْلَامِيِّين مَع مُزَاحِم ابْنُ الْحَارِثِ الْعُقَيْلِيّ وَيَزِيدُ بْنُ الطثرية وَأَبِي دُوَاد الرُّؤَاسِيّ أَحَدُ بَنِي رُؤَاس ابْنُ كِلَابٍ الْعَامِرِيّ .
وَتُشِير دراساتنا إلَى نُزُوح القحيف فِي الْقَرْنِ الْأَوَّلُ الْهَجَرِيّ إلَى الْعِرَاقِ فِي الْكُوفَةِ .
وَذِكْرُ الْبَعْضِ نُسِب القحيف بِهَذا الشَّكْلِ هُو القحيف بْنُ حِمْيَرٍ بْنِ سُلَيْمٍ النّدِي بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ بْنِ حَزْنِ بْنِ خَفَاجَة , وَاسْمُه مُعَاوِيَة .
وَالْخَطَأ بِذِكْر عَبْدِ اللَّهِ كَوَالِد سُلَيمُ النّدِي . وَالصَّحِيحُ أَنَّ سُلَيمُ وَعَبْدُ اللَّهِ أَخُوه . وَأُمّهُم : هِنْدُ بِنْتُ الأَسْوَدِ بْنِ يَعْمُرَ الشَّاعِر ، وَلَهُ يَقُولُ المرَّا :
تَرَى فصلانة فِي الوِردِ هزلى وَسَمْن فِي المعاري وَالْجِبَال
فَإِن التَّسَلْسُل عَلَى النَّحْوِ الْآتِي :
عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ ( . . . . . . ) بْن القحيف بْنُ حِمْيَرٍ بْنِ سُلَيْمٍ النّدِي بْنِ عَوْفٍ بْنِ حَزْنِ بْنِ خَفَاجَة .
وَالْبَحْث لَا يَزَالُ جَارِيًا عَن الأَجْيَال مِنْ عُمْرَانِ (ت369هـ) إلَى أَجْدَادِهِ وُصُولًا إلَى القحيف (ت125هـ ) , فَعَلَى الْأَقَلّ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ خَمْسَةً إلَى سِتَّةِ أَسْمَاءَ مَنْ الْأَجْدَادِ حَسَب نَظَرِيَّة الأَجْيَال لِابْن خَلْدُون .
هَذَا مَا يَخُصُّ نَسَبَه وَتَارِيخُه حَافِلٌ بالأمجاد البطولية ضِدّ الْمُلُوك الْأَجَانِبُ كَمَا أَشَرْنَا كالمغول , فَضْلًا عَنْ ذَلِكَ تَدَيُّنُه وَإِيمَانُه بالمعتقد الدِّينِيّ وتواصله ولجؤه إلَى ضَرِيح الْإِمَامِ عَلِيٍّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (ع) فِي كُلِّ شِدَّة . وَعَلَى أَثَرِ ذَلِكَ بَنَى رِواق وَمَسْجِد فِي الصَّحْنِ الْمَقْدِس .
هَذَا مَاوَرْد عَنْهُ فِي كِتَابِنَا الْمَذْكُورِ
أَمَّا الْأَبْيَات الْخَاصَّةِ بِهِ وَاَلَّتِي ذَكَرْت أَيْضًا :
عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ مِنْ بَنِي سُلَيمُ النّدِي
عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ أَمِير البطائح مُخَلَّدًا
بَيْنَ الْبَصْرَةِ وواسط فِي الْجَامِدَةِ نَشَأ
وُلِدَ فِي الْقَرْنِ الرَّابِعِ الْهَجَرِيّ وتأمرا
كَذَبَ مَنْ قَالَ إنَّهُ لَصِيق وَمَجْهُولٌ النسبا
وَتُوُهِّمَ مِنْ نِسْبَةِ لِبَنِي سُلَيمُ أَخُوه هوازنا
عِمْرَان خفاجي خَمْسَةَ عَشَرَ مَصْدَرًا تَشَهُّدًا
لِوَالِدِه مَدِينَة الشاهينية فِي ذِي قَار تؤيدا
خُذْ مِنِّي نُسِب عِمْرَان الدَّقِيق مُؤَكَّدًا
هُو رَهْطٍ مِنْ سُلَيمُ النّدِي الْخَفَاجِيّ الشاعرا
سُلَيمُ بْنِ عَوْفٍ بْنِ حَزْنِ بْنِ خَفَاجَة معاويا
سُلَيمُ أَعْقَب حَميرُ فأنجب القحيف شَاعِرًا
وَعِمْرَان مِنْ الْأَوْلَادِ الْحُسَيْن وَالْحَسَن عِقَابًا
وَأَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ وَأَبُو الهيجاء شَاعِرًا
اِسْتَفْحَل عِمْرَان بِإِمَارَتِه فَابْن خَلْدُون يَذْكُرَا
أَرْهَب البويهي عَضُد الدَّوْلَة إذ ظِلّ سَاعِيًا
وَبَنَى فِي صَحْنِ الْإِمَامِ عَلِيٍّ رواقا وَمَسْجِدًا
بِرُؤْيَة داحي بَاب خَبِيرٌ مِنْ أَعْدَائِهِ تَخَلُّصًا
ستبقى آثَار وَتَارِيخ عِمْرَان بِالتَّارِيخ ممجدا