بقلم // شاهيناز الفقي
يمضي بنا العمر ونحن نلهث في سباق محموم لتحقيق حلم السعادة، ننذر أنفسنا لأهدافٍ نظن أنها ستحقق لنا الحُلم المنشود، نقضي أيامنا بين التفكير والتخطيط والتنفيذ، والهدف صوب أعيننا، وبعد الوصول لقمة النجاح، نقف في حيرة لنتساءل لماذا لا نشعر بالسعادة وقد تحقق كل ما كنا نصبو إليه؟
لا يوجد إنسان منذ خُلقت الأرض ومن عليها استطاع الوصول لماهية السعادة وكيفيتها، ربما تكون السعادة وهم صنعه البعض أو أمنية مستحيلة، حتى أن تجارة السعادة أصبحت رائجة من خلال أقراص مخدرة تمنح شعورا زائفا بها وتنوعت الأصناف وزاد الأقبال عليها دون اعتبار لأضرارها الشديدة على الإنسان.
لفظ السعادة لم يذكر إلا في موضعين في القرآن في سورة هود.
يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105)
وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108)
السعادة الدائمة لا تكون إلا في الأخرة ولها شرطها وهو تحقيق العبودية والتسليم لله.
أما في الحياة الدنيا فمفهوم السعادة يتحقق من خلال الرضا، وذلك ليس بالأمر اليسير على النفس، أن ترضى عن أحوالك رغم عناء العيش، وترضى عن البشر على اختلاف طباعهم، وترضى عن القدر رغم تقلباته، الأمر ليس هينًا ولكنه ليس بالمستحيل.
هناك خطوات للسير في الطريق للسعادة، أولها هو الرضا عن الله، فإذا كان اليقين والثقة بالله أصل ثابت لا يتزعزع داخل نفوسنا سنستقبل كل ما يصيبنا في الحياة بطمأنينة ويقين أن كل ما يرد لنا من الله خيرًا.
الخطوة الثانية أن نؤمن بالاختلاف وأن الكون قائم على التكامل. الاختلاف بين البشر وبعضهم نتيجة لظروف البيئة والتعليم وتجارب الحياة هو رحمة من الله وليس سبب للتنافر والانشقاق، فنلتمس الأعذار ونرمم الخلافات ونسد شقوق التناحر حتى لا تتصدع العلاقات تاركة خلفها جروحًا وآلامًا تتمدد داخل النفس فتحرمها السكينة والسعادة.
السعادة في الحياة هي أمر يمكن تعلمه وخضوعه للتدريب والممارسة والتصميم.
اقتطع من يومك لتدرب نفسك على السعادة، مارس الأنشطة التي تحقق لك شعور بالراحة النفسية، ذلك أمر يختلف من شخص لأخر، سماع الموسيقى، ممارسة الرياضة، مصاحبة الأصدقاء والنظام الغذائي الصحي كلها أمور تتفاوت في تحقيق السعادة من إنسان لأخر، لكل شخص التصميم الخاص به، ليتخير من كتالوج السعادة ما يلائمه.
في الختام علينا أيضًا أن نعي أن القلوب بيد الله وكلما كنا لله أقرب كلما أفاض علينا من معين الرضا لينمو بداخلنا شعور السعادة ويزهر.