حوار إيمان عبدالعزيز
ـ طموحاتي لا حدود لها.. وفي كل مجال أخوضه أشعر أنني في حالة تحدٍ مع نفسي
ـ الجائزة خطوة مهمة في مشواري الأدبي.. و"يا شمس أيوب" تُعبر عن حال الطبقة المهمشة
ـ القصة القصيرة طلقة تمكن الكاتب من إصابة الهدف مباشرة وإحداث تأثير مباشر
ـ أعكف حاليًا على بناء نظرية نقدية خاصة بي ودافعي عدم وجود نظرية نقدية عربية خالصة
ـ نعيش حالة من التخبط واختلاط الأجناس وعشوائية النشر.. والعبرة بالجودة وليست بالنوع
ـ الناقد بمثابة مصباح ينير الطريق للكاتب.. ولكن لا يوجهه
مبدعة بلون مختلف.. ترى في كتاباتها الواقع متجسدًا بكل آلامه وآماله.. تستشرف المستقبل، قبل أن تعود بك للماضي الجميل.. كما تلمح بين سطورها آفاقًا من الخيال.. فيضًا من أحلامٍ بعالم أفضل وأزمنة تليق بإنسان.. الإنسان.. بكل مشاعره وقيمه ومعاناته وأحلامه.. الإنسان فقط.. محور كتاباتها الرئيس ومُنطلق أفكارها.. صدرت لها العديد من الأعمال الأدبية المهمة من بينها: رواية "سعيدة.. ملحمة العشق والحرية"، رواية "سنوات التيه"، ومجموعة قصصية بعنوان"الدبلة المحبس"، إضافة إلى قصص قصيرة مترجمة للإنجليزية في كتاب حكايات النيل، كما شاركت بقصص رعب في كتاب بعنوان "الأرض الملعونة"، وبدراسات نقدية في كتاب "تمظهر التجديد في بنية السرد في القصة القصيرة للدكتورة نجاة الجشعمي من العراق".. نالت عددًا من التكريمات والجوائز لن يكون آخرها تتويجها ـ منذ أيام ـ بجائزة تحمل اسم الراحل العظيم إحسان عبدالقدوس عن روايتها "يا شمس أيوب"..
إنها الكاتبة والقاصة والروائية شاهيناز الفقي عضو اتحاد كتاب مصر، عضو نادي القصة المصري، عضو نادي أدب مصر الجديدة، وعضو الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما.. التقيناها فكان الحوار التالي:
بدايةً.. خضتِ العديد من التجارب في معظم ميادين الكتابة الأدبية، شعرًا وسردًا من خلال القصة القصيرة والرواية، بعد تلك التجارب الثرية.. في أي الألوان الأدبية وجدت شاهيناز الفقي ضالتها؟
الإبداع لا يتجزأ وتجاربي في كتابة الشعر والخواطر قادتني لكتابة الرواية والقصة القصيرة، الرواية تعطي للكاتب المساحة الكافية للتعبير عن أفكاره من خلال الأحداث والشخصيات، القصة القصيرة هي طلقة تمكن الكاتب من إصابة الهدف مباشرة وإحداث تأثير مباشر، وفي النهاية كل لون أدبي له مذاق ومتعة أثناء كتابته، أما ضالتي فلم أجدها بعد واعتبر نفسي في كل عمل في مرحلة التجريب، لذلك نلاحظ أن كل رواية مختلفة تماما عن الأخرى من حيث الموضوع واللغة والأسلوب والتكنيك وكذلك المجموعة القصصية، ولا يستطيع أحد أن يتكهن بما سوف أكتبه لأنني في محاولة دائمة للتغيير والتطور.
لكِ بعض الكتابات في مجال الدراسات النقدية.. لكنا لم نرَ مضمومة مطبوعة كاملة تحمل اسم شاهيناز الفقي.. هل ننتظر صدور ذلك العمل النقدي المتكامل؟
أهتم بالنقد وقمت بدراسة النظريات والمناهج النقدية بصورة موسعة وشاملة وحاليا أعكف على بناء نظرية نقدية خاصة بي، ودفعني لذلك أنني حينما درست النقد لم أجد نظرية نقدية عربية خالصة وإنما معظم الكتابات في النقد كانت نقلا عن الغرب، ويحاول معظم النقاد لي عنق الروايات العربية لتوائم النظريات الغربية، وأعتقد أننا قادرين على خلق نظرية تتماشى مع التطور والاتجاه الحديث في الرواية العربية، الكتاب سيصدر قريبا بإذن الله وأعتقد أنه سيكون له تأثير مهم وسيكون إضافة للمكتبة العربية في النقد.
يرى الكثيرون من المبدعين في الجوائز والتكريم تكليلًا لجهد متواصل ودافعًا نحو المزيد من الإنتاج الأدبي المتميز.. هل تحمل الجوائز المعنى نفسه للكاتبة شاهيناز الفقي، وآخرها جائزة إحسان عبد القدوس.. وأي الجوائز والتكريم ترينه الأقرب إلى قلبك.
الجائزة حافز للكاتب والتكريم يسعده، بالتأكيد أسعد عند حصولي على جائزة أو تكريم، خاصة إذا جاء من جهة أو مؤسسة كبيرة لها قيمتها ومصداقيتها، فهذا يعطي انطباعًا أن الكاتب مبدع وكتابته تستحق بالإضافة إلى أن القارئ المصري أو العربي يضع ثقته كاملة في العمل الحاصل على جائزة، رغم تحفظي الشديد، لأن من وجهة نظري أن هذا يظلم الكثير من الكتابات المتميزة، ولكن أتحدث عن واقع، فالقارئ يبحث عن عدد الطبعات والجوائز ليقبل على قراءة العمل، أما التكريم الأقرب إلى قلبي أحصل عليه عندما يرسل لي أحد القراء رأيه في رواية أو قصة، وهذا هو التكريم الأبقى للكاتب والذي يجب أن يسعى إليه.
نالت روايتك "يا شمس أيوب" جائزة إحسان عبدالقدوس أفضل رواية عام 2020.. حدثينا عن هذه التجربة.
جائزة تحمل اسم الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس هي جائزة مهمة ولها قيمتها التي تنبع من اسم كاتب أثرى المكتبة العربية بتاريخ طويل من الروايات والقصص، وأعتقد معظمنا اكتسب حب القراءة في مرحلة من حياتنا من خلال رواياته، وحصولي على الجائزة أسعدني وأعتبرها خطوة مهمة في مشواري الأدبي، أما رواية "يا شمس أيوب" فهي الرواية الثالثة بعد سعيدة "ملحمة العشق والحرية" ورواية "سنوات التيه"، تتناول فترة مهمة من تاريخ مصر وتعبر عن حال الطبقة المهمشة والتحول الاقتصادي والاجتماعي الذي حدث نتيجة التغيرات السياسية في تلك المرحلة.
يلجأ العديد من المبدعين الشباب للقصة القصيرة، باعتبارها ـ في نظرهم ـ الجنس الأدبي الأسهل من الرواية والشعر.. كيف ترين تلك المقولة؟
لا أتفق مع هذه المقولة، القصة القصيرة من أصعب الأجناس الأدبية لأن الكاتب يعبر عن فكرة قد تكون عميقة ومؤثرة ولها أبعاد كثيرة في بضعة أسطر، مما يضطر الكاتب أن يلجأ للإيجاز والتكثيف واختيار المفردات بعناية شديدة، والقصة القصيرة ليست حكاية أو حدوتة ويحزنني أن أجد مجموعات قصصية عبارة عن حواديت وخواطر، وأجد كُتّابًا ليس لديهم أدنى درجات المعرفة بأسس كتابة القصة القصيرة.
الرواية كون صغير يحاكي الكون الكبير.. وعلى هذا الأساس يرى المتلقي في الرواية عالمًا يعيش داخله على عكس الشعر والقصة القصيرة، هل نستطيع أن نقول "إننا في زمن الرواية"؟
"نحن في زمن الأدب الجيد" أتمنى أن تسود هذه العبارة وتصبح شعار المرحلة التي نعيش فيها حالة من التخبط واختلاط الأجناس الأدبية وعشوائية النشر، كل لون أدبي له عشاقه وقراؤه، الإقبال على الرواية لا ينفي وجود قراء للأجناس الأخرى.. الفترة التي كان فيها نجيب محفوظ متربعًا على عرش الرواية كان يوسف إدريس ملك القصة القصيرة، لا يمكن حصر الأجناس الأدبية في لون واحد ونفرضه على القراء، ومن العجيب أن دور النشر تساهم في التأسيس لزمن الرواية برفضهم نشر المجموعات القصصية، وتركيزهم على نشر الروايات، رغم أنه من وجهة نظري يجب أن تكون العبرة بالجودة وليس بالنوع.
يختلف تعاطي النقاد مع الأعمال الأدبية حسب المدرسة التي ينتمي إليها الناقد الأدبي.. كيف تأثرت شاهيناز الفقي برؤى النقاد سلبًا وإيجابًا؟
استفدت كثيرا من النقد ولم أتأثر به، الناقد للعمل الأدبي بمثابة مصباح ضوء ينير الطريق للكاتب، ولكن لا يوجهه في أي طريق يسلك، والنقاد أنواع، نجد الناقد الذي يجامل بشكل فج حتى يفقد مصداقيته، وناقد يمسك بمعول ليهدم العمل من أساسه.. وهؤلاء النقاد عادة بعد فترة ينصرف عنهم الكتاب ولا يستمعون لهم، أما الناقد المعتدل فهو الناقد الذي يسلط الضوء على العمل بعيوبه ومحاسنه.
حدثينا عن طموحاتك في مجال الكتابة والإبداع الأدبي، وما مشروعاتك الأدبية القادمة؟
طموحاتي لا حدود لها، في كل مجال أخوضه أشعر أنني في حالة تحدٍ مع نفسي، وأنا حاليا بصدد نشر مجموعة قصصية جديدة حاولت أن تكون مختلفة من حيث الأفكار والأسلوب واللغة، وعادة لا أضع خططًا لمشروعاتي القادمة؛ لأن العمل يفرض نفسه على تفكيري ويطاردني حتى أطلق سراحه على الورق.