من دروس الحياة .. حريتك تقف عند حدود حرية الآخرين

2021/03/07

أنا.. وأنت.. وهو.. وهي.. جئنا لهذه الحياة وبيننا الكثير من الاختلاف في أشكالنا وطباعنا وكلامنا وأفكارنا وتعبيرنا ولغتنا وخلفيّتنا الثقافية، أيضًا في التعبير عن حرّيتنا، فكل شخص يستطيع أن يعبّر عما بداخله، ولديه القدرة على الكلام، وأن يختار ما يريد، ويفعل ما يريد، وكل خُطوة يخطوها بإرادته، ففي النهاية كل شخص حرّ في أفعاله.

ولكن هنا يأتي السّؤال هل فعلًا أنت حر؟ هل فعلًا تستطيع أن تفعل ما تريدُ في أي وقت؟ وهل من حقك أن تتكلم وتعبر حتى وإن تجاوزتَ الحدود؟

الحقيقة كلنا أحرار في حياتنا، لنا الحق أن نعبر، وأن نقول ونفعل ما نريد، ولكن ضع في الاعتبار أنك لست وحيدًا، لست فردًا واحدًا فقط بالمجتمع، أنت فرد في عالم كبير، أنت فرد في مجتمع يضم جميع أنواع البشر المختلفين في الشكل واللون والطبع والشخصية والديانة والجنسية، لديك عالم مملوء بمختلف الثقافات والأديان والأجناس بالكرة الأرضية، وهنا يصبح مفهوم الحرية مُختلفًا جدًّا، تصبح هنالك قوانين للحرية يجب ألا تتخطاها، هنا يكون الأمر أكثر صرامة، فمفهومك للحرية هنا يصبح أشد حزمًا؛ بمعنى أنك لابد أن تتقيّد ويصبح سقف حريتك محدودًا وليس مفتوحًا.. سقف حريتك سيصلُ لحدّ مُعيّن أو بمعنى آخر مؤشّر حريتك مُحدّد، وليس من حقّك أنْ تتجاوزه.

وهنا ستقول ولكن أنا حرٌّ، وسيكون الردّ لا، فأنت حرٌّ في أن تعبّرَ وتتكلم، ولكن ليس من حريتك أن تستخدم لسانك في أن تتنمّرَ على الآخرين؛ لأنَّ لديهم إعاقة قد وُلدوا بها، وليس لهم يد في الأمر، أو هم مُختلفون في الشكل واللون، أنت حر في أن تعبر عن آرائك، وحر في ألا يعجبك رأي الآخر وتختلف معه، ولكن لست حرًا في أن تفرض آراءك وتجرح الذي أمامك، لست حرًا في أن تسيء للديانات، فكل شخص لديه مذهب أو ديانة، وكونه لديه ديانة مختلفة لست حرًا في أن تسبّه وتسيء إليه، أنت حر في أن تظهر بالمظهر الذي تريده، ولكن لست حرًا في أن تظهر بشيء غير ملائم بالمجتمع الذي أنت فيه، أنت حر عندما تزور بلادًا وتتعرف على ثقافات جديدة، ولكنك لست حرًا عندما تفعل ما تريد وتتعدّى على عادات وتقاليد المجتمع الذي أنت فيه. في الأخير مفهوم الحرية أُسيء استخدامه، فالحرية تكون عندما تريد أن تعبّر عن آرائك وتفعل ما تريد دون الإساءة أو تتخطّى الخطوط، أما إذا كنت تريد أن تمارس الحرية بدون قيود ففي هذه الحالة عليك أن تكون وحيدًا ولا يوجد معك أي فرد، وساعتها تستطيع أن تُمارس حريتك كيفما تريد.

وأما بالنسبة لمفهوم الحرية الإيجابية، فيجب أن تصنع أفكارًا وتعبر عن آرائك بمنتهى الشفافية، وتعلم تمامًا وجود طرفَين مختلفَين سواء في المظهر والشكل والدين والجنسية، وستكون وجهات نظرهما وأفعالهما غير مُتشابهة، ولكن بينهما احترام متبادل لرأي كل منهما، وهكذا تكون الحرية.. الحرية التي يكون فيها وعي، الحرية التي تكون فيها على درجة اليقين وليس الشكّ.. أفعالي وآرائي نابعة من قناعاتي، ولكن في نفس الوقت لا تتعدَّ على الغير ولا تؤذِّهم ولا تهنْهم ولا تحثّ على فرض ما تريد عليهم، هم أيضًا بشرٌ من حقّهم التعبير ومن حقّهم أيضًا أن يشعروا بالأمان من حولهم، وهم يمارسون حرّيتهم ويعبّرون عن آرائهم دون خوف.

أخترنا لك
قراءة في كتاب عشائر الندا وبني جميل القحطانية

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة