أمراء خفاجة في ظل الخلافة العباسية الاخيرة

2020/02/01

بقلم / مجاهد منعثر منشد
حسب المصادر التاريخية المتاحة لدينا لم نعثر على وجود علاقة بين زعماء خفاجة مع خلفاء بني العباس في العصر الاول والثاني والثالث . وفي تلك الحقبة الزمنية كان الخفاجيون يجتمعون ببيشة ورانية (بوزن أكلة) ,وهما واديان :اما بيشة فيصب من اليمن ,و أما
رانية فيصب من السرة ,سرة تهامة ,وهو واد واسع له روافد كثيرة.
والثابت تاريخياً بأنهم دخلوا العراق بداية القرن الرابع الهجري (301ـ 400) , ولا نستبعد وجود أفراد او بيوت من القبيلة توطنوا الكوفة في القرن الاول الهجري , لا سيما كحقيف الشاعر (ت 125هـ).
وسجلت لنا المصادر التاريخية أول حادثة لخفاجة مع مماليك الخليفة العباسي المستنجد في بغداد , وهما أرغش الذي كان على الكوفة والحاكم قيصر على الحلة , إذ اجتمع بنو خفاجة إلى الحلة والكوفة عام 356هـ ,وطالبوا بإعطائهم إقطاعيات ينالون منها مايكفيهم من الثروة والمعاش والتموين , فمنعوا بني خفاجة , فأخذوا بالقوة مايريدون ,خرجوا إليهم في أثرهم , واتبعوهم إلى الرحبة ,فطلبوا الصلح ,فلم يجيبهم أرغش ولا قيصر ,فقاتلهما بنو خفاجة ,وهزموا عسكرهما ,وقتل قيصر ,وهرب أرغش إلى الرحبة ,فاستأمن له و إليها من بني خفاجة ,فجهزت خلافة بغداد جيشا بقيادة عون الدين هبيرة ,لطلب خفاجة ,فدخلوا البادية ,وسارت خفاجة إلى البصرة ,ثم حدث صلح بينهم وبين قائد الخليفة.,
وفي الجنوب العراقي إبان العصر العباسي الاخير أسس الأمير شاهين الخفاجي والد الامير عمران (أمير البطائح ) مدينة العمرانية والشاهينية في ذي قار .
وأن إمارة الأمير عمران بن شاهين الخفاجي كانت في سنة 369هـ ـ أما تأثيره ونفوذة السياسي فكان سنة 335هـ اذ حصل على موافقة أبوالقاسم البريدي على حماية البطائح والاهواز .
وعمران بن شاهين من فرع بني سُلَيمُ الخفاجيين , من ذرية القحيف بن حمير بن سليم الندي بن عوف بن حزن بن خفاجة.
وهو شخصية فريدة من نوعها ,ذاع صيته في العام (338هـ – 940م) .وقد نصب بديلا عن والده الذي تسميت الامارة باسمه الشاهينية حيث كانت ملجأ لكل خائف وطريد كما قال ياقوت الحموي .
وبعد احتلال المغول للعراق كان عمران الخفاجي يقوم بإصلاح الخلل الاجتماعي والاقتصادي والقهر السياسي بالقوة وحماية الفقراء وإسعادهم فيستولي على قوافل المغولي ويوزعها كغنائم على الفقراء مما دعا المغول إلى مطاردته.
وقبل قيام دولة بني عقيل قامت الدولة الخفاجية عام 374هـ , إذ قلد الخليفة العباسي في بغداد المتزوج من ابنة عضد الدولة الخليفة الطالع لله ( 363ـ 381هـ) بن المطيع لله بن المقتدرالعباسي ( 334ـ 363هـ) الأمير أبو طريف عليان بن ثمال الخفاجي حماية الكوفة .وهذا نص الكتاب :
من الخليفة العباسي , لأبي طريف عليان الخفاجي , من انشاء هلال الصابي :
كتاب الخليفة العباسي الطالع لله بتولية الأمير أبو طريف عليان بن ثمال الخفاجي على ولاية الكوفة وما حولها سنة 374هـ.
((قد رأينا تقليدك أطال الله بقائك ,الحماية على الكوفة وأعمالها وما يجري معها , ثقة بشهامتك وغنائك ,وسكونا إلى استقلالك ووفائك , واعتقاداً لاصطناعك ,وحسن ظن بك في شكرك ما يسدى إليك , ومقابلة بما يحق عليك من الآثر الجميل فيما تولاه , والمقام الحميد فيما تستكفاه, فتولى ـ أيدك الله ـ ذلك مقدما تقوى الله ومراقبته ,ومستمدا توفيقه ومعونته , واحرس الرعية في مساكنها , والسابلة في مسالكها ,وأدفع عن عملك ونواحيه أهل العبث جميعا , وأطلب طلبا شديدا , واطرقهم في مكامنهم ,وتولج عليهم في مكانهم , وتكل بمن تظفر به اتكالا, ليقيم حكم الله عليه وحدوده في أحكامهم , وامنع قويهم من تحيف المضعوف وشريفهم من استضافة المشروف , وأوليهم عدلك وحسن سيرتك واستقامة ما يصل عليه شكرك ,ويطيب به ذكرك ,ويقتضي لك دوام الولاية وتضاعف العناية .
واعلم بأنك فيما وليته من هذا الآمر متضمن للمال والدم ,ومأخوذ بكل ما يهمك من ذمة ومحرم , فليكن اجتهادك في الضبط والحماية ,واحتراسك من الاهمال والاضاعة بحسب ذلك ,واكتب بأخبارك على سياقها واثارك بأوقاتها ,ليضل لك الاحماد عليها ,والمجازاة عنها ,أن شاء الله تعالى)) .
ونسب الأمير أبوطريف الذي كان من ارباب السيف والجاه , وممن يكتب لهم في ديوان الخلافة العباسية من أرباب العهود .
هو هذا : علوان أو عليان أبو طريف بن ثمال بن مهدي بن سلمان بن حزن بن ربيع بن حزن بن الصحابي الربيع بن معاوية الاغر بن خفاجة (معاوية).
و في عام 393هـ قامت الحرب بين ابى جعفر الحجاج نائب بهاء الدولة على العراق وبين عميد الجيوش العباسية بنواحي النعمانية وكانت بنو خفاجة مع أبو جعفر فانهزم ابو جعفر ورجع إلى الكوفة واستنجد ببني خفاجة واستنجد عميد الجيوش ببني عقيل وبني اسد ودارت بين الفريقين معركة طاحنة.
و في عام 399هـ حدثت فتنة بالكوفة بين العلويين والعباسيين فاستعد كل واحد منهم ببني خفاجة فأمدوهم وافترقوا عليهم واقتتل العلويون والعباسيون.
و خرج الأمير محمود الاخرم (446هـ ـ 465هـ) عن الولاء لبني العباس في سنة 447هـ وخطب للخليفة الفاطمي المستنصر بالله صاحب مصر , وبعد أن استرضاه طغرلبك عاد إلى الولاء للخلافة العباسية سنة 449هـ .
وفي عام 555هـ توفي المقتفي العباس فيويع ابنه المستنجد خليفة وفي حينها كان لخفاجة نفوذ واسع .
وفي فترة سقوط بغداد بيد المغول عام 656هـ لجأ الحاكم بن علي من ذرية المستظهر بن المقتدى العباسي الى (أمير خفاجة ) الأمير حسين بن فلاح الخفاجي في بغداد ,فأقام عنده مدة ,ثم أوصله إلى دمشق .
ونسب الأمير حسين هو : حسين بن فلاح بن عامر بن محمد بن احمد بن سيف بن عامر صاحب قصر الاخيضر المعروف بالأمير محمود الاخرم بن ضرغام بن حسان بن منيع بن ابو الفتيان منيع بن حسان بن علوان أو عليان ابو طريف بن ثمال بن مهدي بن سلمان بن حزن بن ربيع بن حزن بن الصحابي الربيع بن معاوية الاغر بن خفاجة (معاوية).
النتائج
1.خفاجة لعبت دوراً في مقاومة المغول وساهمت في إعادة الخلافة العباسية للقاهرة بعد سقوطها في بغداد عام 656هـ .
2.في ظل الخلافة العباسية ظلت إمارة خفاجة ثلاثة قرون متتالية نافذة ومؤثرة في الحياة السياسية والعسكرية .
3.أن الكتب التاريخية بقيت تشير إلى لقب أمير خفاجة حتى بعد نهاية الخلافة العباسية في بغداد بقرنين من الزمن .
أخترنا لك
«كن بخير»

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة